لماذا يصعب ترحيل 13 مليون مهاجر كما يطمح ترامب؟
ترامب يعلن خططًا طموحة لإعلان حالة الطوارئ الوطنية واستخدام الجيش لتنفيذ عمليات الترحيل الجماعي لملايين المهاجرين غير النظاميين وسط تحديات قانونية ولوجستية ضخمة
لماذا يصعب ترحيل 13 مليون مهاجر كما يطمح ترامب؟…. يخطط لإعلان حالة الطوارئ الوطنية واستخدام الجيش لتنفيذ خطة الترحيل الجماعي واشنطن- في تطور لافت، أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، في تصريح له يوم الاثنين الماضي، أنه ينوي إعلان حالة الطوارئ الوطنية واستخدام الجيش الأميركي للمساعدة في تنفيذ خطته لترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين من الولايات المتحدة. الخطوة التي يعتزم ترامب اتخاذها في بداية ولايته الرئاسية، تندرج في سياق تعهده بحل أزمة الهجرة غير النظامية التي أصبحت أحد الموضوعات الأكثر إثارة للجدل في الولايات المتحدة.
ومن خلال منصة “تروث سوشيال”، التي يديرها شخصيًا، قام ترامب بإعادة نشر تغريدة من توم فيتون، مدير مجموعة المراقبة القضائية المحافظة، حيث جاء فيها أن إدارة ترامب ستقوم “بإعلان حالة طوارئ وطنية. وستستخدم الإمكانيات العسكرية لمعالجة الهجرة غير النظامية عبر برنامج ترحيل جماعي”. وتعليقًا على هذه التغريدة. اكتفى ترامب بإضافة كلمة واحدة “صحيح”، ما يشير إلى أن هذه الخطوة كانت جزءًا من وعوده الانتخابية والتي سيعمل على تنفيذها بكل حزم.
التزام ترامب بخطة الترحيل الجماعي
خلال حملته الانتخابية. تعهد ترامب بالبدء في تنفيذ عمليات الترحيل الجماعي في اليوم الأول من توليه الرئاسة. هذا الالتزام القوي لاقى دعمًا كبيرًا من الأوساط الجمهورية. لا سيما بين الطبقات العاملة ذات التعليم المحدود التي تشعر بالقلق من تدفق الملايين من المهاجرين كل عام دون تدقيق حقيقي عند عبورهم الحدود. هؤلاء المواطنون يرون أن قدوم أعداد ضخمة من المهاجرين يؤدي إلى تقليل فرص العمل للعمال المحليين. لا سيما في المهن ذات الأجور المنخفضة. فضلًا عن التأثيرات السلبية على سوق العقارات مثل زيادة أسعار الإيجارات والمساكن.
ترامب يعتبر الهجرة غير الشرعية بمثابة تهديد للأمن القومي الأميركي، ويرى أن منع تدفق المهاجرين بشكل غير قانوني هو من أولويات حكومته. ورغم التحديات القانونية والسياسية التي قد تواجهها خطته، إلا أنه مصر على تنفيذها، مدعومًا في ذلك بكثير من مؤيديه الذين يشاركونه قلقه بشأن الأثر الاجتماعي والاقتصادي للهجرة غير النظامية.
سلطة الكونغرس في إعلان حالات الطوارئ
يجدر بالذكر أن الكونغرس الأميركي يمنح الرئيس سلطة واسعة في إعلان حالات الطوارئ الوطنية وفقًا لتقديره الخاص. هذه السلطة تمنح الرئيس صلاحيات استثنائية تشمل إعادة توجيه الأموال المخصصة لأغراض أخرى، مما يمنح ترامب القدرة على تخصيص موارد إضافية لدعم مشاريعه مثل بناء الجدار الحدودي وتنفيذ خطة الترحيل.
خلال فترة ولايته الأولى، استخدم ترامب هذا النوع من السلطات بشكل مفرط، لاسيما في تمويل بناء الجدار الحدودي. حيث تجاوز التخصيصات التي كان الكونغرس مستعدًا للسماح بها، من خلال التذرع بحالة الطوارئ الوطنية، وهو ما يعكس عزمه في التصدي لما يعتبره تهديدًا أمنيًا من خلال تعزيز الحدود.
ومن الأسماء البارزة التي رشحها ترامب لتولي المناصب المعنية بتنفيذ خطط الهجرة، توم هومان، الذي تم ترشيحه ليشغل منصب “قيصر الحدود”. هومان معروف بتشدده ورؤيته القوية التي تدعو إلى ترحيل جميع المهاجرين غير النظاميين، وهو ما يجسد التوجه الصارم لإدارة ترامب في التعامل مع أزمة الهجرة.
التحديات اللوجستية في تنفيذ خطة الترحيل الجماعي
رغم محاولات ترامب لإظهار عزم إدارته على تنفيذ خطط الترحيل، إلا أن الحكومة الفيدرالية تفتقر إلى الإمكانيات اللازمة لاحتجاز أعداد ضخمة من المهاجرين. ففي الوقت الحالي، تستخدم سلطات الهجرة الأميركية مرافق ومخيمات مخصصة لإيواء المهاجرين المحتجزين لفترات قصيرة حتى يتم ترحيلهم.
وتشير بيانات وحدة بحثية متخصصة في بيانات الهجرة بجامعة سيراكيوز إلى أن هناك حوالي 39 ألف مهاجر محتجزين حاليًا في الولايات المتحدة في انتظار عمليات الترحيل. وتقوم السلطات الفيدرالية بترحيل مئات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين سنويًا. لكن على الرغم من هذه الجهود، لم يتوقف تدفق المهاجرين من الحدود الجنوبية، حيث يقدر عددهم الإجمالي بحوالي 13 مليون شخص.
من ناحية أخرى، تواجه خطة ترامب تحديات لوجستية كبيرة، حيث إن ترحيل ملايين الأشخاص يتطلب تخطيطًا معقدًا وموارد ضخمة، مما يجعل تنفيذ هذا التعهد في ظل الإمكانيات الحالية أمرًا صعبًا. لذلك، تواصل إدارة ترامب السعي للحصول على دعم من الولايات والمدن المحلية.
تعاون الولايات والمقاطعات في تنفيذ الخطة
في خطوة نحو تحقيق هذا الهدف، قدمت ولاية تكساس عرضًا لإدارة ترامب يتضمن توفير مزرعة ضخمة في مقاطعة ستار على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. المزرعة تبلغ مساحتها ألفًا و402 فدان، وتقع على بُعد حوالي 35 ميلاً غرب مدينة ماكالين الحدودية. وفي خطاب أرسلته داون باكنغهام. مفوضة الأراضي في تكساس، إلى ترامب. أكدت أن مكتبها سيكون مستعدًا للعمل مع الوكالات الفيدرالية لبناء مراكز احتجاز ضخمة على الأراضي المقترحة.
إضافة إلى ذلك، أكدت باكنغهام أن مكتبها سيعمل على التنسيق مع وزارة الأمن الداخلي ووكالات الهجرة والجمارك لبناء منشأة ضخمة لمعالجة واحتجاز المهاجرين. خصوصًا المجرمين العنيفين. وفي ضوء هذه المبادرة. باتت ولاية تكساس تحت سيطرة الجمهوريين، مما يجعل دعمها لخطة ترامب أمرًا متوقعًا. لكن من ناحية أخرى. أكد الحكام الديمقراطيون في الولايات الحدودية الأخرى مثل كاليفورنيا وأريزونا ونيو مكسيكو أنهم لن يشاركوا في عمليات الترحيل الجماعي.
الرفض الديمقراطي وأثره على تنفيذ الخطة
من جانب آخر، تجد إدارة ترامب نفسها في مواجهة تحديات من حكام ومدن ديمقراطية. حيث تنتخب العديد من المدن الجنوبية عمداء من الحزب الديمقراطي. الذين يرفضون تقديم أي مساعدة للحكومة الفيدرالية في تنفيذ عمليات الترحيل. على سبيل المثال. قام مجلس مدينة لوس أنجلوس. الذي يترأسه رئيس بلدية ديمقراطي. بإقرار مرسوم “مدينة الملاذ” الذي يحظر استخدام الموارد المحلية لمساعدة سلطات الهجرة الفيدرالية في تنفيذ عمليات المطاردة أو الاحتجاز.
هذا الرفض من المدن الديمقراطية يعكس الانقسام الحاد في المواقف السياسية في الولايات المتحدة حول قضايا الهجرة. ما يجعل مهمة ترامب في تنفيذ خطته أكثر تعقيدًا. فمن المتوقع أن تزداد الفجوة بين الولايات “الحمراء” المؤيدة للجمهوريين و”الزرقاء” المؤيدة للديمقراطيين فيما يتعلق بالتعاون مع أهداف الهجرة التي تسعى إدارة ترامب لتحقيقها.
التحديات القانونية لبرنامج الترحيل الجماعي
من المتوقع أن تواجه خطة الترحيل الجماعي العديد من التحديات القانونية. فوفقًا لتقرير لمعهد سياسة الهجرة بواشنطن، قالت كاثلين بوش جوزيف إننا “على الأرجح سنشهد اتساع الفجوة بين الولايات الحمراء والزرقاء فيما يتعلق بالتعاون مع أهداف الهجرة التي وضعتها إدارة ترامب”. هذه الفجوة قد تعني مزيدًا من التعقيدات في تنفيذ الخطة على أرض الواقع.
أحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الأمن الداخلي ومعهد أبحاث بيو تشير إلى أن حوالي 80% من المهاجرين غير النظاميين يعيشون في الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد من الزمان. هؤلاء المهاجرون يحق لهم الحصول على الإجراءات القانونية الواجبة. بما في ذلك جلسة استماع في المحكمة قبل ترحيلهم. وتعتبر هذه العملية طويلة ومعقدة. حيث يتعين على السلطات تحديد هوية المهاجر غير النظامي. ثم اعتقاله. ومن ثم إيواؤه في مراكز احتجاز قبل أن يمثل أمام قاضي الهجرة.
الضغط على نظام محاكم الهجرة
زيادة عدد عمليات الترحيل بشكل كبير سيؤدي إلى ضغط هائل على نظام محاكم الهجرة الأميركي. الذي يعاني بالفعل من تراكم كبير في القضايا بسبب نقص القضاة. هذه الزيادة في حالات الترحيل قد تتسبب في تأخير شديد في النظر في القضايا. مما يعقد الموقف أكثر. وفي ذات الوقت. العديد من المدن والمقاطعات الكبرى تبنت قوانين تقيد تعاون الشرطة المحلية مع سلطات إنفاذ قوانين الهجرة. مما يزيد من التحديات أمام الحكومة الفيدرالية في تنفيذ خطتها.
التكلفة العالية لعملية الترحيل الجماعي
تعد تكلفة الترحيل الجماعي أحد أبرز التحديات التي يواجهها ترامب في تنفيذ خطته. وفقًا للتقديرات. قد تصل تكلفة ترحيل مليون مهاجر سنويًا إلى عشرات المليارات من الدولارات. ويتطلب ذلك بناء مراكز احتجاز جديدة لاستيعاب المهاجرين الذين سيتم ترحيلهم. وفي ذات الوقت. تحتاج عملية الترحيل إلى زيادة كبيرة في عدد رحلات الطائرات الجوية الخاصة بالترحيل. وقد يتطلب الأمر حتى الاستعانة بالطائرات العسكرية لزيادة
اقرأ كذلك :كيف أفلت برنامج باكستان النووي من مؤامرات إسرائيل والهند؟