مدونات

هل تغلق إيران مضيق هرمز؟ خطر محتمل يهدد إمدادات الطاقة العالمية

تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل يفتح أبواباً خطرة

مع استمرار التصعيد بين إيران وإسرائيل، تزداد احتمالات توسيع رقعة المواجهة. لم تعد المعارك محصورة في المجالات العسكرية. بل باتت تهدد المنشآت الاقتصادية الحيوية، خاصة النفط والغاز. وقد أعاد هذا التصعيد الحديث مجددًا عن مضيق هرمز، أهم ممر بحري للطاقة في العالم.

الضربة الأولى: إسرائيل لم تمس النفط مباشرة ولكن…

في الضربة الأولى يوم الجمعة، لم تستهدف الغارات الإسرائيلية أي منشآت نفطية. هذا الامتناع ساهم في تهدئة الأسواق مؤقتاً. لكن ذلك لم يدم طويلاً. فاليوم، أفادت وسائل إعلام إيرانية باندلاع حريق ضخم في حقل “بارس الجنوبي” للغاز، بمحافظة بوشهر جنوب إيران. هذا الحقل يقع قرب الخليج العربي، بالقرب من الحدود البحرية مع قطر.

حريق بارس الجنوبي: بداية استهداف البنية التحتية للطاقة

الهجوم أدى إلى حريق ضخم في المرحلة الرابعة من مصفاة بارس. مقاطع الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل المحلية أظهرت مشاهد مرعبة. وأكدت وكالة تسنيم أن الحريق اندلع في إحدى الوحدات الأربع ضمن المرحلة 14 من الحقل. وتوقف على إثره إنتاج ما يقارب 12 مليون متر مكعب من الغاز مؤقتاً. ويُنتظر استئناف الإنتاج بعد الانتهاء من أعمال الترميم والصيانة.

وزارة النفط الإيرانية: السيطرة على الحريق ولكن الخطر قائم

بعد ساعات من الحادث، أعلنت وزارة النفط الإيرانية أنها سيطرت على الحريق في حقل بارس الجنوبي. وشمل ذلك أيضاً مصفاة “فجر جم” جنوب غرب البلاد. ورغم السيطرة، إلا أن الحادث كشف هشاشة البنية التحتية للطاقة. كما كشف استعداد إسرائيل لنقل المعركة إلى مناطق غير مسبوقة.

استهداف غير مسبوق للجنوب الإيراني

لأول مرة تستهدف إسرائيل المنطقة الجنوبية من إيران. هذه المنطقة تطل على الخليج، وتشكل موقعاً بالغ الحساسية استراتيجياً واقتصادياً. هذا التطور الخطير يشير إلى مستوى جديد من التصعيد، قد لا يكون محدوداً في نطاق الجغرافيا الإيرانية وحدها.

هل تُقدم إيران على إغلاق مضيق هرمز؟

نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن إسماعيل كوثري، عضو لجنة الأمن في البرلمان، أن طهران تدرس “بجدية” إغلاق مضيق هرمز. هذه الخطوة قد تبدو مستبعدة لكنها مطروحة بجدية. لأن هذا المضيق يشكل نقطة التحكم الأهم بإمدادات الطاقة العالمية. ويُعتبر شريان الحياة للاقتصاد الصناعي الحديث.

مضيق هرمز: الرئة الاقتصادية للعالم الصناعي

يقع مضيق هرمز بين سلطنة عُمان جنوباً وإيران شمالاً. يربط بين الخليج العربي وخليج عُمان وبحر العرب. ويبلغ عرضه 33 كيلومتراً عند أضيق نقطة. أما ممرات الدخول والخروج فلا تتجاوز 3 كيلومترات في كل اتجاه. وهذا يعني أن أي حادث بسيط قد يشل الحركة تماماً.

كمية النفط التي تمر عبر المضيق مذهلة

يمر عبر مضيق هرمز نحو خمس استهلاك العالم من النفط. أي ما يعادل قرابة 20 مليون برميل يوميًا. وهذا يشمل النفط والمكثفات والوقود بأنواعه. معظم هذا النفط يأتي من السعودية، إيران، الإمارات، الكويت، والعراق. هذه الدول تعتمد بشكل شبه كلي على المضيق لتصدير نفطها، خصوصاً إلى آسيا.

الغاز الطبيعي المسال… القصة الكبرى الأخرى

لا يقتصر الاعتماد على النفط. بل إن قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال، تصدر تقريبًا كل إنتاجها عبر المضيق. وتغطي هذه الصادرات ما يقارب ربع الاستهلاك العالمي من الغاز الطبيعي المسال. أي إغلاق للمضيق سيعني كارثة اقتصادية دولية، خصوصاً في أوروبا وآسيا.

هل توجد بدائل حقيقية للمضيق؟

نعم، هناك بعض الخطوط البديلة. لكنها ليست كافية. على سبيل المثال:

  • خط الشرق-غرب السعودي: ينقل النفط من المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر.
  • خط حبشان-الفجيرة الإماراتي: ينقل النفط إلى ميناء الفجيرة على خليج عمان خارج مضيق هرمز.

ورغم وجود هذه الخطوط، أكدت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن الطاقة غير المستغلة فيها لا تتجاوز 2.6 مليون برميل يومياً. وهو جزء ضئيل جداً مقارنةً بـ 20 مليون برميل تمر يومياً عبر المضيق.

ماذا لو أُغلق مضيق هرمز؟ السيناريو الأسوأ

إذا أقدمت إيران على إغلاق المضيق، فإن حركة التجارة الدولية ستتضرر بشدة. الأسعار سترتفع بشكل صاروخي. الأسواق ستنهار مؤقتاً. الدول الصناعية ستدخل في حالة ذعر اقتصادي. ورغم أن هذه الخطوة ستُعتبر تصعيداً مباشراً ضد الغرب، إلا أنها لن تُلحق ضرراً مباشراً بإسرائيل.

باب المندب: أزمة قد تتوسع في البحر الأحمر

في حال دخلت جماعة الحوثي اليمنية على خط الأزمة، فقد يغلقون باب المندب أيضاً. هذا الممر يقع في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر. ويعتبر ممراً حيوياً للسفن المتجهة من وإلى قناة السويس. إغلاقه مع مضيق هرمز سيجعل وصول النفط الخليجي إلى آسيا وأوروبا شبه مستحيل.

إسرائيل ليست في مأمن من الرد الإيراني

إذا استهدفت إسرائيل منشآت النفط الإيرانية مجددًا، فقد ترد طهران باستهداف منشآت الطاقة الإسرائيلية. وأبرز الأهداف المحتملة:

  • مصفاة حيفا في الشمال.
  • مصفاة أسدود في الوسط.
  • منصات الغاز البحرية مثل تمار وليفياثان وكريش.

استهداف هذه المواقع سيشكل ضربة كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي. هذا الاقتصاد يعاني بالفعل من أعباء الحرب المستمرة على غزة منذ 20 شهراً.

الخليج قد يدخل في دائرة الردود المتبادلة

قد لا تقتصر الردود الإيرانية على إسرائيل وحدها. بل قد تُوسع إيران دائرة الهجمات لتشمل منشآت النفط في الخليج. وذلك من باب الرد على وقف صادراتها النفطية، بتعطيل صادرات الآخرين أيضاً. هذا يعني إدخال كامل المنطقة في حالة فوضى طاقوية غير مسبوقة.

الأسواق تنتظر وتتحسس الخطر

الأسواق العالمية تتابع عن كثب التطورات بين إيران وإسرائيل. كل هجوم جديد يرفع درجة القلق. وكل تهديد بإغلاق المضيق يدفع الأسعار للارتفاع. ومع انعدام الاستقرار السياسي والعسكري، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة.


خلاصة: هل نقترب من لحظة الحقيقة؟

إغلاق مضيق هرمز لم يعد مجرد تهديد إعلامي. بل بات خياراً تدرسه طهران بجدية. وإذا حدث، فإن العالم كله سيدفع الثمن. لن تقتصر الخسائر على منطقة الخليج. بل ستشمل أوروبا، آسيا، وحتى الولايات المتحدة. وسيتأثر كل بيت، وكل شركة، وكل حكومة.

في نهاية المطاف، سؤال (ماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز؟) لم يعد مجرد سيناريو نظري. بل تحول إلى احتمال واقعي. احتمال قد يعيد تشكيل الخريطة الاقتصادية والجيوسياسية للعالم من جديد.

اقرأ كذلك: كيف خدعت إيران الدفاعات الجوية الإسرائيلية؟ تحليل شامل لقدرات الصواريخ والمسيّرات الإيرانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات