منوعات

الذهب المغربي الذي وُلد من النار والماء: اكتشاف جيولوجي يكشف أسرار أعماق الصحراء

رحلة تكوين ذهب نادر في عمق الأطلس الصغير تكشف تفاصيل لا تشبه أي رواسب أخرى

يتعامل الناس مع الذهب باعتباره معدنًا ثمينًا يلمع فوق سطح الأرض.
لكن الحقيقة أعمق بكثير.
إذ يبدأ هذا المعدن رحلته من مسار طويل داخل العروق الصخرية.
وتبدأ فصول حكايته داخل بيئات غريبة.
وتتشكل هذه البيئات تحت درجات حرارة عالية جدًا.
وتنشأ تحت ضغط كثيف.
وتتحكم فيها حركات تكتونية معقدة.
ومع أن معظم مناجم الذهب تتكون داخل ما يعرف بالأنظمة الأوروجينية، تظهر أحيانًا اكتشافات تتحدى القاعدة.
وتغير هذه الاكتشافات النظرة التقليدية لتاريخ تشكل المعادن.
ويعد اكتشاف منجم “ميلينت” في صحراء المغرب واحدًا من هذه الحالات المثيرة.
إذ يجمع هذا المنجم بين النار التي تولدها البراكين، والماء الذي يتسلل من أعماق الأرض.
ويخلق هذا المزيج حالة نادرة.
وتسمح هذه الحالة بتشكل ذهب لا يشبه الذهب المعروف في أغلب مناطق الكوكب.
ويأتي هذا الاكتشاف عبر فريق بحثي مغربي بقيادة الدكتور سعيد إلمن من جامعة ابن زهر.
وقد قدم الفريق تفاصيل هذا الاكتشاف في دراسة مهمة.
وتظهر هذه الدراسة كيف يمكن للصخور القديمة أن تحتفظ بسر عظيم.
وتكشف كيف تنسج الطبيعة شبكة دقيقة من التفاعلات الجيولوجية عبر ملايين السنين لتصنع الذهب المغربي النادر.


القسم الأول: جغرافيا الاكتشاف وأهمية الموقع

الحزام الجيولوجي القديم

يقع منجم “ميلينت” داخل منطقة “درعة السفلى”.
وتوجد هذه المنطقة في أقصى جنوب غرب الأطلس الصغير.
وتنتمي هذه المنطقة للجزء الشمالي من ما يسمى بـ”الدرع الغرب أفريقي”.
ويعد هذا الدرع واحدًا من أقدم القواعد القارية على سطح الأرض.
ويبلغ عمره أكثر من ثلاثة مليارات سنة.
وهذا الأمر يعطي المنطقة أهمية جيولوجية كبيرة.
وتحتوي صخور هذه المنطقة على سجل طويل من الأحداث التكتونية القديمة.
كما تضم بقايا براكين قديمة.
وتضم أيضًا رواسب معادن تشكلت في ظروف حرارية مرتفعة.

الصخور البركانية القديمة

تتكون الصخور في موقع منجم ميلينت من صخور ريوليتية.
وتعد هذه الصخور غنية بالسيليكا.
وتتشكل عادة نتيجة انبعاثات بركانية قوية.
ومع مرور الزمن، تعرضت هذه الصخور للضغط والانكسار.
وتشكلت فيها شقوق واسعة تمتد لعدة كيلومترات.
وتعد هذه الشقوق مسارات مهمة لحركة السوائل المعدنية.

تميز المنجم عن المناجم المجاورة

ورغم وجود منجم “أزوكار نتيلي” بالقرب من الموقع، يختلف ميلينت عنه بشكل واضح.
ففي حين يحتوي منجم أزوكار نتيلي على ذهب مرتبط بمعادن الكبريتيد، يحمل منجم ميلينت نموذجًا مختلفًا.
ويحتوي ميلينت على معادن تيلوريدية.
وتحتوي هذه المعادن على عناصر نادرة.
وتدل هذه المعادن على أصل مختلط بين النشاط البركاني والمياه العميقة.
ويعطي هذا الأمر للمنجم طابعًا خاصًا لا يشبه الرواسب التقليدية.


القسم الثاني: كيف تشكل الذهب بين النار والماء؟

البداية: نشاط بركاني قديم

يشرح الدكتور سعيد إلمن أن تشكل الذهب في ميلينت بدأ تحت تأثير نشاط بركاني قديم.
وقد وصلت درجات الحرارة في ذلك الوقت إلى أكثر من 500 درجة مئوية.
وأدت هذه الحرارة إلى إذابة المعادن داخل الصخور.
وتشكلت بيئة نارية نشطة جدًا.
واستمرت هذه البيئة لفترات طويلة.
وهيأت الظروف لحركة السوائل العميقة.

المياه المعدنية العميقة

وبينما كانت الحرارة تشتعل في الأعماق، بدأت مياه ساخنة بالتسرب عبر الشقوق.
وتحتوي هذه المياه على عناصر مختلفة مثل الذهب.
وتحتوي أيضًا على الفضة والتيلوريوم.
وتعرف هذه السوائل باسم “المحاليل الهيدروحرارية”.
وتتحرك هذه السوائل ببطء داخل القشرة الأرضية.
وتتنقل بين الصخور البركانية.
وتحمل معها المعادن المذابة في رحلة طويلة.

لحظة التحول الحاسمة

عندما وصلت المحاليل المعدنية إلى الصخور البركانية الأكثر برودة، حدث تحول مهم.
وانخفضت حرارة السوائل تدريجيًا.
وتراجعت من 500 درجة مئوية إلى نحو 150 درجة.
ومع هذا الانخفاض فقدت السوائل قدرتها على حمل الذهب.
وبدأ الذهب بالترسب تدريجيًا.
وتشكلت طبقات من الذهب على جدران العروق الصخرية.
وتكونت كريات لامعة صغيرة.
ويمكن رؤية بعضها بالعين المجردة اليوم.

مشهد جيولوجي نادر

هذا النوع من الترسيب لا يتكرر كثيرًا.
ويحتاج إلى ظروف ثابتة.
ويحتاج إلى تفاعل بين ماء عميق وماجما ساخنة.
ويعد هذا المشهد أحد أسرار منجم ميلينت.
ويظهر كيف يمكن لعنصرين متناقضين، النار والماء، أن يخلقا ذهبًا نادرًا.


القسم الثالث: دور التيلوريوم في ميلاد الذهب المغربي

معدن نادر يقود الذهب إلى السطح

من أهم نتائج الدراسة العلاقة بين الذهب ومعدن التيلوريوم.
ويعتبر التيلوريوم عنصرًا نادرًا نسبيًا في الطبيعة.
ويلعب دورًا مهمًا في نقل الذهب من الأعماق.
ويعمل كحامل كيميائي للذهب.
ويشكل مع الذهب مركبات مستقرة.
وتساعد هذه المركبات في الحفاظ على الذهب ذائبًا داخل المحاليل الحارة.
وتمنحه القدرة على الانتقال لمسافات طويلة.

نظام جيولوجي غير معتاد

وتجعل هذه العلاقة بين الذهب والتيلوريوم من منجم ميلينت نموذجًا غير معتاد.
وتجعل منه رواسب فريدة لا تشبه الأنظمة المعروفة في المنطقة.
ويفتح هذا الأمر احتمالات جديدة.
ويمكن أن يقود إلى اكتشاف رواسب أخرى بنفس الطريق.


القسم الرابع: البنية الجيولوجية التي وجهت الذهب

دور الشقوق في توجيه المعادن

تظهر الدراسة أن الشقوق الممتدة من الشرق إلى الغرب لعبت دورًا مهمًا.
ووجهت حركة السوائل المعدنية داخل الصخور.
وحددت هذه الشقوق مسار المحاليل الحارة.
وعندما فحص الفريق صور الأقمار الصناعية، ظهر هذا النمط بوضوح.
وتبين أن هذه الشقوق تحولت عبر الزمن إلى ممرات معدنية.

المعادن المصاحبة دليل على ظروف التشكّل

وجود معادن مثل الكلوريت والمسكوفايت يكشف فترة نشاط حراري قوية.
ويشير إلى حركة عنيفة للمحاليل داخل الفوالق.
ويعطي الباحثين دليلًا إضافيًا على طبيعة الظروف التي قادت لتكوين الذهب.


القسم الخامس: مرحلتان رئيسيتان في تكوين الذهب

المرحلة الأولى: نشاط حراري مرتفع

أظهرت التحاليل أن منجم ميلينت مر بمرحلتين مميزتين.
وتتميز المرحلة الأولى بارتفاع درجات الحرارة.
وظهور عناصر أرضية نادرة داخل العروق.
وتشير هذه المرحلة إلى نشاط حراري قوي جدًا.

المرحلة الثانية: ترسيب الذهب والتيلوريوم

في المرحلة الثانية انخفضت الحرارة بشكل ملحوظ.
وتغير الضغط.
وتغيرت الكيمياء الداخلية للصخور.
وبدأت المعادن الثمينة بالترسب، خصوصًا الذهب والتيلوريدات.
وتشكلت الطبقات اللامعة التي يتم استخراجها اليوم.


القسم السادس: أهمية الاكتشاف للمغرب وشمال أفريقيا

رواسب جديدة ذات إمكانات اقتصادية

يمثل هذا الاكتشاف نقطة تحول في جهود الاستكشاف المعدني.
ويمكن أن يقود لاكتشافات أخرى داخل المغرب.
ويسلط الضوء على إمكانات كبيرة في شمال أفريقيا.
ويكشف عن أنظمة جيولوجية عميقة تحمل ثروات غير مكتشفة.
ويعطي الباحثين أدلة جديدة على أماكن يمكن أن تحتوي معادن ثمينة.

مشروع بحثي مستمر منذ 2022

بدأ المشروع برحلة استكشافية في عام 2022.
وجمع الفريق عينات كثيرة خلال تلك الرحلة.
ثم استخدم الفريق المجهر الإلكتروني الماسح في 2023.
ووسع الفريق نطاق البحث في 2024 عبر صور الأقمار الصناعية.
ثم نشروا نتائجهم في 2025.
وتعد هذه المراحل جزءًا من دراسة مستمرة.
ويخطط الفريق لإجراء دراسات حرارية إضافية.
وقد يجري الفريق دراسات تأريخ نظائري لتحديد العمر الدقيق للذهب.


خاتمة طويلة وقوية

يكشف اكتشاف منجم ميلينت عن قصة ذهبية مختلفة.
قصة يجتمع فيها البركان والماء.
وتتحد فيها النار مع الأعماق الباردة.
وينتج عن هذا الاتحاد ذهب نادر.
ذهب لا يشبه الذهب التقليدي الموجود في العالم.
ويظهر هذا الاكتشاف أن المغرب يملك ثروة جيولوجية كبيرة.
ويمكن للاستكشاف العلمي أن يفتح أبوابًا جديدة لصناعة التعدين.
ويؤكد هذا الاكتشاف على أهمية الدراسات الدقيقة.
ويعزز مكانة البحث العلمي المغربي في الجيولوجيا.
وتبقى قصة الذهب المغربي شاهدًا على قدرة الطبيعة على الإبداع.
وقدرتها على خلق معادن فريدة عبر مسارات تحتاج ملايين السنين.
ومع استمرار البحث، قد تظهر اكتشافات أخرى.
وقد تكشف هذه الاكتشافات عن رواسب أكبر.
وقد تمنح المغرب موقعًا مهمًا في خريطة المعادن العالمية.
وتبقى رحلة ميلاد الذهب درسًا عن الصبر.
ودرسًا عن التغيير الذي تصنعه الظروف.
ودرسًا عن جمال التفاعلات الخفية داخل الأرض.

اقرأ كذلك: هل تقود اليابان آسيا إلى مواجهة كبرى مع الصين في أخطر تحول إستراتيجي منذ عقود؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات