صحة

فيتامين “د” بين الشمس والغذاء والجسم .. دليل شامل لفهم النقص والأعراض والمخاطر والوقاية

كيف يؤثر فيتامين "د" على العظام والمناعة والمزاج ونمط الحياة

يتفق خبراء الصحة حول العالم على أهمية فيتامين “د”. ويرتبط هذا المركب الحيوي بوظائف أساسية في الجسم. ومع ذلك. يعاني كثير من الناس من نقصه دون أن يدركوا ذلك. وفي معظم الحالات. تظهر الأعراض بشكل تدريجي. لذلك. يهملها كثيرون. ثم تتفاقم المشكلة مع الوقت.

فيتامين “د” ليس مجرد فيتامين عادي. بل يعد في الحقيقة هرمونًا نشطًا. ينتجه الجسم عندما يتعرض الجلد لأشعة الشمس. ولهذا السبب. يقل تصنيعه في الشتاء. وتضعف مستوياته عندما تقل أشعة الشمس.

يعتقد البعض أن الطعام يكفي لتعويض النقص. لكن الواقع مختلف. إذ يوفر الغذاء نسبة محدودة جدًا فقط. ولا تتجاوز هذه النسبة في أغلب الأحيان عشرة بالمئة من الاحتياج اليومي.

ولهذا. يصبح فهم فيتامين “د” ضرورة صحية. ويصبح التعرف على أسباب نقصه أكثر أهمية. كما يصبح التعرف على علاماته ضرورة وقائية. حتى لا تتطور المشكلة بصمت داخل الجسم.


ما هو فيتامين “د” ولماذا يعد هرمونًا

لا يُصنَّف فيتامين “د” كفيتامين تقليدي. بل يعمل في الجسم كهرمون حيوي منظم. ينتجه الجلد استجابة للأشعة فوق البنفسجية. ثم يتحول في الكبد والكلى إلى شكله النشط.

وهذا الشكل النشط ينظم العديد من العمليات. أهمها تنظيم الكالسيوم والفوسفات في الدم. كما يدعم صحة العظام والأسنان. ويحافظ على قوة العضلات. ويدعم الجهاز المناعي.

لذلك. فإن انخفاض مستواه يؤدي إلى خلل متعدّد. ولا يقتصر أثره على العظام فقط. بل يمتد إلى المزاج. وإلى الطاقة. وإلى مقاومة الأمراض. وحتى إلى جودة النوم.

ولهذا السبب. يطلق عليه بعض العلماء اسم مفتاح التوازن الجسدي. كما يعتبره آخرون عنصرًا أساسيًا للصحة الشاملة.


علاقة فيتامين “د” بالشمس

تُعتبر الشمس هي المصدر الرئيسي لفيتامين “د”. عندما تصطدم أشعة الشمس بالجلد. يبدأ الجسم بإنتاجه. وهذا التفاعل يعتمد على مدة التعرض. كما يعتمد على زاوية الشمس. ويعتمد على لون البشرة.

فالأشخاص ذوو البشرة الداكنة. يمتلكون نسبة أعلى من الميلانين. وهذا الصباغ يقلل قدرة الجلد على امتصاص الأشعة. لذلك. يحتاجون إلى وقت أطول تحت الشمس.

أما أصحاب البشرة الفاتحة. فينتجون فيتامين “د” بسرعة أكبر. لكنهم في المقابل أكثر عرضة لحروق الشمس. ولهذا. يجب تحقيق توازن صحي. ورغم شيوع واقي الشمس. إلا أن بعض الأشعة ما تزال تصل للجلد. وهذا يسمح بإنتاج جزء من الفيتامين. وفي الوقت نفسه. يحمي الجلد من الضرر.

إذًا. لا ينصح بتجنب الشمس تمامًا. كما لا ينصح بالتعرض المفرط. بل يجب اختيار التوقيت المناسب. خاصة في ساعات الصباح. أو قبل غروب الشمس.


لماذا لا يكفي الطعام وحده

يحتوي بعض الطعام على فيتامين “د”. مثل الأسماك الدهنية. والبيض. ومنتجات الألبان المدعمة.

ولكن رغم ذلك. لا يحصل الجسم من الغذاء إلا على نسبة قليلة. وتُقدّر هذه النسبة بحوالي عشرة بالمئة فقط. وفي كثير من الحالات. تكون أقل من ذلك.

كما أن قدرة الأمعاء على الامتصاص تختلف. فبعض الناس يعانون من ضعف الامتصاص. وذلك بسبب مشكلات هضمية. مثل داء كرون. أو الداء الزلاقي.

وفي هذه الحالات. يقل استفادة الجسم من الغذاء. حتى لو كان غنيًا بهذه العناصر. لذلك. يعتمد الجسم بدرجة كبيرة على الشمس.

ولهذا السبب. ينتشر النقص في الشتاء. وتزيد نسبته في المناطق البعيدة عن خط الاستواء. كما يظهر بين الأشخاص الذين يبقون في المنازل طويلًا.


أسباب نقص فيتامين “د”

هناك عدة عوامل تؤدي إلى نقص فيتامين “د”.

أول الأ‌سباب هو قلة التعرض للشمس. خاصة في فصل الشتاء. أو في المناطق كثيرة الغيوم.

السبب الثاني هو لون البشرة الداكن. إذ يقل إنتاج الفيتامين في هذه الحالة.

السبب الثالث هو نمط الحياة المغلق. مثل العمل داخل المكاتب. أو قلة الخروج نهارًا.

السبب الرابع يرتبط بالعمر. حيث تقل قدرة الجلد على التصنيع مع التقدم في السن.

السبب الخامس يتعلق بصحة الجهاز الهضمي. إذ يضعف الامتصاص لدى بعض المرضى.

السبب السادس يرتبط ببعض الحالات الهرمونية. مثل متلازمة تكيس المبايض. وداء السكري من النوع الثاني.

وبالتالي. تتكامل هذه العوامل. وتجعل النقص أمرًا شائعًا أكثر مما يتوقع البعض.


الفئات الأكثر عرضة لنقص فيتامين “د”

توضح الدراسات أن بعض الفئات أكثر عرضة من غيرها.

ومن بين هذه الفئات كبار السن. حيث تنخفض كفاءة الجلد مع العمر.

كما أن النساء المصابات باضطرابات هرمونية. خاصة متلازمة تكيس المبايض. لديهن نسب مرتفعة من النقص.

وكذلك يعاني مرضى السكري من انخفاض واضح. بسبب تأثير نقص فيتامين “د” على تنظيم الغلوكوز.

كما أن الأشخاص الذين يعيشون في مناطق باردة. يواجهون نقصًا مزمنًا في كثير من الأحيان.

وأيضًا الأطفال الذين لا يتعرضون للشمس. يواجهون خطر الإصابة بالكساح.

ولذلك. يحتاج هؤلاء إلى مراقبة مستمرة. وإلى وعي صحي مرتفع.


العلامات المبكرة لنقص فيتامين “د”

يبدأ النقص بصمت. لكن تظهر بعض الإشارات المهمة.

أول تلك الإشارات هو التعب المستمر. حتى مع النوم الكافي.

ثم يظهر ضعف في العضلات. وشعور بثقل في الحركة.

ثم يظهر ألم مبهم في العظام. وخاصة في الركبتين والظهر.

وقد تحدث التهابات متكررة. نتيجة ضعف جهاز المناعة.

كما يظهر اضطراب في المزاج. ويزداد الشعور بالحزن. وقد يتطور إلى اكتئاب موسمي.

وتظهر أيضًا مشاكل في النوم. نتيجة تأثيره على هرمون الميلاتونين.

ولهذا. لا يجب تجاهل هذه العلامات. بل يجب ربطها بمستويات فيتامين “د”.


المضاعفات الخطيرة لنقص فيتامين “د”

إذا استمر النقص دون علاج. تبدأ المضاعفات في الظهور.

يتحول لين العظام إلى هشاشة. فتضعف قدرة العظام على التحمل.

ويزداد خطر الكسور. حتى مع الصدمات البسيطة.

كما قد تظهر تشنجات عضلية. وفي الحالات الشديدة. قد تحدث نوبات.

وتضعف المناعة. فيصبح الجسم أكثر عرضة للعدوى.

كما تزداد مشاكل القلب. وتتأثر الأوعية الدموية.

وتتفاقم اضطرابات المزاج. وقد يصل الأمر إلى اكتئاب مزمن.

ولهذا. يعتبر العلاج المبكر ضرورة. وليس مجرد خيار.


كيف يحافظ الجسم على توازنه عبر فيتامين “د”

يلعب فيتامين “د” دور المنظم. فهو يرسل إشارات إلى الأمعاء. لتعزيز امتصاص الكالسيوم.

ثم يرسل إشارات إلى الكلى. لمنع فقدان المعادن في البول.

كما يساهم في توازن الفوسفات. وهو عنصر أساسي في بناء الخلايا.

وبالإضافة إلى ذلك. يؤثر على خلايا الجهاز المناعي. مما يعزز قدرتها الدفاعية.

كما يساهم في تنظيم بعض النواقل العصبية. وهو ما يفسر ارتباطه بالمزاج.

وبالتالي. أي نقص فيه. يؤثر على منظومة متكاملة. وليس على عضو واحد فقط.


العلاقة بين فيتامين “د” والمزاج

تشير أبحاث متعددة إلى ارتباط مباشر. بين فيتامين “د” والصحة النفسية.

فهو يرتبط بإنتاج السيروتونين. وهو ناقل عصبي مسؤول عن السعادة.

ومع انخفاض مستواه. ينخفض السيروتونين. ويظهر الشعور بالكآبة.

كما يرتبط بنمط النوم. وبدورة الساعة البيولوجية.

ولهذا. تزيد أعراض الاكتئاب في الشتاء. حيث تقل الشمس. وتنخفض مستويات فيتامين “د”.

ويظهر ما يسمى بالاضطراب العاطفي الموسمي. الذي يصيب نسبة من السكان.


كيف يمكن الوقاية من نقص فيتامين “د”

الوقاية تبدأ بالوعي. ثم بالممارسة اليومية الواعية.

أول خطوة هي التعرض المنتظم للشمس. في وقت مناسب. ولمدة معتدلة.

ثاني خطوة هي اعتماد نظام غذائي متوازن. يتضمن مصادر طبيعية للفيتامين.

ثالث خطوة هي تحسين صحة الجهاز الهضمي. لزيادة قدرة الجسم على الامتصاص.

رابع خطوة هي ممارسة النشاط البدني. لتحفيز التوازن الهرموني.

وأخيرًا. إجراء الفحوصات الدورية. لمعرفة المستوى الحقيقي في الدم.

وهذه الخطوات مجتمعة. تحافظ على التوازن الحيوي. وتمنع المضاعفات على المدى البعيد.


الخاتمة

فيتامين “د” ليس مجرد عنصر ثانوي. بل هو محور أساسي في صحة الإنسان.

نقصه لا يظهر بصوت عالٍ. بل يتسلل بهدوء. ثم يترك آثارًا كبيرة.

ولهذا. فإن اكتشافه المبكر ضروري. والوقاية منه مسؤولية شخصية.

فالجسم يرسل إشارات. لكن على الإنسان أن يصغي لها.

والمعرفة هي الخطوة الأولى نحو الحماية.

ولهذا. يجب أن يظل فيتامين “د”. في مقدمة الأولويات الصحية.

اقرأ كذلك: كيف يمكن خفض الكوليسترول في الدم دون أدوية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات