رئيس الاستخبارات السورية: إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية قريباً
إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية السورية: خطوات نحو بناء مؤسسات أمنية تحترم حقوق الإنسان وتضمن الأمن والاستقرار بعد عقود من القمع والتسلط

رئيس الاستخبارات السورية: إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية قريباً… إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية في سوريا بعد حل الأفرع الأمنية. قال رئيس جهاز الاستخبارات العامة في الإدارة السورية الجديدة أنس خطاب، إنه سيتم إعادة تشكيل المؤسسات الأمنية بشكل كامل بعد حل كافة الأفرع الأمنية وإعادة هيكلتها. ويُعتبر هذا التصريح خطوة هامة في سياق التغيرات التي تشهدها سوريا بعد سنوات طويلة من حكم النظام السابق، والذي كان يعاني فيه الشعب السوري من اضطهاد وتسلط الأجهزة الأمنية التابعة لعائلة الأسد. وقد لاقت هذه التصريحات اهتمامًا كبيرًا من قبل الإعلام المحلي والدولي، حيث أشار خطاب إلى أن الشعب السوري بأسره يعاني من الظلم الذي مورس عليه عبر عقود طويلة.
التصريحات الجديدة حول الأجهزة الأمنية
وأضاف خطاب – وفق ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية “سانا” عبر حسابها على منصة “إكس” – أن الشعب السوري، بمختلف أطيافه، عانى من “ظلم وتسلط النظام السابق (نظام عائلة الأسد)”، من خلال أجهزته الأمنية المتنوعة التي عاثت فسادًا في البلاد، والتي أثرت بشكل كبير في حياة السوريين. وذكر أن تلك الأجهزة أذاقت الشعب السوري المآسي والجراح على مدار سنوات عديدة، حيث كانت تمارس سلطتها القمعية والتعسفية بلا رادع. كما أشار إلى أن التغيير الذي يحدث اليوم يتطلب القضاء على جميع هذه الأفرع التي تسببت في إحداث الكثير من الأضرار للشعب السوري.
وأبرز خطاب أنه رغم تنوع الأجهزة الأمنية في عهد النظام السابق، إلا أنها اجتمعت على هدف واحد، وهو قمع الشعب السوري. وتنوعت هذه الأجهزة وتعددت في تسمياتها وتبعياتها، إلا أن الهدف المشترك كان دائمًا فرض السيطرة الكاملة على الشعب السوري وتحقيق مصالح النظام في المقام الأول. وقد لفت خطاب إلى أن جميع هذه الأجهزة لم تقم بدورها الأساسي الذي أنشئت من أجله، وهو الحفاظ على أمن المواطنين وإرساء الأمان في البلاد.
الأفرع الأمنية: سلطات وقمع على الشعب السوري
وأشار خطاب إلى أن الأفرع الأمنية في النظام السابق كانت تتوزع في كافة أنحاء البلاد، وكانت تعمل على تقويض حرية المواطنين وملاحقة المعارضين للنظام، بالإضافة إلى ممارسات القمع والعنف الممنهجة ضد كل من يعارض أو يرفض أو يطالب بالتغيير. لقد اجتمع جهاز الأمن العسكري، وجهاز أمن الدولة، والمخابرات الجوية، وغيرها من الأفرع الأمنية، التي كانت تتخذ من القمع والتعذيب والقتل وسائل لحماية النظام، في إطار تحكمه الشامل في البلاد. ولم تقتصر ممارسات هذه الأجهزة على الإعدامات والتعذيب فحسب، بل كانت أيضًا جزءًا من عمليات فساد واسعة النطاق شملت كافة المؤسسات الحكومية.
من جانب آخر، أوضح خطاب أنه سيتم إعادة تشكيل المؤسسات الأمنية من جديد. حيث سيشمل ذلك حل كافة الأفرع الأمنية، وإعادة هيكلتها بما يتناسب مع المتغيرات التي تشهدها سوريا اليوم. الهدف هو بناء مؤسسات أمنية جديدة تعمل على خدمة الشعب السوري، وتحقيق الأمن والاستقرار، بعيدًا عن الممارسات القمعية التي طبعت حقبة النظام السابق. وأضاف أن هذه الهيكلة ستكون مبنية على احترام حقوق الإنسان وحمايتها، ولن يكون للأجهزة الأمنية أي دور في قمع الشعب أو مصادرة حرياته.
دور الأجهزة الأمنية في تحكم النظام السابق
لقد كان دور الأجهزة الأمنية في النظام السابق كبيرًا، حيث عملت على إحكام قبضتها على جميع مفاصل الدولة. كانت هذه الأجهزة تتسم بالسلطة اللامحدودة، وكان بإمكانها ملاحقة أي شخص تتهمه المعارضة أو التشكيك في ولائه للنظام. تم استخدام هذه الأجهزة لقمع أي احتجاجات أو معارضة سياسية، بل إنها كانت تقوم بتخويف المواطنين من خلال الاعتقالات التعسفية، أو التهديدات القاسية، أو إخفاء المعتقلين.
ومن المعروف أن هذا النوع من الأنظمة الأمنية يعتمد بشكل أساسي على قوة الأجهزة الأمنية لتثبيت حكمه، وفي نفس الوقت إضعاف أي مقاومة أو انتقاد قد يطرأ من الشعب. كان يتم استخدام التعذيب كأسلوب رئيسي لإجبار المعتقلين على الاعتراف بتهم ملفقة، أو للإرهاب والترهيب العام في المجتمع.
الخطوات المستقبلية لإصلاح المؤسسات الأمنية
وأوضح رئيس جهاز الاستخبارات العامة في تصريحاته أنه بعد حل الأفرع الأمنية القديمة، سيجري إعادة هيكلة هذه المؤسسات بشكل يتماشى مع تطلعات الشعب السوري. ستكون هذه الهيكلة أكثر شفافية وفاعلية، بحيث تهدف إلى تحقيق الأمن للمواطنين على جميع الأصعدة. سيكون دور المؤسسة الأمنية في المستقبل هو حماية الأمن العام، والتأكد من أن الأفراد والمجتمعات يستطيعون العيش بسلام دون خوف من الأجهزة الأمنية أو أي جهة أخرى.
في هذا السياق، أشار خطاب إلى أهمية تفعيل الأنظمة القانونية والتشريعية التي تضمن حق المواطنين في الحفاظ على حرياتهم، بالإضافة إلى التأكد من أن المؤسسات الأمنية تعمل ضمن إطار قانوني يلتزم بمبادئ حقوق الإنسان. كما سيتم إنشاء لجان مستقلة للرقابة على عمل الأجهزة الأمنية، لضمان عدم التلاعب بالسلطة، وحماية المواطن من أي تجاوزات قد تحدث من قبل هؤلاء المسؤولين.
تعيين أنس خطاب وتغيرات في القيادة الأمنية
وفي يوم الخميس الماضي، أعلنت الإدارة السورية الجديدة عن تعيين أنس خطاب رئيسًا لجهاز الاستخبارات العامة في البلاد. هذا التعيين يأتي في إطار عملية إعادة هيكلة شاملة للمؤسسات الحيوية في الدولة، في خطوة نحو تغيير شامل على مستوى الأجهزة الحكومية والمؤسسات التابعة لها. وجاءت هذه الخطوة بعد أن أصبحت سوريا على مفترق طرق، مع التغيرات التي تحدث على الساحة الداخلية والخارجية.
ويعد خطاب، الذي ينحدر من مدينة جيرود بريف دمشق، أحد الشخصيات البارزة في هيئة تحرير الشام، التي لعبت دورًا محوريًا في النزاع السوري. فقد قادت الهيئة تحالفًا للفصائل العسكرية التي تقدمت نحو العاصمة دمشق، مرورًا بحلب وحماة وحمص، وكان له دور مهم في تنسيق العمليات العسكرية وتوسيع نطاق السيطرة على الأرض.
السيطرة على العاصمة دمشق: نهاية عصر النظام
في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، بسطت الفصائل السورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد أيام من السيطرة على مدن أخرى، وهو ما شكل نهاية 61 عامًا من حكم نظام حزب البعث و53 عامًا من حكم عائلة الأسد. مع هذه السيطرة، انتهت فترة طويلة من الحكم الدكتاتوري في سوريا، والتي شهدت العديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان.
لقد كان لهذا التغيير الكبير في دمشق أثره العميق على الشعب السوري، الذي عاش سنوات من القمع والتسلط. الآن وبعد سقوط النظام، هناك أمل في بناء سوريا جديدة يتم فيها احترام حقوق الإنسان، وتُدار البلاد وفقًا لمبادئ الديمقراطية والعدالة.
التعيينات الجديدة في الحكومة السورية
وفي اليوم التالي للسيطرة على دمشق، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع عن تكليف محمد البشير برئاسة الحكومة الجديدة. هذه الحكومة كانت تدير محافظة إدلب منذ سنوات، حيث كانت تقوم بدور كبير في تنظيم شؤون المحافظة. الآن، أصبح البشير مسؤولًا عن تشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية، التي تهدف إلى بناء نظام سياسي جديد يستند إلى مبدأ المشاركة الشعبية والعدالة الاجتماعية.
سوريا نحو مرحلة جديدة
إن هذه التغيرات التي تجري في سوريا اليوم، سواء على مستوى المؤسسات الأمنية أو الحكومة، تمثل بداية مرحلة جديدة. مرحلة تسعى إلى بناء سوريا خالية من القمع والفساد، حيث يتمكن المواطن السوري من العيش بحرية وأمان. لا شك أن الطريق نحو هذا الهدف طويل وصعب، لكن مع الإرادة السياسية، سيكون بالإمكان بناء دولة قوية وعادلة تسود فيها القيم الإنسانية.
اقرأ كذلك :موقع أميركي يكشف خطط ترامب ليومه الأول في الرئاسة