يديعوت أحرونوت: أربعة سيناريوهات محتملة لإدارة غزة بعد الحرب
خيارات الحكم في غزة بعد الحرب: استمرار حماس. تسليم السلطة الفلسطينية. الإدارة العسكرية الإسرائيلية، أم تدخل دولي؟

يديعوت أحرونوت: أربعة خيارات محتملة لإدارة غزة بعد الحرب. تؤكد صحيفة يديعوت أحرونوت أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تزال تسيطر بشكل كامل على قطاع غزة. على الرغم من استمرار الحرب. وترى الصحيفة أن هناك أربعة خيارات محتملة لمن سيتولى حكم القطاع بعد انتهاء العمليات العسكرية. وتشير إلى أن كل خيار يحمل تحديات معقدة بالنسبة لإسرائيل. سواء من الناحية الأمنية أو السياسية.
في هذا التقرير، تستعرض الصحيفة بالتفصيل السيناريوهات الأربعة المتاحة. والتي تتراوح بين استمرار حماس في الحكم، وتسليم السلطة الفلسطينية زمام الأمور، وفرض إدارة إسرائيلية مباشرة، أو تشكيل قوة دولية تتولى المسؤولية.
أولًا: استمرار حماس في حكم غزة
رغم اعتراض إسرائيل على هذا السيناريو، فإن الواقع الميداني يشير إلى أن حماس قد تحافظ على سيطرتها على القطاع. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها امتلاك الحركة آلاف العناصر المسلحة، بالإضافة إلى قوة شرطية وأجهزة أمنية تفرض سيطرتها على الأرض.
إلى جانب ذلك، تستمر البنية الإدارية لحماس في العمل، حيث تدير الحركة الخدمات الأساسية من خلال عمال البلدية الذين يواصلون إزالة الأنقاض وتنظيف الشوارع رغم الدمار الناجم عن الحرب. وتدعي الصحيفة أن هذا السيناريو قد يُعقد عملية إعادة إعمار غزة، حيث ستحتاج إلى سنوات طويلة وتدفق مستمر من التبرعات الدولية.
وتشير الصحيفة إلى أن حماس تناقش حاليًا خيار إنشاء لجنة مدنية تتولى إدارة القطاع، تتألف من تكنوقراط فلسطينيين وعناصر من السلطة الفلسطينية. لكن الحركة ترفض بشكل قاطع أي مقترح ينص على حل جناحها العسكري، كتائب القسام.
وتزعم يديعوت أحرونوت أن حماس تسعى إلى استنساخ نموذج حزب الله في لبنان، حيث يحتفظ الحزب بقدراته العسكرية في موازاة دوره السياسي. وترى الصحيفة أن هذا السيناريو يمثل خطرًا على إسرائيل، لأنه يمنح حماس شرعية سياسية إلى جانب قوتها العسكرية. كما تؤكد أن السلطة الفلسطينية لن تقبل بهذا النموذج، لأنها ترى فيه تهديدًا مباشرًا لدورها السياسي في الساحة الفلسطينية.
وبحسب الصحيفة، فإن استمرار حماس في حكم غزة قد يخلق أزمة داخل الحكومة الإسرائيلية، حيث تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمنع الحركة من الاستمرار في إدارة القطاع. وإذا لم تتمكن إسرائيل من إزاحة حماس عن الحكم، فقد يؤدي ذلك إلى خلافات داخل الائتلاف الحاكم، وربما يُضعف موقف نتنياهو سياسيًا.
ثانيًا: السلطة الفلسطينية كبديل لحماس
ترى يديعوت أحرونوت أن الخيار الأكثر منطقية من وجهة نظر المجتمع الدولي يتمثل في تسليم إدارة غزة إلى السلطة الفلسطينية. إلا أن هذا السيناريو يواجه عقبات كبيرة، أبرزها معارضة إسرائيل لهذا الخيار بسبب ضعف السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وعدم قدرتها على فرض سيطرتها على الفصائل المسلحة هناك.
وتشير الصحيفة إلى أن تجربة السلطة الفلسطينية في الضفة لا تعكس نجاحًا يُمكن تكراره في غزة. فهناك العديد من التحديات التي تواجه السلطة، من بينها الفشل في تنفيذ عمليات أمنية فعالة ضد الجماعات المسلحة، لا سيما في مخيم جنين وأجزاء أخرى من الضفة الغربية.
وتضيف الصحيفة أن إسرائيل تشكك في قدرة السلطة الفلسطينية على مواجهة حماس في حال توليها الحكم في غزة. فحتى لو انسحبت الحركة رسميًا، فإن نفوذها سيظل قائمًا، ما قد يُضعف موقف السلطة ويجعلها مجرد غطاء إداري دون سيطرة حقيقية على الأرض.
ورغم ذلك، فإن بعض الأطراف داخل إسرائيل ترى أن تسليم غزة إلى السلطة الفلسطينية قد يكون أقل الخيارات ضررًا، لأنه على الأقل يوفر واجهة رسمية يمكن التعامل معها دبلوماسيًا. كما أن بعض الدول العربية، مثل مصر والأردن. قد تدعم هذا السيناريو إذا تم تنفيذه في إطار اتفاق سياسي شامل.
ثالثًا: الإدارة العسكرية الإسرائيلية
إذا قررت الحكومة الإسرائيلية عدم الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار. فإن أحد السيناريوهات المطروحة يتمثل في فرض إدارة عسكرية مباشرة على غزة. وهذا يعني أن الجيش الإسرائيلي سيتولى مسؤوليات مدنية. مثل توزيع المواد الغذائية، وإدارة الخدمات الأساسية. وجمع القمامة، والحفاظ على الأمن في المناطق التي يتمركز فيها.
وترى الصحيفة أن هذا الخيار يحمل مخاطر كبيرة، إذ سيجعل الجيش الإسرائيلي مسؤولًا عن إدارة شؤون أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، ما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات واستمرار المقاومة المسلحة.
كما أن المجتمع الدولي قد يرفض هذا السيناريو، لأنه يعيد الاحتلال الإسرائيلي إلى غزة بشكل مباشر. ما قد يعيد فتح ملفات قانونية تتعلق بحقوق الإنسان والجرائم الحربية. وتؤكد الصحيفة أن هذا السيناريو مكلف جدًا من الناحية الاقتصادية. حيث سيتطلب تخصيص ميزانيات ضخمة لإدارة القطاع وتأمين الخدمات الأساسية للسكان.
وتشير يديعوت أحرونوت إلى أن هذا الخيار قد يكون مؤقتًا فقط، بحيث تسيطر إسرائيل على القطاع لفترة محدودة حتى يتم التوصل إلى اتفاق طويل الأمد بشأن مستقبله. لكن حتى في هذه الحالة، فإن التحديات الأمنية ستظل قائمة، خاصة مع استمرار حماس في تنفيذ عمليات مقاومة مسلحة ضد القوات الإسرائيلية.
رابعًا: تشكيل قوة دولية لإدارة غزة
السيناريو الرابع الذي تناقشه الصحيفة يتمثل في نشر قوات دولية تتولى مسؤولية إدارة القطاع. وتقول الصحيفة إن بعض الجهات داخل إسرائيل ترى أن هذا الخيار قد يكون الحل الأمثل. لأنه يخفف من العبء الأمني على إسرائيل. ويمنح المجتمع الدولي دورًا مباشرًا في السيطرة على الأوضاع في غزة.
وتفيد الصحيفة بأن الشركات الأمنية الأميركية تعمل بالفعل في ممر نتساريم. حيث تقوم بعمليات تفتيش أمني للمركبات المتجهة إلى شمال غزة. بهدف منع تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى مناطق المواجهة.
لكن هذا الخيار يواجه عدة تحديات. أبرزها رفض معظم الدول العربية المشاركة في هذه المهمة. باستثناء مصر وقطر اللتين تلعبان أدوارًا دبلوماسية في الملف الفلسطيني. كما أن نشر قوات دولية في غزة سيتطلب توافقًا سياسيًا بين الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي. ودول المنطقة، وهو أمر غير مضمون في ظل الخلافات الإقليمية.
وترى الصحيفة أن هذا السيناريو قد يكون الأكثر استقرارًا على المدى الطويل، لكنه يتطلب مفاوضات مكثفة للوصول إلى اتفاق يُرضي جميع الأطراف المعنية. كما أنه قد يواجه معارضة قوية من حماس. التي ستعتبره محاولة لإنهاء نفوذها في القطاع.
مستقبل غزة بين التحديات السياسية والأمنية
تخلص يديعوت أحرونوت إلى أن جميع الخيارات المطروحة لإدارة غزة بعد الحرب تحمل تعقيدات كبيرة. سواء على المستوى الأمني أو السياسي. فاستمرار حماس في الحكم سيعني تصعيدًا مستمرًا مع إسرائيل، وتسليم السلطة الفلسطينية زمام الأمور يواجه عقبات داخلية وخارجية. أما الإدارة العسكرية الإسرائيلية فستكون مكلفة وخطيرة. بينما يتطلب نشر قوات دولية توافقًا إقليميًا ودوليًا قد يكون صعب التحقيق.
وتشير الصحيفة إلى أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل القطاع. حيث ستعتمد التطورات على نتائج الحرب. والموقف الدولي، والتوافقات السياسية التي قد تنشأ بعد انتهاء العمليات العسكرية.
اقرأ كذلك :ملامح الصراع في المرحلة الجديدة بعد عملية الطوفان