إسرائيل تُنفذ عملية برية في غزة وتستعيد السيطرة على محور نتساريم.
إسرائيل تشن عملية برية محدودة في قطاع غزة وتستعيد السيطرة على محور نتساريم في وقت يتزايد فيه عدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين، وسط تصعيد عسكري مستمر وتهديدات بإجراءات أكثر قسوة ضد حركة حماس

إسرائيل تبدأ عملية برية محدودة في غزة وتستعيد السيطرة على محور نتساريم. في خطوة تصعيدية جديدة، أعلنت إسرائيل اليوم الأربعاء أن جيشها بدأ عملية برية محدودة في قطاع غزة. هذه العملية تأتي في وقت تتصاعد فيه الغارات الجوية على مناطق متفرقة في القطاع، مما أدى إلى استشهاد وجرح المزيد من الفلسطينيين. إسرائيل أكدت أن الهدف من هذه العملية هو توسيع نطاق المنطقة الدفاعية وإنشاء خط فاصل بين شمال وجنوب القطاع. كذلك، تحدث الجيش الإسرائيلي عن تقدمه الميداني، حيث تمكن من استعادة السيطرة على محور نتساريم، وهو محور استراتيجي يقع في وسط القطاع، الذي كان تحت سيطرة قوات الاحتلال سابقًا قبل انسحابها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم في يناير/كانون الثاني الماضي.
العملية البرية: الأهداف والنتائج الأولية
عملية اليوم تأتي في إطار الجهود الإسرائيلية المستمرة للضغط على حركة حماس، وهي تعتبر بمثابة تصعيد عسكري في سياق عملية “الضغط على حماس” التي بدأتها إسرائيل منذ بداية المواجهات الحالية. الجيش الإسرائيلي أوضح في بيانه أن الهدف من العملية البرية هو توسيع المنطقة الدفاعية لجيش الاحتلال من خلال السيطرة على نقاط استراتيجية في قطاع غزة.
أحد الأهداف الرئيسة التي تم الإعلان عنها هو إنشاء خط فاصل بين شمال وجنوب القطاع. هذه الخطوة تهدف إلى فرض السيطرة على المناطق الحساسة والمفتوحة لتوسيع نطاق العمليات العسكرية وتحقيق المزيد من التفوق الميداني. كما أن الجيش الإسرائيلي قال إنه يهدف إلى “تطهير” المناطق التي قد تشكل تهديدًا لجنوده أو للمستوطنات القريبة، وهو ما يتماشى مع التوجهات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء التصعيد.
أما على الأرض، فقد تمكنت قوات الجيش من استعادة السيطرة على محور نتساريم الاستراتيجي، الذي يعد أحد المحاور الرئيسية في قطاع غزة. هذا المحور كان قد شهد سابقًا سيطرة إسرائيلية قبل أن تنسحب منها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي. عودة السيطرة عليه تُمثل هدفًا مهمًا للجيش الإسرائيلي في إطار عمليات التوسيع الدفاعي.
محور نتساريم والمناطق المحيطة به: الأهمية والتاريخ العسكري
محور نتساريم يقع في قلب قطاع غزة، ويعد أحد النقاط الاستراتيجية التي كانت إسرائيل قد سيطرت عليها خلال السنوات الماضية. بعد انسحابها من غزة في عام 2005 بموجب خطة “فك الارتباط”، أصبحت هذه المنطقة تمثل نقطة اهتمام كبير في استراتيجية الاحتلال العسكرية، نظرًا لموقعها الذي يربط بين شمال وجنوب القطاع.
إسرائيل قامت بالانسحاب من المنطقة عام 2005، ولكن في أعقاب التصعيدات العسكرية الحالية، أصبح من الضروري بالنسبة لها استعادة هذا المحور من أجل تعزيز مواقعها العسكرية وضمان السيطرة على النقاط الحساسة في القطاع. إعادة السيطرة على نتساريم يتيح للقوات الإسرائيلية فرصة للتمركز بشكل أفضل في مواجهة أي هجمات قد تشنها فصائل المقاومة الفلسطينية.
الأوضاع الإنسانية في غزة: نزوح جماعي وتزايد أعداد الشهداء
التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة تزامن مع أزمة إنسانية متفاقمة نتيجة العمليات العسكرية المستمرة. الأمم المتحدة أعلنت أن آلاف الأشخاص نزحوا من بيوتهم بسبب الهجمات الإسرائيلية المكثفة، وخصوصًا تلك التي استهدفت المناطق الشمالية والجنوبية من القطاع. وذكرت تقارير أن قوات الاحتلال قد طلبت من المدنيين إخلاء مناطق محددة في شمال القطاع وجنوبه، في خطوة أدت إلى زيادة الأعداد المهجرة.
الآثار الإنسانية لهذا التصعيد لا تقتصر على النزوح فقط، بل تشمل أيضًا الارتفاع الحاد في أعداد الشهداء الفلسطينيين. بحسب المصادر الطبية، ارتفع عدد الشهداء إلى 451 فلسطينيًا منذ بداية الغارات الجوية الإسرائيلية، وهو رقم في تزايد مستمر، مع تواصل العمليات العسكرية. وفي أحدث التقارير، استشهد أربعة فلسطينيين، بينهم طفل، بنيران مسيرة إسرائيلية في منطقة المواصي شمال غرب خان يونس، بينما استشهد ستة آخرون جراء قصف مركبة مدنية في منطقة مصبح شمالي مدينة رفح.
هذا بالإضافة إلى الهجمات المستمرة التي تشنها الطائرات الإسرائيلية على أهداف متعددة في غزة، ما يؤدي إلى وقوع المزيد من الضحايا. مصادر طبية أفادت أيضًا بارتفاع أعداد الجرحى بشكل ملحوظ، خاصة في صفوف النساء والأطفال، الذين يمثلون النسبة الأكبر من ضحايا الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.
التصعيد العسكري: دوافع وأهداف إسرائيلية
التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة يأتي ضمن سياق أكبر من التوترات الإقليمية والدولية، حيث تسعى إسرائيل إلى إضعاف قدرة حركة حماس على مواجهة القوات الإسرائيلية على الأرض. تصريحات المسؤولين الإسرائيليين تشير إلى أن هذه العمليات العسكرية تهدف إلى الضغط على حماس لتقديم تنازلات في ملفات عدة، أبرزها ملف الأسرى الفلسطينيين.
كما أن الجيش الإسرائيلي يهدف إلى تعزيز وجوده العسكري في المناطق الحيوية داخل غزة لضمان عدم تكرار الهجمات التي تهدد أمن المستوطنات الإسرائيلية القريبة من حدود القطاع. في هذا السياق، أشار وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى أن إسرائيل ستستمر في الضغط على حماس حتى تحقيق أهدافها، مؤكدًا أن قوات الاحتلال ستقوم بعمليات غير مسبوقة في حال رفضت الحركة أي من مطالبها، بما في ذلك إطلاق سراح الأسرى.
الإجلاء القسري للسكان: آلية التنفيذ والمخاطر الإنسانية
في إطار التصعيد الحالي، أعلنت إسرائيل أنها بصدد بدء عملية إجلاء السكان من المناطق الحدودية في غزة. وزير الدفاع الإسرائيلي دعا المدنيين إلى مغادرة المناطق المهددة بالقصف، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء يأتي في سياق حماية المدنيين من التصعيد العسكري.
لكن هذه الدعوات للإجلاء تثير العديد من التساؤلات حول تأثيرها على الوضع الإنساني في غزة. فقد أكدت العديد من المنظمات الإنسانية أن عملية الإخلاء القسري تمثل تهديدًا كبيرًا للمدنيين، حيث إن القطاع يعاني أصلاً من أوضاع مأساوية، مثل نقص الغذاء والدواء، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية نتيجة الهجمات المتكررة. كما أن هذه العمليات قد تتسبب في زيادة عدد النازحين داخليًا، ما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني.
الموقف الدولي وردود الفعل على التصعيد
على الصعيد الدولي، هناك تباين في ردود الفعل على التصعيد الإسرائيلي في غزة. فقد أعربت بعض الدول الغربية عن دعمها لإسرائيل في حقها في الدفاع عن نفسها، بينما عبرت دول أخرى عن قلقها من تدهور الوضع الإنساني في القطاع. الأمم المتحدة وصفت الوضع في غزة بـ “المرعب”، ودعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس والتفاوض من أجل التوصل إلى هدنة دائمة.
من جهة أخرى، تواصل حركة حماس مقاومة عمليات الاحتلال، معتبرة أن العمليات العسكرية تهدف إلى ضرب إرادة الشعب الفلسطيني والضغط عليه لتقديم تنازلات في القضايا الأساسية مثل الأسرى والقدس. الحركة أكدت أنها ستواصل دفاعها عن غزة والشعب الفلسطيني مهما كانت التكاليف.
تبعات التصعيد العسكري وتحديات المستقبل
التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة يواصل إلقاء ظلاله الثقيلة على المنطقة، مع تصاعد أعداد الشهداء والجرحى، وزيادة التوترات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. العملية البرية التي أطلقها الجيش الإسرائيلي تهدف إلى تحقيق أهداف استراتيجية تتعلق بتوسيع المنطقة الدفاعية وضمان السيطرة على المحاور الاستراتيجية في القطاع. لكن في المقابل، يعاني المدنيون الفلسطينيون من تداعيات هذا التصعيد، سواء عبر موجات النزوح الجماعي أو من خلال تزايد أعداد الشهداء.
إن استمرار التصعيد العسكري يعكس فشلًا في التوصل إلى تسوية سلمية تنهي معاناة المدنيين وتضع حدًا لأعمال العنف. إن استجابة المجتمع الدولي وموقف الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية سيكون لهما تأثير كبير في تحديد مسار الأحداث في الأيام المقبلة.
اقرأ كذالك: استشهاد 4 في غزة والمستوطنون يحرقون 3 منازل بالضفة