تاريخ وثقافة

اكتشف الرئيس الذي كان وراء قطع علاقات 20 دولة أفريقية مع إسرائيل

كيف ساهم الرئيس المختار ولد داداه في تعزيز التضامن الأفريقي مع القضية الفلسطينية وقطع علاقات 20 دولة أفريقية مع إسرائيل

تعرّف على الرئيس الذي ساهم بقطع علاقات 20 دولة أفريقية مع إسرائيل. شكلت مواقف موريتانيا في تاريخها الحديث تجاه القضية الفلسطينية محورا أساسيا في سياستها الخارجية. هذا كان واضحًا بشكل خاص في فترة حكم الرئيس المختار ولد داداه، أول رئيس للبلاد، الذي قاد موريتانيا منذ استقلالها في عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عسكري عام 1978. وكانت تلك الفترة مليئة بالقرارات المصيرية التي ساهمت في رسم موقف البلاد في الساحة الدولية.

المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية

كان موقف الرئيس المختار ولد داداه من القضية الفلسطينية محوريًا في توجيه علاقات موريتانيا الدولية، حيث كان دائمًا ما يسلط الضوء على دعمه الثابت للشعب الفلسطيني وكفاحه من أجل التحرر. هذه المواقف أصبحت أحد المحددات الأساسية لعلاقات موريتانيا مع دول العالم خلال فترة حكمه.

تاريخ نضال موريتانيا ضد التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا

قبل أن نغوص في تفاصيل الجهود التي بذلها الرئيس المختار ولد داداه لصد التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا، من المهم أن نستعرض مواقفه العامة من القضية الفلسطينية وكيف كانت تساهم بشكل كبير في توجيه العلاقات الخارجية لموريتانيا. كان ولد داداه يؤمن بأن القضية الفلسطينية هي قضية حقوقية ومبدئية تتطلب الدعم السياسي في مختلف المحافل الدولية.

مواقف موريتانية سابقة من القضية الفلسطينية

يقول الدكتور محمد المختار سيدي محمد الهادي، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة نواكشوط، إن القضية الفلسطينية كانت حاضرة بقوة في تفكير النخبة الموريتانية قبل الاستقلال. فقد عارض أحمد ولد ببانه، ممثل مستعمرة موريتانيا، قرار التقسيم في البرلمان الفرنسي عام 1948 وصوّت ضده.

وبالرغم من أن موريتانيا كانت دولة جديدة ومستقلة، فإن الرئيس المختار ولد داداه أظهر دعمًا قويًا للقضية الفلسطينية. وكان ذلك واضحًا في تصريحاته الرسمية بعد الاستقلال، حيث أعلن أن موريتانيا تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وترفض أي اعتراف بإسرائيل.

رفض التعاون مع إسرائيل

أحد أبرز المواقف التي تتسم بالثبات في تاريخ الرئيس ولد داداه هو رفضه لأي نوع من التعاون مع إسرائيل. ففي حين كانت العديد من الدول الأفريقية تشهد بداية تقارب مع إسرائيل، كان ولد داداه يحارب هذا التوجه بكل قوة. على سبيل المثال، عندما حاولت رئيسة وزراء إسرائيل، غولدا مائير، التواصل مع الرئيس الموريتاني عبر وسطاء، رفض ولد داداه العرض بشكل قاطع. هذه المواقف أكسبت موريتانيا احترامًا كبيرًا في العالم العربي وأفريقيا.

القرار الجريء بقطع العلاقات مع أمريكا في 1967

في عام 1967، بعد العدوان الإسرائيلي على الدول العربية، أقدم الرئيس المختار ولد داداه على قرار جريء بقطع علاقات موريتانيا مع الولايات المتحدة الأمريكية. هذا القرار جاء احتجاجًا على دعم الولايات المتحدة للعدوان الإسرائيلي على الشعوب العربية. في تلك الفترة كانت موريتانيا لم تنضم بعد للجامعة العربية، ومع ذلك كانت حريصة على اتخاذ مواقف تضامنية مع القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية.

مفاوضات الرئيس الأمريكي مع ولد داداه

وفي مذكراته، يكشف الرئيس ولد داداه عن تطورات علاقاته مع الولايات المتحدة بعد قطيعة دامت عامين ونصف. في عام 1971، استقبل الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون ولد داداه بعد وساطة من دول عربية وصديقة. خلال تلك الفترة، كان ولد داداه يتزعم منظمة الوحدة الأفريقية وكان يشغل دورًا بارزًا في القارة.

حرب 1973 والاتصال مع السادات

في حرب 1973، تلقى الرئيس المختار ولد داداه رسالة من الرئيس المصري أنور السادات يطلب فيها دعمه في الصراع مع إسرائيل. السادات كشف له عن نيته شن الهجوم على إسرائيل قبل عدة أشهر من حدوثه. هذا الاتصال أظهر دور ولد داداه البارز في دعم العالم العربي والمساهمة في تعزيز التضامن الأفريقي مع القضية الفلسطينية.

دور موريتانيا في دعم القضية الفلسطينية

كان الرئيس المختار ولد داداه يعتبر القضية الفلسطينية قضية موريتانيا الأولى. وبمساعدة حلفائه الأفارقة، قدم دعمًا قويًا لفلسطين على جميع الأصعدة، سواء عبر المساعدات السياسية أو الاقتصادية. وقد تم افتتاح أول مكتب رسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية في موريتانيا عام 1969.

موقف موريتانيا في إفريقيا

حظيت موريتانيا بتأييد واسع من الدول الأفريقية في دعمها للقضية الفلسطينية. وأحد الإنجازات الكبرى التي حققها ولد داداه كان في عام 1973، عندما ساعدت موريتانيا في دفع العديد من الدول الأفريقية إلى قطع علاقاتها مع إسرائيل. في هذا السياق، قال ولد داداه في مذكراته إن جمهورية موريتانيا الإسلامية لعبت دورًا كبيرًا في هذا المسار الذي أفضى إلى قطع غالبية الدول الأفريقية علاقاتها مع إسرائيل.

العلاقات الأفريقية مع إسرائيل

الدول التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل تشمل غينيا، تشاد، مالي، النيجر، الكونغو، بوروندي، زائير، توغو، نيجيريا، الكاميرون، ساحل العاج، السنغال، أنغولا، موزمبيق، إثيوبيا، بنين، كينيا، رواندا، بوتسوانا، الرأس الأخضر. وفي تلك الفترة، كانت إسرائيل قد فقدت تقريبًا تمثيلها الدبلوماسي في أفريقيا، باستثناء خمس دول فقط هي: جنوب أفريقيا، ليسوتو، مالاوي، سوازيلاند، وموريشيوس.

دور منظمة الوحدة الأفريقية في التضامن مع فلسطين

أسهمت منظمة الوحدة الأفريقية في تسليط الضوء على القضية الفلسطينية على المستوى الدولي. وقد استطاع الرئيس المختار ولد داداه من خلال منصبه كأحد مؤسسي المنظمة التأثير على قراراتها. خلال قمة منظمة دول عدم الانحياز عام 1970، أتاح للرئيس الفلسطيني ممثلًا ليشارك في القمة، رغم معارضة بعض الأعضاء.

الوعي الأفريقي بالقضية الفلسطينية

تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية كان نقطة محورية في حشد الدعم للقضية الفلسطينية. مع مرور الوقت، تزايد الوعي الأفريقي بمعاناة الفلسطينيين وتفهم القارة للأبعاد السياسية والتاريخية للقضية. الرئيس المختار ولد داداه استخدم هذه المنابر للحديث عن التوسع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وعمل على تعزيز المواقف المؤيدة لفلسطين في القمة الأفريقية.

الموقف التاريخي ضد إسرائيل

في مذكراته، يكشف الرئيس ولد داداه عن موقفه الرافض للضغوط الأمريكية. ففي عام 1970، رفض حضور حفل عشاء في الولايات المتحدة بدعوة من الرئيس نيكسون. كان السبب في هذا الرفض هو عدم اعتراف الرئيس الأمريكي بزعيم أفريقي آخر، رئيس زامبيا كينيث كاوندا، الذي كان رئيسًا لمنظمة الوحدة الأفريقية في ذلك الوقت.

المعارضة لإسرائيل في إفريقيا

كما يؤكد الوزير محمد محمود ولد ودادي، كانت إسرائيل قد قدمت نفسها كداعم للتنمية في أفريقيا، لكنها اكتشفت في نهاية المطاف أنها تروج لسياسات استعمارية بغطاء التنمية. فبعد سنوات من التعاون مع إسرائيل، تبين أن المشاريع الزراعية لم تكن ناجحة، بل تسببت في تدهور الإنتاج. علاوة على ذلك، كشفت فضائح متعددة عن عمليات سرقة للموارد الطبيعية الأفريقية.

من خلال قيادة الرئيس المختار ولد داداه، أصبحت موريتانيا لاعبًا رئيسيًا في دعم القضية الفلسطينية. وقد أسهمت جهوده المستمرة في تقليل التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا وتعزيز الموقف الفلسطيني على المستوى القاري والدولي.

اقرأ كذلك :مجزرة حماة 1982: يوم دمرت قوات الأسد المدينة بأكملها لملاحقة جماعة مسلحة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات