مدونات

رؤية مهمة حول الحروب الروسية الأوكرانية

في ظل تصاعد غزو روسيا على أوكرانيا الرؤية والأبعاد والعبرة وهل ستمتد تجده في هذا المقال المهم

في ظل تصاعد وتيرة الحروب الروسية الأوكرانية الرؤية والأبعاد والعبرة وهل ستمتد. تجده في هذا المقال المهم والذي يوضح الرؤية المستقبلية من منظور السنة الكونية وتبعات هذه الحروب.

استيقظ العالم بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، وقد أصبحت كثير من البلاد عبارة عن أكوام من الركام. وكان الموت والدمار هو القاسم المشترك الأكبر بينهم. فقرر ارباب العالم أن لا يسمحوا باندلاع هذه الحروب مجددا وخاصة داخل بلدانهم.

فأنشأوا “الهيئات” وأقاموا “الاتحادات” بهدف تجنيب بلدانهم الحروب ، ودعموا لسنوات طويلة “حروبا بالوكالة”. وخاضوا في أسوأ الظروف “حروبا باردة”؛ وكل ذلك لتجنّب الصدام الدموي المباشر داخل بلادهم حتى أتاها شبح الحرب يُهدِّدها مِن جديد. وهكذا هم في عداوة دائمة مهما حاولوا أن يوقفوها أو يؤخّروها.

وقد قال الحكيم الخبير سبحانه واصفًا أحوالهم: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ}[المائدة:14]. قال ابن كثير رحمه الله مفسّرا الآية: “أي: فألقينا بينهم العداوة والتباغض لبعضهم بعضا، ولا يزالون كذلك إلى قيام الساعة”. وقال القرطبي رحمه الله: “{فَأَغْرَيْنَا} أي: هيّجنا، وقيل: ألصقنا بهم”، وقال غيرهم من المفسرين: “أي: سلّطنا بعضهم على بعض. وصار بينهم من الشرور والمحن ما يقتضي بغض بعضهم بعضا ومعاداة بعضهم بعضا إلى يوم القيامة”.

وما يجري اليوم من حرب دموية مباشرة بين روسيا وأوكرانيا. ما هو إلا مثال على هذه العقوبة المسلّطة عليهم الملتصقة بهم، ولن نخوض حول نتيجة ومجريات الحرب الدائرة حاليا. مِن حيث استمرارها وتوسّعها لتدخل فيها دول أخرى، أو تتوقف بسيطرة روسيا على أوكرانيا ووضع حكومة موالية لها. أيّا ما كانت النتيجة فإن مما لا شكّ فيه أنّ هناك تبعات كبيرة لهذه الحرب ستغيّر كثيرا من قوانين “السلم والحرب” بين هذه الدول.

هل الحرب “الروسية-الأوكرانية” بداية لـحروب مقبلة؟

علمًا أن الخطوة الروسية بالهجوم على أوكرانيا ليست مفاجئة. وهي ترجمة عملية لحالة التنافس المتصاعد بين أمريكا وروسيا على السيطرة على دول “أوروبا الشرقية”. خصوصًا بعد سياسة “الدعم والاحتواء” التي اتبعتها أمريكا تجاه تلك الدول وزادت مؤخرا، وهو ما اعتبرته روسيا “تهديدا كبيرا” يهدف في النهاية إلى “إسقاط نظام الحكم في موسكو واستبداله بنظام صديق لأمريكا”.

ميدانيًا، فإن هذه الحرب “الروسية-الأوكرانية” طالت أو قصرت ما هي إلا بداية وتوطئة لـحروب ونزاعات مقبلة، وما صور الدمار والموت الذي أصاب الطرفين إلا مشهد صغير جدا لما ستكون عليه الأوضاع عند اندلاع الحروب الكبرى بينهم، وما نراه اليوم في أوكرانيا سيمتد إلى عواصم اوروبية أبعد وأعمق وقد حاولت لسنوات أن تنجو من ذلك.

شرعيًا، فإن ما جرى وسيجري؛ إلى جانب أنه عقاب مسلّط عليهم  لما فعلوه في بلاد المسلمين مثل غزو العراق وسوريا وليبيا. فإنّه أيضا “سنة كونية” لا تستطيع كل قوى العالم أن توقفها ولو اجتمعت، ألا وهي “سنة التدافع” والتي تكون بين الحق والباطل وتكون أيضا بين الباطل والباطل. حيث يتصارعون على الدنيا وبسط سيطرتهم عليها، وهو تدافع خاص يتفرع عن سنة التدافع العام لقوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ}. ويعبّر عن ذلك أيضا قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}، قال ابن زيد رحمه الله: “أي: نسلّط بعض الظلمة على بعض، فيهلكه ويذله” [تفسير القرطبي].

ولقد رأينا مِن أحوال الناس بُعدا كبيرا عن ميزان الولاء والبراء، فيما يتعلق بموقفهم من هذه الحرب. فبعضهم يؤيّد أوكرانيا ضد ما أسموه “الاحتلال الروسي!”. وبعضهم يؤيّد روسيا باعتبارها حليفًا لـ”محوره المقاوم!” وعدوا لأمريكا! وآخرون ينتظرون وضوح نتيجة المعركة ليحسموا موقفهم من الانحياز إلى أحد الفريقين!

المحور الأمريكي والروسي

وكان مِن غير المستغرب انخراط مقاتلين شيشانيين في القتال إلى جانب روسيا ووصف البلاعمة لهم بـ”المجاهدين!”. كذلك انخراط أوروبيين للقتال إلى جانب أوكرانيا، بل إن هذا الاصطفاف خلف ما يسمّونه “المحور الأمريكي والروسي”. سيزداد حدة وتصاعدا في السنوات القادمة، وستكشف هذه الحرب والحروب التي تليها أنه في كل بلد “قاديروف” يقاتل على منهاج بوتين!.

على الهامش، ها هي أوروبا تأكل صنم ظلمها في بلاد المسلمين وتطحنه بألسنتها في سبيل مصالحها. في حين ما يزال بعض الأعراب يطوفون بذلك الصنم! وينادون بحمايته وإدامة التضرع إليه والتوسل به! في إصرار عجيب على الحنث العظيم.

ونود أن نشير هنا إلى لفتة مهمة، وهي أنه مهما تعقّد المشهد وتصاعدت الأحداث وتداخلت المواقف. فينبغي أن يُغلّب جانب الاعتبار علينا ونحن نرى مشاهد الحرب والدمار. وأن نتذكر أن هذه الدنيا كلها إلى خراب وزوال، وأن أهوال الحروب مهما عظمت فإنها لا تقارن بأهوال يوم القيامة. يوم تزلزل الأرض والقلوب وتُدك الجبال وتتطاير الصحف، ويكون دعاء الأنبياء: “اللهم سلِّم سلِّم!”، فيسارع المسلم إلى التوبة والأوبة والالتحاق بمركب النجاة قبل أن يُقال: لا عاصم!.

اقرأ أيضاً: ثالث أكبر ترسانة في العالم.. كيف خسرت أوكرانيا أسلحتها النووية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات