ما حجم التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر ؟
تعزيز الاقتصاد في مصر وخطط الحكومة: تحالف الدول الغربية والخليجية، الاستثمارات الخارجية، وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين والهند.
مصر تواجه تحديات اقتصادية كبيرة. اتفقت البلاد مع صندوق النقد الدولي على برنامج دعم قيمته 8 مليارات دولار، مما أدى إلى انخفاض قيمة عملتها بشكل حاد. وأعلنت مصر أيضًا أنها ستسمح بتحديد سعر الصرف وفقًا لآليات السوق في محاولة لتحقيق استقرار اقتصادي.
وقبل هذه الخطوة، توصلت مصر لصفقة استثمارية هامة بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات، تهدف إلى تطوير شبه جزيرة على ساحل البحر المتوسط ومشاريع أخرى. وقد ساهمت هذه الصفقة في تخفيف أزمة العملة الأجنبية التي كانت تستمر لفترة طويلة في مصر.
أسباب وآثار المشاكل الاقتصادية في مصر
تعاني مصر من مشاكل اقتصادية ترجع بعضها إلى عقود سابقة. فسوء التخطيط والبيروقراطية أثرا سلبًا على التنمية الصناعية، وسياسات التصدير تسببت في عجز تجاري مستمر. وقد أدى تقييم العملة بأعلى من قيمتها وهيمنة الدولة والجيش إلى انعدام الثقة لدى المستثمرين وتقويض المنافسة.
كما تسبب الاقتراض الزائد في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تراكم الديون الخارجية. وبسبب تراجع الاستثمار الأجنبي، وخاصة خارج قطاع النفط والغاز، تدهورت الحالة الاقتصادية بشكل كبير.
تراجعت أيضًا التحويلات المالية من العاملين في الخارج بنسبة 30% خلال 2022-2023، مع تراجع إقبالهم على التحويل بسعر الصرف الرسمي. ولم تساعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، المجاور للحدود الشمالية الشرقية لمصر، في تعزيز السياحة أو زيادة إيرادات قناة السويس، حيث انخفضت إيرادات الممر الملاحي بنسبة 50% في وقت سابق من هذا العام.
تدهور الوضع الاقتصادي في مصر وآثاره السلبية
إلى أي مدى أصبحت الأمور سيئة في مصر؟ تعاني مصر من ضغط شديد على الدولار وتراكم البضائع في الموانئ، ما أثر على الصناعة المحلية. ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل ملحوظ، وتسارع معدل التضخم إلى مستويات غير مسبوقة وبلغ 38% في سبتمبر الماضي. يشهد الاقتصاد نموًا بطيئًا وتدهورًا في مستوى المعيشة لدى الكثير من المصريين.
تراجعت قيمة الجنيه المصري بأكثر من الثلثين مقابل الدولار، وزاد الضغط على العملة خلال العام الماضي. وتزايدت تكاليف خدمة الديون بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملة. تمثل مدفوعات الفوائد أكثر من 45% من إجمالي الإيرادات في السنة المالية المنتهية في يونيو 2023.
قبل جائحة كورونا، تم تصنيف حوالي 30% من السكان على أنهم فقراء، ويشير المحللون إلى ارتفاع هذه النسبة منذ ذلك الحين. يعيش ما يصل إلى 60% من سكان مصر، البالغ عددهم 106 ملايين نسمة، تحت خط الفقر أو قريبون منه.
انخفض معدل البطالة إلى حوالي 7%، ولكن مشاركة العمالة في سوق العمل تراجعت بشكل ملحوظ في العقد الماضي. يعاني قطاع التعليم العام من تدهور، ويسعى العديد من الخريجين إلى العمل في الخارج.
إنفاق مصر وتوجهاته المالية
إلى أين ذهبت الأموال في مصر؟ بالإضافة إلى النفقات الاعتيادية، تستثمر مصر مبالغ هائلة في البنية التحتية، بما في ذلك مشاريع الإسكان والمدن الجديدة وتمديد الطرق السريعة. تعتبر بناء العاصمة الجديدة في الصحراء الشرقية للقاهرة أحد أبرز هذه المشروعات الضخمة، وقد بلغت تكلفتها 58 مليار دولار.
شهدت واردات مصر من الأسلحة ارتفاعًا خلال العقد الماضي، مما جعلها تصبح ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
وتؤكد السلطات أنه تم تعزيز الإنفاق على البرامج الاجتماعية للفئات المحتاجة، بما في ذلك برنامج منح نقدية يستفيد منه حوالي 5 ملايين أسرة.
تعزيز الاقتصاد في مصر وخطط الحكومة
ما الدعم الذي يمكن لمصر البناء عليه؟ تعتبر مصر ركيزة أساسية للأمن في منطقة مضطربة، حيث تتطلع الدول الغربية والخليجية إلى دعمها بشكل واسع.
تلقت مصر ودائع واستثمارات بمليارات الدولارات من حلفائها في الخليج بعد الصدمة التي تسببت فيها الحرب الروسية الأوكرانية، وحصلت على تأكيدات جديدة للتضامن بعد أزمة غزة.
ومع ذلك، بدأت دول الخليج تشدد شروطها لضخ أموال جديدة وتبحث بشكل متزايد عن استثمارات تعود بالنفع عليها.
وعلى الرغم من أن مثل هذه الاستثمارات والمبيعات من أصول الدولة كانت في مستويات متواضعة، إلا أن الاتفاق مع الإمارات لتطوير شبه جزيرة رأس الحكمة يخفف الضغوط على التمويل في المستقبل القريب.
وأثار الاتفاق تكهنات بشأن المزيد من الصفقات المحتملة، بما في ذلك قطعة أرض قرب شرم الشيخ جنوب سيناء.
تسعى مصر أيضًا لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول مثل الصين والهند، وتأمل أن يؤدي انضمامها الحديث إلى تجمع بريكس إلى جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية.
ما هي خطة الحكومة؟ بموجب الاتفاق الأحدث مع صندوق النقد الدولي، تلتزم السلطات المصرية بتنفيذ سياسات مرونة في سعر الصرف ومتانة مالية للحد من التضخم وعجز الميزان التجاري.
تشمل الخطة الإصلاحات الهيكلية لتعزيز نمو القطاع الخاص، بما في ذلك إلغاء الإعفاءات والامتيازات للشركات التابعة للدولة ذات الثقل الكبير.
وأكد صندوق النقد الدولي أن الاتفاق يتوافق على “إطار عمل جديد للتحكم في الإنفاق على البنية التحتية، بما في ذلك المشاريع التي تم تنفيذها خارج نطاق الميزانية العادية”.
اقرأ كذلك: بعد خفض الجنيه المصري.. متى تنتهي السوق السوداء؟