العالم

من قتل ياسر أبو شباب؟.. ثلاث فرضيات تهز المشهد الغزي

لغز اغتيال الرجل الأخطر شرقي رفح

تزدحم الساحة الفلسطينية منذ أيام بأسئلة كثيرة حول مقتل ياسر أبو شباب. وتتضاعف الأسئلة مع غياب رواية فلسطينية رسمية حول تفاصيل العملية. كما تزداد الضبابية بسبب تعدد المصادر. ولذلك يبرز سؤال رئيسي يتصدر المشهد. من قتل ياسر أبو شباب؟ وحتى تتضح الصورة. يطرح الباحثون ثلاث فرضيات رئيسية. وكل فرضية تمتلك ما يدعمها وما يضعفها. ومع ذلك تبقى الحقيقة غائبة حتى اللحظة. بينما يستمر الجدل داخل غزة وخارجها.

ويؤكد محللون أن التخلص من ياسر أبو شباب يمثل ضربة كبيرة لمشاريع إسرائيل الأمنية. خصوصا تلك التي عمل عليها جهاز الشاباك لسنوات. لأن الجهاز كان يراهن على هذه المجموعات. وكان يخطط لفرض نموذج أمني جديد في رفح. ولذلك تأتي تصفيته كخبر مفاجئ. يحمل أبعادا سياسية. وأمنية. وميدانية. كما يعيد طرح أسئلة مهمة حول مستقبل التعاون الأمني الذي أنشأه الاحتلال داخل مناطق جنوب القطاع.

الحضور البارز لاسم ياسر أبو شباب خلال الحرب

ظهر اسم ياسر أبو شباب بشكل واسع منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة. وارتبط اسمه بمجموعات مسلحة تعاونت مع الاحتلال. وسيطرت على بعض المناطق في رفح. كما ظهرت هذه المجموعات في مناطق أخرى. حيث حاولت فرض نموذج جديد يخدم المشروع الإسرائيلي. ولذلك تسلط إسرائيل الضوء على هذه الشخصيات. وتعتبرها جزءا من هندسة مشهد ميداني جديد. وتحاول من خلالها خلق أدوات أمنية محلية تعمل تحت إدارة الاحتلال.

وفي هذا السياق. جاءت القناة الإسرائيلية 14 لتعلن خبر مقتله. وقالت إن الهجوم جاء في ظروف غامضة. ومع ذلك لم تكشف تفاصيل كثيرة. لكن الإعلان فتح باب الجدل على مصراعيه. خصوصا أن الإعلام العبري نشر روايتين مختلفتين. وهذا دفع وليد العمري. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين. لطرح سؤال واسع أمام الجمهور. سؤال يتعلق بمدى دقة هذه الروايات. وكذلك بوجود احتمال كبير لإخفاء معلومات حساسة.

الرواية الإسرائيلية الأولى: اشتباك داخلي

تقول الرواية الأولى إن مقتل ياسر أبو شباب جاء نتيجة اشتباك داخلي. وتشير إلى صراع بين عناصر مجموعته. كما تزعم الرواية أن الخلافات توسعت خلال عمليات الملاحقة التي نفذتها هذه المليشيات. ولذلك وقع اشتباك أدى إلى مقتله ومقتل آخرين.

وتحاول هذه الرواية تصوير المشهد كحالة فوضى داخلية. وربما تهدف إلى إبعاد الشبهة عن المقاومة الفلسطينية. كما تهدف إلى التقليل من قدرة المقاومة على الوصول إلى المناطق التي يتحصن فيها أبو شباب. إلا أن محللين يعتبرون هذه الرواية ضعيفة. لأن أبو شباب كان يتحرك في منطقة شديدة الحماية. داخل ما يسمى بالخط الأصفر. حيث تنتشر قوات الاحتلال. وتعمل منظومة مراقبة متقدمة على مدار الساعة.

الرواية الإسرائيلية الثانية: كمين من المقاومة

الرواية الثانية تقول إن مسلحا من حركة حماس نفذ كمينا دقيقا استهدف ياسر أبو شباب ونائبه غسان الدهيني. وتضيف الرواية أن العملية جاءت بصمت كامل. دون ضوضاء. ودون اشتباك واسع. وتقول إن المنفذ انسحب دون إصابات.

ويشير محللون إلى أن هذه الرواية تبدو منطقية بشكل أكبر. لأن المقاومة تعتبر أبو شباب هدفا أساسيا. ولأن مجموعته تمثل خطرا على مقاومي رفح. كما يعتقد كثيرون أن المقاومة تمتلك القدرة على تنفيذ عمليات عالية الدقة. وحتى داخل مناطق تخضع لمراقبة مكثفة. وكثير من العمليات السابقة أثبتت ذلك.

ورغم ذلك. تظل الرواية بحاجة إلى إثبات. لأن المقاومة لم تعلن مسؤوليتها حتى الآن. وهذا الصمت يطرح سؤالا مهما. لماذا لم تتبن المقاومة العملية؟ وهل يعني ذلك أنها ليست الجهة المنفذة؟ أم أن هناك أسبابا أمنية تمنع الإعلان الآن؟

الفرضية الأولى: المقاومة هي من نفذت الاغتيال

تأتي الفرضية الأولى كأقوى الاحتمالات المطروحة. لأنها تستند إلى منطق أمني وسياسي. فالمقاومة تراقب هذه المليشيات منذ فترة طويلة. كما تعتبرها تهديدا مباشرا. ولذلك يعتقد محللون أن التخلص من أبو شباب يأتي ضمن استراتيجية واضحة. تهدف إلى إنهاء ظاهرة العملاء المجندين. خصوصا في رفح. التي تحاول المقاومة استعادة السيطرة عليها.

ومع ذلك. فإن عدم إعلان المقاومة مسؤوليتها يفتح باب الشك. لكن البعض يرى أن المقاومة قد تؤخر الإعلان لأسباب أمنية. وقد تنتظر استكمال عمليات أخرى. أو قد توجد تفاصيل حساسة لا تريد كشفها الآن.

الفرضية الثانية: مقتله خلال عمليات ميدانية

أما الفرضية الثانية فتقول إن مقتله جاء خلال عملية ميدانية نفذتها مجموعته. لأن الجيش الإسرائيلي يدفع هذه المليشيات إلى الخطوط الأولى. حيث يتعامل الجنود معهم كأدوات لجمع المعلومات. ولذلك تتعرض هذه المجموعات لخطر كبير. وقد تقع في كمائن المقاومة. أو في اشتباكات غير محسوبة.

ويشير المحلل السياسي محمد عفيف إلى أن الأيام الماضية شهدت نشاطا ملحوظا لهذه المجموعات. حيث شاركت في ملاحقة مقاومين في مناطق شرقي رفح. كما ظهرت في عدة تسجيلات أثناء اقتحام منازل. ولذلك قد يكون أبو شباب قُتل في عملية ميدانية. سواء برصاص المقاومة. أو نتيجة سوء تقدير من مجموعته.

الفرضية الثالثة: تصفية داخلية

الفرضية الثالثة تتحدث عن احتمال وجود تصفيات داخلية. وربما جاءت بهدف إعادة هندسة قيادة هذه المجموعات. كما أن الاحتلال قد يسعى إلى تقليل عدد القيادات. أو استبدال بعض الشخصيات. خصوصا عندما يصبح القائد عبئا أمنيا. أو عندما يخرج عن السيطرة.

ويرى محللون أن هذه الفرضية تبقى قائمة. لكنها ليست الأكثر قوة. لأن الاحتلال كان يراهن على أبو شباب بشكل كبير. ويعتبره حجر أساس في مشروعه الأمني في رفح.

الحماية الإسرائيلية لياسر أبو شباب

تقول مصادر إن الجيش الإسرائيلي وفر حماية واسعة لأبو شباب. وكان يتحرك ضمن مناطق تحت سيطرة مباشرة للاحتلال. كما حصل على معدات. ومركبات. وتدريب. بهدف تشكيل نواة لمجموعة أمنية محلية تتولى إدارة بعض مناطق رفح. ولذلك كانت إسرائيل تعول عليه في مشروع أكبر. يهدف لتقسيم غزة أمنيا. وإنشاء نموذج بديل عن حكم حماس.

وكان وجوده في الخط الأصفر يعني حصوله على مراقبة دائمة من الطائرات المسيّرة. ولذلك يعتقد محللون أن الوصول إليه ليس مهمة سهلة. وهذا يعزز الفرضية التي تقول إن العملية نفذت باحترافية كبيرة.

الرفض الشعبي الكامل لهذه المجموعات

يؤكد المحللون أن هذه المجموعات منبوذة تماما داخل المجتمع الفلسطيني في غزة. ولا تمتلك أي قاعدة شعبية. كما يصفها الناس بالعمالة. ويعتبرونها أدوات للاحتلال. ولذلك لا تحظى بأي احترام. ولا تمتلك أي شرعية اجتماعية. وهذا الرفض جعلها معزولة. ومرتبطة فقط بالحماية الإسرائيلية.

ورغم ذلك. حاول الاحتلال أن يصنع منها قوة بديلة. لكن المجتمع رفضها. واعتبرها خطرا على السلم الداخلي. ولذلك تعرض عناصرها للنبذ. ولم يتمكنوا من بناء نفوذ حقيقي.

من هو غسان الدهيني؟ وما مصيره؟

يتساءل كثيرون عن مصير غسان الدهيني. الرجل الثاني في هذه الميليشيا. والمسؤول عن التواصل مع الاحتلال. وحتى الآن لا توجد معلومات مؤكدة حول مقتله. وبعض المصادر تقول إنه قتل مع أبو شباب. بينما تقول أخرى إنه ما زال موجودا. وهذه الثغرة المعلوماتية تزيد الغموض حول العملية.

ويرجح البعض أن الاحتلال يحاول إخفاء مصير الدهيني. لأنه يمتلك معلومات حساسة. كما أن ظهوره أو اختفاءه سيرسم صورة جديدة حول مستقبل هذه المجموعات.

معلومات أساسية حول حياة أبو شباب

ولد ياسر أبو شباب عام 1990. وينتمي إلى قبيلة الترابين. وكان معتقلا قبل 7 أكتوبر 2023 بتهم جنائية. كما أطلق الاحتلال سراحه بعد قصف مقرات الأجهزة الأمنية. وبعد ذلك جنده الشاباك ضمن “برامج أمنية”. ودربه على قيادة مجموعات تعمل لصالح إسرائيل داخل رفح.

وبرز اسمه بشكل أكبر بعد عملية القسام ضد قوة “المستعربين” في 30 مايو 2025. حيث كشفت المقاومة أن القوة كانت ترافقها مجموعة من العملاء الذين يتبعون مباشرة لأبو شباب.

تحليل نهائي للفرضيات الثلاث

بعد مراجعة الفرضيات الثلاث. يمكن القول إن المشهد ما زال غامضا. لكن القراءة التحليلية تشير إلى أن الفرضية الأقرب هي تنفيذ المقاومة للعملية. رغم عدم تبنيها الرسمي. لأن وجوده في منطقة محمية يجعل فرضية المقتل الداخلي ضعيفة. بينما تبقى الفرضية الثانية ممكنة. لكنها تحتاج تأكيدات.

أما الفرضية الثالثة فتبدو الأقل احتمالا. رغم أنها ليست مستبعدة بالكامل.

وفي النهاية تبقى الإجابات معلقة. لأن الجهات الفلسطينية الرسمية لم تكشف معلومات جديدة. كما أن الاحتلال يلتزم الصمت. وربما يحاول إخفاء التفاصيل. ولذلك ينتظر الشارع الفلسطيني معلومات أكبر. توضح ما حدث. وتكشف من نفذ العملية. ولماذا وقعت في هذا التوقيت بالذات.

اقرأ كذلك: غزة .. قصف مكثف على رفح وخان يونس وإسرائيل تواصل التشدد قبل الانتقال للمرحلة الثانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات