دعم أردوغان لدعوة حليفه بهتشلي لإنهاء النزاع مع الأكراد
أردوغان يؤكد أهمية دعوة بهتشلي لإنهاء النزاع الكردي ويشدد على ضرورة الوحدة الوطنية من أجل تحقيق السلام والاستقرار في تركيا
دعم أردوغان لدعوة بهتشلي لإنهاء النزاع مع الأكراد في تركيا في خطوة تاريخية من نوعها، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان -اليوم الأربعاء- عن دعمه الكامل لدعوة حليفه، زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، لإنهاء النزاع الطويل والمستمر مع المتمردين الأكراد في تركيا. جاء هذا التأييد من أردوغان في إطار حديثه عن رؤية الحكومة التركية للوصول إلى حلول جذرية للنزاع الكردي الذي أثر على البلاد لعقود من الزمن. وفي تصريحاته، اعتبر أردوغان دعوة بهتشلي بمثابة “نافذة لفرصة تاريخية” قد تفتح أمام الشعب التركي طريقاً نحو السلام والاستقرار المستدام.
رؤية أردوغان: دعم غير محدود لإنهاء النزاع
في كلمته أمام نواب حزبه العدالة والتنمية في البرلمان، أكد أردوغان على أن الشعب التركي يرى في دعوة بهتشلي فرصة تاريخية حقيقية، وأن الأتراك جميعهم متحمسون لهذه الدعوة التي قد تضع حداً للنزاع الممتد منذ سنوات عديدة. أردوغان شدد على أن الشعب التركي يعيش في أمل جديد، حيث بدأ يرى بوادر سلام واستقرار قد تسود البلاد إذا تم استثمار هذه الفرصة بشكل صحيح.
كما أكد أردوغان في كلمته أن دعوة بهتشلي تمثل لحظة فارقة في تاريخ تركيا السياسي، مضيفًا أن الشعب التركي كان ينتظر مثل هذه المبادرة منذ فترة طويلة. وأعرب عن تطلعه إلى بناء “قرن تركيا” في المستقبل القريب، حيث يأمل أن يكون هذا السلام هو أساس لتطوير البلاد. أردوغان، وهو قائد سياسي طويل الأمد، اعتبر أن هذه الدعوة تمثل فرصة تاريخية، لا سيما وأنها قد تساهم في تغيير المشهد السياسي والاجتماعي في تركيا بشكل جذري.
دعوة إلى المصالحة: “إخواني الأكراد الأعزاء”
كما دعا أردوغان في كلمته إلى أن يمد الأكراد يد التعاون والمصالحة مع حزب الحركة القومية، مشيراً إلى أن الشعب الكردي يجب أن يرى في دعوة بهتشلي “يداً ممدودة بصدق”. أردوغان أوضح أن هذه الدعوة لا تهدف فقط إلى إنهاء النزاع العسكري، بل تهدف أيضاً إلى بناء علاقات أخوية بين الأتراك والأكراد، وهي خطوة رئيسية نحو تحقيق استقرار دائم في تركيا.
وقال أردوغان “إخواني الأكراد الأعزاء، نتوقع منكم أن تمسكوا بقوة بيد بهتشلي الممدودة بصدق”. وأكد أن الحكومة التركية ستسعى إلى ضمان حقوق الأكراد في جميع المجالات، وأنها ستعمل على دمجهم بشكل أكثر فعالية في المجتمع التركي. في هذا السياق، أشار إلى أن وحدة الأتراك والأكراد ستكون حجر الزاوية في تحقيق النجاح الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
كما أكد أردوغان أنه إذا أتيحت له الفرصة، فإنه ينوي إزالة النزاع مع الأكراد من الأجندة الوطنية بشكل كامل، ليكون ذلك “الإنجاز الأبرز” في مسيرته السياسية. وأوضح أن إزالة هذا النزاع من الأجندة الوطنية سيكون خطوة حاسمة نحو بناء تركيا المستقبل.
الأمل في تحقيق السلام: إزالة النزاع نهائيًا
من خلال تصريحاته، أعرب أردوغان عن أمله في أن يتمكن من إزالة “النزاع مع الأكراد” بشكل كامل من الأجندة الوطنية، إذا منحته الظروف الفرصة المناسبة. وشدد على أن الحكومة التركية ستكون ملتزمة باتباع نهج متوازن ومبني على العدالة والإنصاف لتحقيق هذا الهدف. في الوقت نفسه، أكد أن تلك الجهود لن تكون سهلة، لكنها ستكون بالغة الأهمية لتركيا وشعبها في المستقبل.
من المهم أن نلاحظ أن هذا التوجه لا يقتصر فقط على الأمل في التوصل إلى اتفاق مع الأكراد، بل يتضمن أيضاً تطورًا كبيرًا في السياسة الداخلية لتركيا. فإغلاق ملف النزاع الكردي قد يمهد الطريق لتحولات اجتماعية واقتصادية مهمة، حيث يمكن أن يساهم في استقرار الوضع الأمني، وبالتالي تحسين بيئة الأعمال والاستثمار في البلاد.
التأكيد على أهمية التعامل مع “بارونات الإرهاب” في العراق وسوريا
من جهة أخرى، أكد أردوغان أن دعوته للسلام مع الأكراد لا تشمل “بارونات الإرهاب” في العراق وسوريا، الذين ارتكبوا العديد من الأعمال الإرهابية ضد تركيا. وأوضح أن الحكومة التركية تسعى إلى التعامل مع الأكراد في تركيا فقط، وليس مع أي فصيل أو جماعة إرهابية. وتابع قائلاً “هذا ليس دعوة للانخراط مع العناصر الإرهابية أو أولئك الذين يهددون أمن تركيا واستقرارها”.
يبدو أن أردوغان يسعى إلى تفريق بين الأكراد في تركيا الذين يبحثون عن السلام وبين الجماعات الكردية التي تشارك في أعمال العنف. وهو يؤكد أن الحكومة التركية مستعدة للعمل مع من يسعى إلى بناء السلام، ولكنها في الوقت نفسه ستظل حازمة ضد أي أعمال إرهابية.
دعوة بهتشلي: دعوة للتصالح بين الأتراك والأكراد
في وقت سابق من هذا الأسبوع، دعا زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، إلى اتخاذ خطوات جادة نحو المصالحة بين الأتراك والأكراد، ودعا زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، عبد الله أوجلان، إلى العودة إلى البرلمان التركي ونبذ الإرهاب. وقد صرح بهتشلي قائلاً: “يجب على الأتراك والأكراد أن يحبوا بعضهم بعضًا، وهذا واجب ديني وسياسي لكلا الجانبين”.
إلى جانب ذلك، أكد بهتشلي أن الحل الوحيد لإنهاء النزاع هو الحوار والتفاهم المتبادل بين جميع الأطراف. كما دعا إلى حل حزب العمال الكردستاني المحظور ووقف جميع أعمال العنف التي تقوم بها هذه الجماعة. وقد تلقى تصريحاته ردود فعل متباينة، حيث رحب البعض بها باعتبارها خطوة نحو تحقيق السلام، بينما انتقدها البعض الآخر على اعتبار أنها قد تكون خطوة غير كافية لوضع حد للعنف.
نظرة تاريخية: حزب العمال الكردستاني والصراع الطويل
من المعروف أن حزب العمال الكردستاني (PKK) يُصنف من قبل تركيا وحلفائها الغربيين “منظمة إرهابية”. وهو يخوض تمردًا ضد الدولة التركية منذ عام 1984. خلال هذه الفترة الطويلة. نشب نزاع دموي خلف العديد من الضحايا من كلا الجانبين، وتسبب في زعزعة استقرار البلاد بشكل كبير.
وقد كانت الحملة العسكرية التركية ضد الحزب الكردي تركز على تقويض قدرة الحزب على تنفيذ عمليات إرهابية. مع التركيز على تدمير خلاياه في مناطق محددة داخل تركيا وفي الدول المجاورة مثل العراق وسوريا. ومنذ عام 1999. يقبع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في الحبس الانفرادي في سجن إيميرالي التركي. في جزيرة في بحر مرمرة.
في هذا السياق. شهدت تركيا في السنوات الأخيرة موجات من التصعيد العسكري في المناطق الحدودية مع العراق وسوريا. حيث كانت القوات التركية تستهدف مواقع حزب العمال الكردستاني. وقد تعاظمت العمليات العسكرية ضد الحزب بعد الهجمات التي شنتها جماعات كردية على الأراضي التركية.
الهجوم على شركة “تاي”: تزايد أعمال العنف
في سياق الأحداث المتوترة. وقع هجوم عنيف في تركيا. حيث استهدفت مجموعة من عناصر حزب العمال الكردستاني مقر شركة “تاي” للصناعات الجوية والفضائية المملوكة للدولة. وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 22 آخرين. وقد أعلنت الجماعة الكردية المسلحة مسؤوليتها عن الهجوم. ما ألقى بظلاله على المناخ السياسي في البلاد.
وفي رد فعل سريع على هذا الهجوم. شنت القوات المسلحة التركية غارات جوية ضد مواقع الحزب في العراق وسوريا. حيث استهدفت مخابئ ومراكز تدريب تابعة للحزب في شمال العراق. وذلك ضمن إطار سياسة تركيا لمكافحة الإرهاب.
دعوة للسلام المستدام
في النهاية، تعتبر دعوة أردوغان وبهتشلي لإنهاء النزاع مع الأكراد فرصة ذهبية قد تشكل بداية لحقبة جديدة في تاريخ تركيا. إذا تم التعامل مع هذه الفرصة بشكل جاد وحذر. فإنها قد تؤدي إلى تسوية نهائية تضمن استقرار تركيا وأمنها. وبالتالي تحسين حياة مواطنيها.
اقرأ كذلك :تركيا تكشف هوية أحد منفذي هجوم توساش في أنقرة