مدونات

كيف نجحت القضية الفلسطينية في جلب تعاطف العالم على الرغم من تشديد الحكومات؟

موجة التضامن العالمية مع فلسطين: دول وشخصيات بارزة تدين الاحتلال وتدعم القضية الفلسطينية

في الوقت الذي يستمر فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي في التصريح برغبته في مواصلة حربه على قطاع غزة حتى النهاية.  رغم الخسائر الكبيرة التي منيت بها المنطقة. حيث سقط أكثر من 19 ألف شهيد فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء. يظهر الواقع أن القضية الفلسطينية لا تزال تجمع مؤيديها وأنصارها يومًا بعد يوم.

يسعى هذا التقرير إلى استعراض التزايد الملحوظ في حركة التضامن العالمي مع غزة والقضية الفلسطينية. وذلك منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. إن هذا التضامن العالمي يتجلى في توجيه الدعم والتأييد من مختلف أنحاء العالم. على الرغم من التحديات والتهديدات التي تواجهها هذه الحركة. وبشكل خاص في الدول الغربية.

تباينت مظاهر التضامن العالمي بمختلف أشكاله وأشكاله. وقد شهدت مظاهر مختلفة من التظاهرات والمظاهر السلمية وحملات التوعية الشعبية. تجدر الإشارة إلى أن هذا التضامن لا يقتصر على الجماهير العادية فقط. بل يشمل أيضًا عددًا متزايدًا من المنظمات غير الحكومية والنشطاء الذين يعملون على نشر الوعي بقضية غزة والفلسطينيين في جميع أنحاء العالم.

على الرغم من الجهود الدعائية والسياسية الكبيرة التي يبذلها جيش الاحتلال. إلا أن هذا التزايد في التضامن العالمي يشكل دليلاً على أن القضية الفلسطينية لا تزال حية وقائمة في وجدان الكثيرين. وأنها تستمر في جذب دعم جديد ومستمر في مواجهة التحديات المستمرة.

تضامن العالم مع القضية الفلسطينية

منذ بداية الحرب الهمجية على غزة، التي استهدفت بشكل خاص النساء والأطفال. اندلعت مظاهرات تعبيرًا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء العالم. في العاصمة النيوزيلندية ويلينغتون. خرج الآلاف إلى مبنى البرلمان مرفوعين أعلام فلسطين وهتفوا “فلسطين حرة” . في النرويج، قرر المتظاهرون الاحتجاج بالاستلقاء أمام محطات القطار المركزية في العاصمة، مرتدين أكفانا ملطخة بالدماء احتجاجًا على الاحتلال. أما في أيرلندا، فلم يتوقف التضامن مع القضية الفلسطينية من الأيام الأولى للحرب، حيث امتد إلى ملاعب كرة القدم. حيث أطلقت الجماهير هتافات تعبيرًا عن تضامنها مع غزة وفلسطين، وتبرعت الأندية الرياضية لصالح أهالي غزة.

رغم صمت الحكومة اليابانية إزاء ما يجري في غزة نتيجة لمخاوفها من تأثير ذلك على العلاقات الاقتصادية مع دولة الاحتلال. خرجت مظاهرات حاشدة في طوكيو للتنديد بسلوكيات إسرائيل. وفي لندن. شهدت الشوارع مظاهرات غير مسبوقة للتضامن مع فلسطين، شارك فيها مئات الآلاف وفقًا لتقديرات الشرطة نفسها. رغم التهديدات والاعتقالات التي تعرض لها مناصرو فلسطين. وفي النمسا. لم تمنع الثلوج والحظر المفروض على المظاهرات المناصرة للقضية من تجمع المتظاهرين الذي هتفوا من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار.

تضامن العالم مع فلسطين في يوم حقوق الإنسان

مع اقتراب يوم حقوق الإنسان في 10 ديسمبر، شهدت أوروبا مظاهرات تعبيراً عن التضامن مع الشعب الفلسطيني. في بلجيكا، خرجت المظاهرات بالأعلام الفلسطينية وشعارات تطالب بوقف الحرب الانتقامية لجيش الاحتلال وإنهاء الإبادة الجماعية في غزة. وأعلام فلسطين رفعت عالياً . بينما في ألمانيا. تم توجيه الانتقادات بشكل أكبر نحو الحكومة بسبب دورها في الحرب، حيث هتف المتظاهرون: “ألمانيا تموِّل وإسرائيل تقصف”. وبعض السكان في برلين رفعوا الأعلام الفلسطينية تعبيراً عن تضامنهم .

في السويد، نظمت مظاهرة أخرى في العاصمة ستوكهولم تطالب بوقف النار فوراً وإدخال المساعدات إلى غزة دون شروط. ودعت صراحة إلى مقاطعة إسرائيل. وفي هولندا، كانت الهتافات جريئة بما فيه الكفاية. حيث تم ترديد هتاف “من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر”، وهاجمت الهتافات مباشرة الحكومة الهولندية.

من ناحية أخرى، بدأ 800 موظف في الاتحاد الأوروبي منذ الأيام الأولى للحرب بكتابة عريضة لرئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين” احتجوا فيها على تحيز الاتحاد لصالح إسرائيل وطالبوا بالسعي لوقف المذبحة ضد الفلسطينيين. مشددين على أن تلك الحرب لا تتوافق مع القيم التي بني عليها الاتحاد الأوروبي.

وبالإشارة إلى قطاع الأزياء، ارتفعت مبيعات “الكوفية” الفلسطينية بشكل كبير في الولايات المتحدة منذ بداية أكتوبر وحتى الآن، على الرغم من تعرض مُرتَديها للاعتداءات اللفظية والجسدية في بعض الأحيان. إن التضامن مع القضية الفلسطينية يستمر حتى في الدول الغربية، رغم تحالف الحكومات الغربية لحماية إسرائيل. وهذا أدى إلى حدوث أزمات واحتجاجات متكررة في صفوف المتضامنين مع القضية الفلسطينية في الأسابيع الأخيرة منذ أكتوبر 2023.

التحديات التي تواجه التضامن مع فلسطين

بحسب “إستر ميجور”، نائبة مديرة البحوث في منظمة العفو الدولية بأوروبا. تشير التقارير إلى أن العديد من الدول الأوروبية قامت بتقييد حق الاحتجاج من أجل فلسطين بشكل غير قانوني. إذ استهدفت إجراءات هذه الدول حتى الأعلام الفلسطينية والهتافات من أجل فلسطين. وشهدت وحشية في التعامل مع الاحتجاجات وحتى حظر الاحتجاجات المتضامنة مع فلسطين في بعض الأحيان.

وبحسب “أنس مصطفى”، الناشط في منظمة “سي إيه جي إي” الحقوقية في بريطانيا. فإن التضامن مع فلسطين أصبح جريمة على نحو متزايد في أوروبا. ويشهد القارة حملة قمع غير مسبوقة ضد النشاط الفلسطيني. وأعلنت الشرطة البريطانية أنها لن تتسامح مع أي شخص يُظهر تعاطفا مع المقاومة الفلسطينية المسلحة .

بشكل مماثل في ألمانيا، تعرض ناشطون مناصرون للقضية للاعتداء من قبل الشرطة بسبب هتافاتهم من أجل حرية فلسطين، وتم حظر شبكة “صامدون” المتضامنة مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. وقد تلقى النشطاء الفلسطينيون شكاوى من انتهاكات حكومة “أولاف شولتز”. حيث تم ابتزازهم بأوراق إقامتهم وتم وقف التعامل مع الصحافيين المتضامنين مع القضية الفلسطينية.

وفي الولايات المتحدة، وصل عدد المستهدفين بسبب التضامن مع فلسطين إلى 260 حالة. وشملت تلك الحالات الطرد من الوظائف وإلغاء عقود العمل بسبب منشورات مدافعة عن فلسطين على وسائل التواصل الاجتماعي، علاوة على تصريح مجموعة من المسؤولين التنفيذيين في “وول ستريت” بأنهم لن يوظفوا أي طالب وقَّع على بيانات داعمة لفلسطين.

إن عواقب التضامن مع فلسطين تكون ثقيلة، كما نرى في الدول الغربية. وبالأخص على الأشخاص المؤثرين في مواقع عمل معينة، ومع ذلك لم تتوقف حملة الدعم الشعبي. بل ازدهرت في الأسابيع الأخيرة. وقد ساهمت الحرب بشكل كبير في زيادة الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية وقضية الاستيطان. رغم محاولات الإعلام الغربي لسنوات طويلة لتصويرها على أنها قضية معقدة يصعب اتخاذ موقف حاسم وصريح فيها.

التضامن مع غزة.. مشاهير ودول

على مستوى الدول، أعلنت بعض الحكومات حول العالم تضامنها بدرجات متفاوتة مع الشعب الفلسطيني. على سبيل المثال، أدان رئيس الوزراء الأيرلندي انتهاكات دولة الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين. فيما أخذت النرويج موقفًا مخالفًا للنغمة الأوروبية السائدة، إذ انتقدت حصار غزة وانتهاكات دولة الاحتلال في المقام الأول. وأكدت أن إسرائيل تجاوزت بوضوح حدود القانون الدولي. وتبنى حزب “بوديموس” اليساري الإسباني المشارك في التحالف الحاكم لهجة قوية ضد دولة الاحتلال. ودعا إلى قطع العلاقات الأوروبية بالكامل مع تل أبيب. أما الحزب الشيوعي الإسباني، فأكد حق الشعب الفلسطيني في المقاومة. ورفض وصف حركة المقاومة الإسلامية حماس بالحركة الإرهابية.

بعيدًا عن أوروبا، اتخذ رئيس كولومبيا “غوستافو بِترو” لهجة تصعيدية مع دولة الاحتلال تنديدًا بجرائمها ضد الفلسطينيين. وأعرب رئيس جنوب أفريقيا “سيريل رامافوسا” عن دعم بلاده التاريخي للكفاح العادل للشعب الفلسطيني وهو يلبس الكوفية الفلسطينية محاطًا بأعلام فلسطين. ومُذكِّرًا بأن نظام دولة الاحتلال أشبه بنظام الفصل العنصري الذي عاشته جنوب أفريقيا أثناء الحرب الباردة . أما بوليفيا فوصلت إلى حد قطع العلاقات مع إسرائيل، فيما استدعت تشيلي سفيرها من إسرائيل احتجاجًا على الإبادة الإسرائيلية للشعب الفلسطيني.

من جهة أخرى، ورغم الموقف الأميركي المتحالف مع إسرائيل في حربها على الفلسطينيين. فإن المرشح الرئاسي الأميركي المستقل والمفكر “كورنيل وِست” وصف ما تقوم به دولة الاحتلال بالإبادة الجماعية، ويصف كورنيل الفلسطينيين بأنهم إخوانه. وهو ناقد شرس يشارك في المظاهرات ضد سياسات الولايات المتحدة المشاركة مباشرة في الحرب ضد فلسطين. ورغم كل نصائح شركات التسويق بأنه ينبغي للنجوم والفنانين في العالم الغربي ألا يأخذوا موقفًا من الأحداث. إلا أن هناك قائمة من الفنانين الذين أعلنوا تضامنهم مع فلسطين رغم كل المخاطر التي ربما تصيب مستقبلهم المهني بسبب ذلك.

على سبيل المثال، رفض الممثل الحائز على جائزة إيمي “ديفيد كلينون” مؤخرًا خوض تجارب أداء لسلسلة جديدة تنتجها شبكة “نتفليكس” من صنع إسرائيليين تضامنًا مع فلسطين. قائلا: “إن هذا الولاء الهوليودي لإسرائيل قد بدأ جيل جديد من المبدعين في تحديه رغم كل محاولات أصحاب النفوذ في الصناعة أن يكتموا هذا الصوت ويرهبوه”. ومن أبرز النجوم الذين أعربوا عن تضامنهم مع فلسطين تأتي “سوزان ساراندون”، التي عوقبت بإلغاء تعاقد وكالة المواهب “يو تي إيه”.

اقرأ كذلك : جهز كوفيتك وتعالَ شجع .. جماهير الكويت حاضرة لدعم غزة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات