مدونات

الاختراق الأمني لحزب الله بعد اغتيال الطبطبائي | قراءة تحليلية شاملة

سرّ الضربة الدقيقة… وكيف اهتزّت المنظومة الأمنية للحزب من جديد

شهدت الساحة اللبنانية تحولات كبيرة بعد اغتيال هيثم حسين الطبطبائي. وتسببت العملية في عودة الأسئلة القديمة حول عمق الاختراق الأمني لحزب الله. كما تصاعد الجدل بعد أن بدت العملية دقيقة جدًا. ولذلك حاول الخبراء تحليل المشهد. ثم توسعت النقاشات لتشمل التكنولوجيا والعامل البشري والأساليب الجديدة. وهكذا عاد ملف الاغتيالات إلى الواجهة. ثم بدأت تقارير واسعة تتحدث عن ضعف محتمل في “وحدة الأمن الوقائي” داخل الحزب. ولذلك أصبح الاغتيال نقطة تحول جديدة. كما فتح بابًا لإعادة تقييم البنية الأمنية.


من اغتيال عماد مغنية إلى كشف الشراكة الأميركية الإسرائيلية

بدأت القصة من اغتيال عماد مغنية في دمشق عام 2008. وتمت العملية في حي كفر سوسة. وكان التفجير محددًا بدقة. واستهدف سيارته أثناء مروره. ثم انتشرت الاتهامات حول الجهة التي نفذت العملية. واتجهت الأنظار فورًا إلى جهاز الموساد. لأن مغنية كان هدفًا كبيرًا. كما ارتبط اسمه بعمليات حساسة ضد مصالح أميركية وإسرائيلية.

ثم ظهرت وثائق جديدة في عام 2015. وكشفت تلك الوثائق تفاصيل مهمة. وقد نشرتها واشنطن بوست ونيويورك تايمز. وأكدت الصحيفتان أن العملية تمت بالشراكة بين الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية. وأشارت مصادر أميركية إلى أن واشنطن شاركت في التخطيط والتنفيذ. ولذلك أصبح الملف أكثر وضوحًا بعد سنوات طويلة من الغموض.

وتعاملت الولايات المتحدة مع مغنية باعتباره المسؤول عن تفجير السفارة الأميركية في بيروت عام 1983. ورأت إسرائيل أنه مسؤول عن خطف جنود على الحدود. كما ربطته بتفجيرات بوينس آيرس. ولذلك اعتبرت تل أبيب اغتياله عملية استراتيجية.

ومع ذلك بقي السؤال حاضرًا:
كيف وصلت الاستخبارات إلى موقع مغنية وتفاصيل تنقله؟
وهذا السؤال ظل عنصرًا أساسيًا في جميع التحليلات اللاحقة.


كشف كتاب يوسي كوهين… عميل لبناني قريب من مغنية

في سبتمبر الماضي أصدر يوسي كوهين كتابه “بالأحابيل تصنع لك حربًا”. واحتوى الكتاب على تفاصيل جديدة. كما عرض تجربته في تجنيد العملاء. وقدم نماذج من أساليبه الخاصة. ثم تحدث في فصل مهم عن شخصية لبنانية أطلق عليها اسم “عبد الله”. ووصف كوهين هذا الرجل بأنه قديم في صفوف المقاومة. ووصفه بأنه مثقف. وقال إنه سعى إلى مستقبل اقتصادي أفضل.

واستغل كوهين تلك الرغبة. ثم تقمص شخصية رجل أعمال أرجنتيني. وعرض على الرجل شراكة تجارية. ثم بدأ اللقاءات المتكررة. وبعد سلسلة لقاءات حصل التغيير. إذ قبل الرجل التعاون. ثم زار إسرائيل دون علمه. وظن أنه يسافر لبحث مشروع اقتصادي كبير.

وألمح كوهين إلى أن هذا العميل قدم معلومات سرية. ثم أشار إلى أنه كان قريبًا من مغنية. ولذلك اعتبر كثيرون أن هذه الرواية قد تكشف جزءًا من اللغز. لأن حصول الموساد على تفاصيل دقيقة عن دوائر مغنية الداخلية لم يكن ممكنًا دون عنصر بشري.


اغتيال هيثم الطبطبائي… العملية التي أعادت الأسئلة كلها

في 27 نوفمبر 2025 تعرض مبنى في حارة حريك لغارة جوية. وكانت الضربة دقيقة جدًا. وأدى ذلك إلى مقتل هيثم حسين الطبطبائي. وكان الرجل من أبرز القادة العسكريين في الحزب. كما لعب دورًا في تطوير قوة الرضوان. وتولى إدارة عمليات حساسة بعد حرب 7 أكتوبر. ثم أشرف على تطوير شبكة الطائرات المسيرة. وشاركت تلك الشبكة في ضربات متعددة على الحدود.

وصنفته واشنطن عام 2016 كإرهابي عالمي. ورصدت مكافأة خمسة ملايين دولار لمن يقدم معلومات عنه. واعتبرته إسرائيل من أهم قادة العمليات الصاروخية.

ثم أعلن الحزب تفاصيل جديدة في بيان النعي. وقال نعيم قاسم إن الطبطبائي كان ضمن “أولي البأس”. وذكر أنه شارك في عدة جبهات. كما تحدث عن أدواره في سوريا واليمن والعراق. ولذلك بدا الرجل هدفًا كبيرًا.

وهنا عاد السؤال الأهم:
كيف وصلت إسرائيل إلى رجل يتحرك بسرية مطلقة؟
فالطبطبائي لم يظهر علنًا تقريبًا. كما لم تُعرف صور واضحة له لسنوات.


تشابه النمط بين الاغتيالات… ما الذي يكشفه ذلك؟

عندما حلل الخبراء العملية لاحظوا تشابهًا كبيرًا. لأن الاغتيالات السابقة حدثت بطريقة مشابهة. وشملت تلك الاغتيالات:
• صالح العاروري
• فؤاد شكر
• هاشم صفي الدين
• حسن نصر الله

وشملت أيضًا ضباطًا آخرين من مستويات متعددة. وكانت كل عملية تتم بدقة. ثم تأتي بعد رصد طويل. ولذلك اعتبر المحللون أن هناك نمطًا ثابتًا.

وكان هذا النمط يتكرر كالآتي:
• معرفة دقيقة بالموقع
• تحديد وقت وجود الهدف
• استهداف نقطة محددة في المبنى
• تنفيذ العملية في ثوان قليلة

وهذا التشابه جعل كثيرين يعتقدون أن هناك اختراقًا داخليًا أو تقنيًا. ثم ظهر رأي آخر تحدث عن خليط من الأسلوبين.


تقرير موقع أساس… الاتهام الأكثر إثارة للجدل

نشر موقع “أساس” تقريرًا مهمًا. وأثار التقرير ضجة كبيرة. لأنه عرض اسم شخصية حساسة. وقال إنها تعمل في “وحدة الأمكنة” داخل الحزب. وأطلق التقرير اسم الحاج حمزة السبلاني. وقال إن هذا الرجل قدم معلومات حساسة للموساد. وشملت تلك المعلومات مواقع القادة ومخابئهم. وشملت أيضًا أماكن بديلة تستعمل في زمن الحرب.

كما ربط التقرير بين هذه المعلومات وملفات أخرى. منها:
• فرار مسؤول اتصالات إلى إسرائيل
• اختراق شبكة الاتصالات العسكرية
• التجسس على الهواتف الداخلية
• تسجيل مكالمات عبر موجات قصيرة
• خرق أجهزة النداء (البيجر)

وذكر التقرير أن الإجراءات التي اتخذها قاووق لم تنجح. وقال إن الخرق تجاوز تلك التدابير. ولذلك اعتبر كثيرون أن القضية معقدة جدًا.


التكنولوجيا… العامل الأكثر تطورًا وتأثيرًا

يرى خبراء كثر أن التكنولوجيا لعبت دورًا محوريًا. لأن إسرائيل طورت قدراتها. كما استخدمت أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة. واستطاعت تلك الأنظمة تحليل أنماط الحركة. ثم استطاعت قراءة الإشارات الإلكترونية. ولذلك أصبحت عمليات الرصد أكثر سهولة.

كما أن الطائرات الحديثة أدت دورًا مهمًا. لأن بعضها يحلق على ارتفاعات يصعب رصدها. كما تحمل كاميرات حرارية دقيقة. وتستخدم موجات قصيرة لرسم خرائط واسعة. ولذلك أصبحت معرفة تحركات الأشخاص أسهل من السابق.

ويرى الخبراء أن الحرب الإلكترونية تمثل عنصرًا أساسيًا. لأن اعتراض الإشارات بات ممكنًا بسهولة. كما أن اختراق أجهزة الاتصال تطور كثيرًا. ثم أصبح الاعتماد على الذكاء الاصطناعي جزءًا من العمل الاستخباري.


هل يوجد اختراق داخلي فعلاً؟ أم أنه مجرد تحليل؟

تنقسم آراء المحللين إلى مدرستين.

المدرسة الأولى: تقول بوجود اختراق بشري مباشر

وترى هذه المدرسة أن العمليات الدقيقة لا تتم إلا بمعلومة بشرية. وتقول إن معرفة وجود شخص داخل غرفة محددة في وقت معين تحتاج معرفة داخلية. ولذلك يعتبر هؤلاء أن اكتشاف عميل داخلي أمر محتمل.

المدرسة الثانية: تقول إن التكنولوجيا تكفي وحدها

وترى هذه المدرسة أن التطور التقني قد يغني عن العنصر البشري. وترى أن التعرف على الأشخاص داخل المباني أصبح ممكنًا. كما أن تحليل حرارة الجسم والظل والحركة يسمح بالتحديد الدقيق. ولذلك يرى هؤلاء أن التكنولوجيا تزيل الحاجة لاختراقات بشرية كبيرة.

مدرسة ثالثة وسطية:

وتقول إن العمليات تمت عبر مزيج من الأسلوبين. ولذلك يصبح الخرق مركّبًا.


تداعيات الاغتيال على البنية الأمنية للحزب

بعد الاغتيال بدأت التكهنات حول تغييرات داخلية. وتحدثت مصادر عن مراجعة لملفات أمنية. كما تحدثت مصادر أخرى عن إعادة هيكلة في وحدات الاتصالات. ولذلك قد يشهد الحزب تغييرات واسعة.

وتقول مصادر قريبة من الحزب إن عدة وحدات تخضع للتدقيق. وتشمل:
• وحدة الاتصالات
• وحدة الأمن الوقائي
• وحدة الأمكنة
• وحدة المراقبة
• الفرق التقنية

كما يجري العمل على تطوير الأجهزة التقليدية. وتشمل أجهزة مشفرة جديدة. وشبكات اتصال بديلة. وأنظمة تشويش مطورة.


هل يعيد الحزب بناء منظومته الأمنية؟

يرى العديد من الخبراء أن الحزب سيعيد ترتيب أولوياته. ولذلك ربما تبدأ مرحلة جديدة. وتشمل المرحلة:
• تطوير البنية الاستخبارية
• تعزيز الحماية ضد التكنولوجيا الإسرائيلية
• تجنيد عناصر جديدة ذات خبرة تقنية
• تقليل الاعتماد على الأجهزة التقليدية
• توسيع المراقبة الداخلية

كما يتوقع البعض أن يعتمد الحزب على النظام السوري أكثر. لأن دمشق تمثل منطقة تحتاج الحزب فيها إلى حماية إضافية.


قراءة ختامية… ما الذي يعنيه هذا الاغتيال؟

لا يشكل اغتيال الطبطبائي مجرد عملية عسكرية. لأنه يمثل فصلًا جديدًا في صراع طويل. كما يمثل تحولًا في ميزان القوة الاستخبارية. ولذلك يرى الخبراء أن المرحلة المقبلة ستكون أكثر تعقيدًا.

ويكشف الاغتيال حجم تطور القدرات الإسرائيلية. كما يكشف أن الحزب يواجه تحديات أمنية كبيرة. ولذلك يعيد الحدث تعريف مفهوم “السرية” داخل البنية العسكرية.

كما يثير الاغتيال سؤالًا كبيرًا:
هل تستطيع أي جهة الحفاظ على السرية المطلقة في زمن الذكاء الاصطناعي؟
ويرى كثيرون أن الإجابة ستحدد طبيعة الحرب المقبلة.

اقرأ كذلك:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات