هل الحيوانات السامة تسيطر على قارة أستراليا كما يشاع؟
تظهر دراسات أن أستراليا تستضيف تنوعًا كبيرًا من الكائنات السامة، وعلى الرغم من أن هناك الكثير من الحيوانات السامة في البلاد، إلا أن بعض الأمور قد تكون مبالغ فيها، وذلك وفقًا لخبراء في علم البيئة وعلم الأحياء التطوري. يعزو البعض هذه الاعتقادات المبالغ فيها إلى التقدم العلمي والبنية التحتية الصحية الجيدة في أستراليا، مع الاعتراف بأن التنوع في الحيوانات السامة ليس أمرًا فريدًا تمامًا في هذه المنطقة الاستوائية.

أستراليا هي واحدة من أكثر البلدان تنوعًا فيما يتعلق بالكائنات الحية السامة. تضم القارة الأسترالية مجموعة مذهلة من المخلوقات السامة. بما في ذلك العناكب الخطيرة والثعابين القاتلة وقناديل البحر الخطيرة والأخطبوطات المميتة والنمل السام وحتى خلد الماء القاتل. يتميز البيئة الأسترالية بتنوعها الفريد والمدهش. حيث يبدو أن العديد من هذه الحيوانات كانت هناك قبل حتى وجود أستراليا نفسها على الخريطة.
كائنات ما قبل الانفصال: تاريخ حيوانات أستراليا السامة
في دراسته حول تاريخ الحيوانات السامة في أستراليا. يقول الأستاذ المساعد في العلوم البيولوجية التطورية بجامعة سوانسي في المملكة المتحدة، كيفن آرباكل. إن أستراليا أصبحت كتلة أرضية منفصلة قبل نحو 100 مليون سنة عندما انفصلت عن القارة الجنوبية العملاقة غوندوانا. وما يثير الدهشة هو أن سلالات الحشرات السامة قد عبرت إلى أستراليا مرتين إلى ثلاث مرات منذ هذا الانفصال.
ببساطة، يعني ذلك أن بعض الأنواع السامة قد وجدت نفسها محصورة في أستراليا بعد أن أصبحت جزيرةً معزولة. ومن بين هذه الكائنات السامة نجد نمل الفك المصيدة، الذي يمكن أن يسبب لدغةً مؤلمة. وعلى الرغم من وجودها في أستراليا، إلا أن هذه الحشرات موجودة أيضًا في مناطق استوائية وشبه استوائية أخرى حول العالم. وليس أستراليا هي المكان الوحيد الذي تعيش فيه.
الكائنات القاتلة في أستراليا: تاريخ السموم واللدغات
تعتبر أستراليا وجهة للكائنات السامة والقاتلة، حيث يتميز نمل الثور الأسترالي بقدرته على اللدغة والعض في نفس الوقت. مما يجعله واحدًا من أخطر النمل في العالم. وتشير التقارير إلى أنه قتل ثلاثة أشخاص منذ عام 1936. وهذه الإحصائيات مدرجة في موسوعة غينيس للأرقام القياسية. إذاً. كانت سلالات النمل السام هذه موجودة في أستراليا منذ الأزمنة البعيدة، حيث بقيت هناك بمجرد أن أصبحت أستراليا قارة منفصلة بعد انفصالها عن غوندوانا.
أما فيما يتعلق بالعناكب، فإن العناكب ذات الشبكة القمعية هي الوحيدة في أستراليا التي يمكنها قتل البشر بلدغة سامة. وفقًا لما ذكره الأستاذ كيفن آرباكل. ورغم أنه يعتقد أن ذكور هذه العناكب قتلوا 13 شخصًا في سيدني، إلا أنه منذ ظهور مضادات السموم في عام 1981 لم تُسجل أي حالات وفاة بشرية. ويجب الإشارة أيضًا إلى وجود نوع آخر من عناكب الأرملة ذات الأرجل الحمراء في أستراليا. والتي يمكن أن تكون قاتلة أيضًا بلدغة سامة، ويتجلى تاريخ هذه العناكب القاتلة من خلال أسلافها الذين كانوا موجودين قبل حتى وجود أستراليا كقارة منفصلة.
الكائنات في أستراليا: تطور الثعابين والحياة بعد الانفصال
تمتد تاريخ الكائنات في أستراليا إلى ملايين السنين، حيث يشير البروفيسور مايكل لي. أستاذ علم الأحياء التطوري في متحف جنوب أستراليا وجامعة فلندرز. إلى أن بعض الكائنات هناك يعود تاريخها إلى ما يقرب من 60 مليون سنة مضت. في هذا الزمن البعيد. تعرضت أستراليا لتغيرات جيولوجية جعلتها تتحرك نحو القطب الجنوبي المتجمد. مما أسفر عن انقراض العديد من الزواحف في المنطقة. عندما انتقلت القارة ببطء إلى الشمال، زادت درجة حرارتها مما أتاح للزواحف العودة إلى المنطقة مرة أخرى.
بعد مرور نحو 40 مليون سنة على هذه الأحداث، بدأت الثعابين الأولى في استعادة القارة. وتبين أنها تنتمي إلى عائلة “أماميات الأخاديد” السامة ذات الأنياب الأمامية. والتي تضم الكوبرا والمامبا والثعابين المرجانية والتايبان، وتمثل هذه الأنواع القديمة أسلافاً لثعابين الأرض. بعد ذلك، تطورت هذه الثعابين إلى أشكال أكثر سمية.
من بين 220 نوعاً من الثعابين الموجودة في أستراليا، هناك 145 نوعاً يمتلكون سموماً قاتلة. وتمثل هذه الثعابين القاتلة حوالي 65% من إجمالي الثعابين في أستراليا. بينما يبلغ نسبة الثعابين السامة في باقي أنحاء العالم نحو 15% فقط.
التنوع السام في أستراليا: بين الحقائق والمبالغات
تشير الأبحاث إلى وجود تنوع كبير من المخلوقات السامة في أستراليا، ولكن هل هذا التنوع مبالغ فيه؟ يرى الأستاذ ديتر هوشولي، الخبير في علم البيئة بجامعة سيدني، أن الإجابة القصيرة هي نعم، هناك الكثير من الكائنات السامة في أستراليا، ربما أكثر مما يعتقد البعض.
من ناحية أخرى، يرى الأستاذ كيفن آرباكل، متخصص في علم الأحياء التطوري، أن الصورة التي ترتسم دائمًا عن أستراليا كوجهة للحيوانات السامة قد تكون مبالغ فيها في كثير من الأحيان. ويعزو ذلك إلى التطور العلمي الرائع والبنية التحتية الصحية الممتازة في القارة. ويشير إلى أن تنوع الكائنات السامة ليس أمرًا غير عادي تمامًا بالنسبة لمنطقة استوائية إلى هذا الحد.
اقرأ أيضاً : بالصور.. تعرف أكثر القطط شهرة في تركيا وقوانين رعايتها