مدونات

ما أهم الملفات الاقتصادية التي تنتظر رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد ؟!

تأثير تراجع ثقة المانحين على الدعم المالي للفلسطين: تحليل للأسباب والتداعيات الاقتصادية والسياسية

عندما تولى محمد مصطفى منصب رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد. ورث مجموعة من الملفات الاقتصادية الهامة والشائكة التي تم تركها من قبل سلفه محمد اشتية. ومن بين هذه الملفات المهمة هي إعادة إعمار قطاع غزة الذي تعرض لدمار هائل بسبب الحروب والنزاعات مع إسرائيل.

في الأسبوع الماضي، تم تعيين مصطفى كرئيس جديد للوزراء، حيث أصدر قرار رئاسي بهذا الشأن. وتتوقع الجميع بشغف تشكيل حكومة جديدة تحت قيادته. وهذه الحكومة ستواجه تحديات عديدة في مجالات الاقتصاد والتنمية.

يعتبر إعادة إعمار قطاع غزة من أهم الأولويات التي سيعمل عليها الرئيس الجديد، حيث أن الحرب مع إسرائيل لم تنته بعد. وتبقى الحاجة ماسة لإعادة بناء البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين المتضررين.

ومن الجدير بالذكر أن الحكومة الفلسطينية الحالية تقوم بإدارة الأعمال بشكل مؤقت. في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة وبدء العمل الفعلي على الملفات الاقتصادية والسياسية الملحة.

بالإضافة إلى إعادة إعمار غزة. تتضمن الملفات الاقتصادية الهامة التي تنتظر الرئيس الجديد تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية في القطاع العام. وهذا يتطلب جهوداً مكثفة لتحسين الأوضاع المالية وتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة للشباب وتحقيق الاستقرار الاقتصادي للبلاد.

إعادة إعمار غزة وتحديات اقتصادية تواجه الفلسطين

إعادة إعمار غزة تظل واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الفلسطين في الوقت الحالي. خاصة مع استمرار آلة الحرب الإسرائيلية في ممارسة عدوانها على القطاع. والذي بات يمتد لأكثر من ستة أشهر متواصلة. يشير التقارير إلى أن نحو 60% من المرافق السكنية في غزة أصبحت غير صالحة للاستخدام البشري نتيجة للتدمير الهائل الذي لحق بها.

إلى جانب ذلك، يشهد الاقتصاد القطاعي في غزة تدهورًا كبيرًا، حيث يبلغ الناتج المحلي للقطاع حوالي 5 مليارات دولار. وقد تأثر بشكل كبير بالحروب والنزاعات المتواصلة، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 31 ألف شخص وإصابة 80 ألف آخرين. بالإضافة إلى نزوح مليوني شخص على الأقل.

شارك رئيس الوزراء المكلف محمد مصطفى في منتدى دافوس الاقتصادي في يناير الماضي. حيث قدّرت التقديرات الأولية لتكلفة إعادة إعمار المرافق السكنية في غزة بحوالي 15 مليار دولار. وهو رقم يعكس حجم الدمار الهائل الذي لحق بالمنطقة.

وفي تصريح للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أشار إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة. بما في ذلك المرافق السكنية والتجارية والبنية التحتية، قد تتجاوز 90 مليار دولار وفقًا لدراسة مصرية.

مع هذه التحديات الهائلة، تواجه الحكومة الفلسطينية الجديدة صعوبات مالية كبيرة. حيث لا تملك سوى جزء صغير من المبلغ المطلوب لإعادة الإعمار، وهو أمر يضع ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام.

بالإضافة إلى إعادة إعمار غزة، تتعرض الحكومة الجديدة أيضًا لضغوطات لاستعادة زخم اقتصاد الضفة الغربية. الذي شهد تراجعًا حادًا في الربع الأخير من عام 2023، مما استدعى إجراءات ملموسة لتحفيز النمو وزيادة الإيرادات المالية المجباة.

تحديات فاتورة الأجور في فلسطين: الإيرادات والإنفاق

في فلسطين، يواجه الموظفون العموميون تحديات كبيرة تتعلق بفاتورة الأجور. حيث يتسلم حوالي 147 ألف موظف مدني وعسكري أجورًا منقوصة منذ نوفمبر 2021. نتيجة عجز الحكومة عن تحقيق الإيرادات المالية الكافية لتغطية تلك الأجور بالكامل.

يبلغ إجمالي فاتورة أجور الموظفين العموميين حوالي 160 مليون دولار شهريًا. ويضاف إليها 120 مليون دولار أخرى شهريًا لأجور المتقاعدين وأشباه الرواتب. وبالتالي. يصبح الإجمالي الشهري المستحق للأجور وأشباه الرواتب 280 مليون دولار. دون احتساب النفقات الأخرى كالتشغيلية وسداد القروض ومستحقات القطاع الخاص، مما يرفع الإنفاق الشهري الإجمالي إلى 400 مليون دولار.

من ناحية أخرى، يبلغ إجمالي الدخل الفلسطيني، مع احتساب أموال المقاصة. حوالي 380 مليون دولار شهريًا. وهذا يجبر الحكومة على صرف 80% من الراتب الشهري. مما يترك العديد من الموظفين بوضع مالي صعب.

لحل أزمة فاتورة الأجور، تتعرض الحكومة لخيارات صعبة، مثل فتح باب التقاعد المبكر إلزاميًا أو اختياريًا. أو البحث عن مصادر إيرادات جديدة غير تقليدية. هذه التحديات تستدعي استراتيجيات مالية واقتصادية شاملة للحفاظ على استدامة الرواتب وتوفير الخدمات الحكومية الأساسية للمواطنين.

أزمة المقاصة بين الفلسطين وإسرائيل

تعيش الحكومة الفلسطينية حالة من الأزمة المستمرة للشهر السادس على التوالي في مواجهة أزمة المقاصة مع إسرائيل. والتي بدأت بعد الحرب على قطاع غزة وقرار وزير المالية الإسرائيلي تسلئيل سموتريتش بخصم حصة غزة من أموال المقاصة.

تبلغ حصة غزة من المقاصة حوالي 75 مليون دولار من إجمالي المقاصة البالغ 220 مليون دولار شهريًا. والتي تتألف أساسًا من الضرائب التي تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية على السلع المستوردة.

تعتمد السلطة الفلسطينية بشكل كبير على أموال المقاصة لدفع رواتب موظفيها وتلبية التزاماتها تجاه فاتورة الأجور والنفقات الحكومية الأخرى. وهذا يجعل الأزمة المقاصية تشكل تحديًا جوهريًا لاستدامة الحكومة وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

بالإضافة إلى الاقتطاع الشهري المخصص لغزة. تقتطع إسرائيل مبالغ أخرى لصالح شركات المياه والكهرباء والمستشفيات وبعض الغرامات. مما يرفع إجمالي الاقتطاع الشهري إلى حوالي 135 مليون دولار على الأقل.

هذه الأزمة تتطلب حلولًا فورية ومستدامة لضمان استمرارية توفير الخدمات الحكومية الأساسية. وتجنب الانهيار المالي الذي قد يؤثر سلبًا على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الفلسطين.

تراجع ثقة المانحين وتأثيرها على الدعم للفلسطين

منذ عام 2017، شهدت المنح الخارجية الموجهة للفلسطين تراجعًا حادًا. حيث كان متوسط الدعم السنوي يبلغ 1.1 مليار دولار. ولكن اليوم تقتصر هذه المساعدات على ما يقارب 350 مليون دولار سنويًا. يشكل الاتحاد الأوروبي 80% من هذا الدعم. بينما تأتي النسبة المتبقية من البنك الدولي وبعض المانحين الفرديين.

تعود أسباب تراجع الدعم إلى عدة عوامل، حيث اتهم المانحون السلطة الفلسطينية بنقص الشفافية. مما دفع بعضهم إلى خفض المنح المالية وآخرين إلى تعليقها تمامًا. على سبيل المثال. قررت الولايات المتحدة تعليق المساعدات بناءً على قرار كونغرسي عام 2017، وذلك أثناء فترة رئاسة دونالد ترامب.

من ناحية أخرى، لم يوضح المانحون العرب بشكل صريح سبب تعليقهم للمساعدات الموجهة للحكومة الفلسطينية. مما أدى إلى تفاقم الأزمة المالية لدى السلطة الفلسطينية. هذه الأوضاع تعكس تراجع ثقة المانحين وتأثيرها السلبي على الدعم المالي الموجه للفلسطين، مما يستدعي تحسين الشفافية وتعزيز الثقة لاستعادة دعم مستدام لتلبية احتياجات الشعب الفلسطيني.

اقرأ كذلك: من هو المرشح الفلسطيني المحتمل لرئاسة السلطة الفلسطينية وفقاً لصحيفة روسية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات