حماية الأطفال من مخاطر المال الرقمي والاحتيال السيبراني

أطفال اليوم ينشأون في بيئة مالية رقمية متطورة. لذلك يشكل الأمن السيبراني ركناً أساسياً من التوعية المالية. لم يعد تعلم الأطفال عن المال يقتصر على الحصالات فقط. بل أصبح يشمل الشراء داخل التطبيقات. وصناديق الغنائم في الألعاب الإلكترونية. والبطاقات المسبقة الدفع المرتبطة بالمحافظ الرقمية. هذا التحول يعكس ضرورة دمج المعرفة المالية مع مهارات الحماية الرقمية منذ الصغر.

ذكّر تقرير نشرته وكالة الأنباء الألمانية بالمخاطر الرقمية التي قد يتعرض لها الأطفال. إذ هم الفريسة الأسهل لعمليات التصيد الاحتيالي المتخفية على هيئة هدايا مجانية. أو صفقات وهمية في الألعاب الإلكترونية. أو تجديدات الاشتراك المخادعة. أو سرقة الهوية. كما أن غياب الوعي الرقمي يجعل الأطفال أكثر عرضة لتضليلهم من قبل المحتالين الذين يستغلون الفضول وحب الاستكشاف لديهم.

لذلك ينبغي الجمع بين التوعية المالية والحماية الرقمية. بحيث يتسنى للأهالي تهيئة أطفالهم لإدارة أموالهم بوعي وذكاء. وحماية أنفسهم من المخاطر السيبرانية المصاحبة لهذه العملية. كما أن تعزيز الوعي الرقمي يساعد الأطفال على التعرف على الإشعارات المشبوهة والروابط الغير موثوقة والتصرف بحذر في جميع تعاملاتهم الرقمية.

وفيما يلي توصيات خبراء مختبرات “كاسبرسكي” للأهالي لتعليم أطفالهم إدارة الأموال بمسؤولية وأمان:

1. ضبط الإنفاق بسقف واضح

مساعدة الأطفال على فهم الحدود المالية تعد الخطوة الأولى لبناء الانضباط المالي والوعي الرقمي. ابدأ بوضع هيكل ميزانية أساسي لنفقات طفلك المعتادة:

• اللوازم المدرسية
• مصروف الطعام أو الغداء
• المشتريات المتعلقة بالرياضة أو الهوايات
• مشتريات الترفيه مثل التطبيقات والألعاب الإلكترونية والاشتراكات

لا حاجة لمراقبة كل عملية شراء بالتفصيل. وإنما وزع النفقات بنسب واضحة. فمثلاً خصّص 70% للنفقات المدرسية. و20% للترفيه. و10% للادخار. اغتنم الفرصة لتعريف أطفالك بأهمية التعامل مع الأموال الرقمية. واشرح لهم عن عمليات الشراء داخل التطبيقات. والمعاملات الصغيرة. والرسوم الخفية التي قد تستنزف رصيدهم تدريجياً إذا لم يحذروا.

يمكن إضافة نشاط أسبوعي لمراجعة النفقات مع الطفل. استخدم بطاقات اللعب التعليمية لتوضيح كيفية توزيع المال. هذه الطريقة تجعل التعلم ممتعاً وفعّالاً. كما يمكن ربط المكافآت بالانضباط المالي، مثل زيادة نسبة الادخار عند تحقيق الهدف المالي المحدد.

2. استخدام طرق الدفع الآمنة

إعطاء الأطفال النقود يبدو بسيطاً لكنه يحمل مخاطر كبيرة. فقد يضيع المال أو يُسرق أو يُصرف دون معرفة أوجه الإنفاق. لذلك يكون البديل الآمن استخدام البطاقات المصرفية أو المحافظ الرقمية المخصصة للأطفال. لا سيما أنها مزودة بأدوات تحكم ورقابة أبوية مدمجة.

تتيح هذه الأدوات ضبط حدود الإنفاق واستلام إشعارات فورية عند عمليات الشراء. كما تتبع العمليات وتحظر بعض المواقع مثل الأسواق الإلكترونية أو منصات الألعاب. وبهذا يتصرف الأطفال بأموالهم باستقلالية. بينما يظل الأهالي مطمئنين لمراقبتهم والتدخل عند ظهور أي سلوك مريب.

لا تكتمل إدارة الأموال إلا بتأمين البيئة الرقمية التي تجري فيها. فتطبيقات الخدمات المصرفية والمتاجر الإلكترونية هدف محتمل للمجرمين السيبرانيين. لذلك ينبغي تثبيت حل أمن سيبراني يحمي عمليات التصفح والدفع. فهذا أمر شديد الأهمية حقاً. كما يمكن تعليم الأطفال التحقق من صحة المواقع قبل إدخال بيانات الدفع، وعدم حفظ كلمات المرور على المتصفح العام.

3. تأمين الأجهزة والحسابات المالية

الأطفال غالباً لا يدركون أهمية أمن الحسابات. فكلمة مرور ضعيفة أو جهاز مسروق يعرض الحسابات والأموال لمخاطر كبيرة.

يمكن حماية الأطفال باتباع الخطوات التالية:

• تفعيل المصادقة الثنائية (2FA) لكل تطبيق يُستخدم للشراء عبر الإنترنت.
• استخدام مدير كلمات المرور لتخزين بيانات تسجيل الدخول بأمان، مع تمكين العائلة من الوصول عند الضرورة.
• تعليم الأطفال أساسيات كلمات المرور القوية. مثل استخدام 12 حرفاً ورقماً على الأقل. وتجنب الأسماء أو تواريخ الميلاد. وعدم إعادة استخدام الكلمة نفسها في حسابات متعددة.

عندما تصبح هذه الممارسات جزءاً من الحياة اليومية للأطفال، فإنها تزودهم بالأدوات اللازمة لحماية أموالهم وبياناتهم الشخصية. كما يمكن تعليم الأطفال استخدام أساليب التحقق من الروابط المشبوهة. وعدم مشاركة المعلومات المالية مع أي شخص على الإنترنت. هذه العادة المبكرة تقلل فرص التعرض للاختراقات لاحقاً.

4. مراقبة الاشتراكات والرسوم المتكررة

الاشتراكات من أكثر النفقات التي يفقد الأطفال القدرة على مراقبتها. معظم الألعاب الإلكترونية وأدوات التعلم وخدمات البث تعتمد الدفع المتكرر بدلاً من الشراء لمرة واحدة. قد يشترك الطفل في “اشتراك تجريبي مجاني” دون إدراك أنه سيتحول لرسوم شهرية عند انتهاء التجربة.

لذلك علم طفلك الأمور التالية:

• الاستفسار دوماً عن الاشتراك قبل التسجيل في أي تجربة مجانية.
• البحث عن إعدادات التجديد التلقائي وإلغائها عند الحاجة.
• ضبط تنبيهات في التقويم لتذكيره بتاريخ انتهاء التجربة.

وينبغي للأهالي مراجعة سجل مشتريات متجر التطبيقات دورياً وفحص البريد الإلكتروني للرسائل المتعلّقة بالتجديدات. كما يمكن لأدوات الأمان وتطبيقات الخدمات المصرفية إرسال إشعارات لكل معاملة مالية. بذلك يسهل مراقبة المشتريات والنفقات بشكل مستمر.

يمكن أيضاً تعليم الأطفال مقارنة الأسعار قبل الشراء، والاستفادة من الخصومات أو العروض المؤقتة. وهذا يعزز لديهم مهارات التخطيط المالي واتخاذ القرارات الصائبة.

5. تعزيز الوعي الرقمي والسلوكيات الآمنة

التوعية المالية وحدها لا تكفي. يجب دمجها مع تعليم الأطفال السلوكيات الرقمية الآمنة. شجع الأطفال على:

• التعرف على الروابط المشبوهة وعدم فتحها.
• مراجعة مصادر المعلومات قبل المشاركة أو الشراء.
• عدم مشاركة معلومات مالية أو شخصية عبر الرسائل أو منصات التواصل الاجتماعي.
• الإبلاغ فوراً عند مواجهة أي نشاط مريب أو هجوم إلكتروني.

كما يمكن تنظيم ورش عمل منزلية أو مع الأصدقاء لتعليم الأطفال الأمن الرقمي من خلال ألعاب محاكاة عمليات الشراء والمخاطر المالية. هذه التجارب الواقعية تعزز الوعي لديهم وتزيد من استعدادهم للتعامل مع الأموال الرقمية بحذر.ويعلق أندريه سيدنكو، كبير محللي محتوى الويب في كاسبرسكي، قائلاً:

“لا يكفي تعليم الأطفال تحديد الميزانية أو الادخار فقط. أموالهم رقمية وتصرفاتهم المالية الأولى تتم عبر الإنترنت. ولا تكتمل التوعية إلا بامتلاكهم وعياً كافياً بالأمن السيبراني. لذلك يجب تعليمهم كيفية حماية حساباتهم واستخدام أدوات الدفع الآمنة. وهذه الأمور تعادل في أهميتها تعليمهم قيمة المال نفسه.”

للحماية من مخاطر المال الرقمي والاحتيال السيبراني، يحتاج الأطفال إلى:

• الوعي المالي المبكر مع أدوات محددة للميزانية.
• استخدام طرق دفع آمنة ومراقبة الإنفاق.
• تأمين الحسابات والأجهزة الرقمية.
• مراقبة الاشتراكات والرسوم المتكررة.
• تعزيز السلوكيات الرقمية الآمنة.

بهذه الاستراتيجية المتكاملة، يتعلم الأطفال إدارة أموالهم بحكمة وأمان، بينما يظل الأهالي مطمئنين. كما أن دمج التوعية المالية مع الأمن السيبراني يعزز من نجاح الأطفال في التعامل مع عالم المال الرقمي بشكل فعّال وآمن.

اقرأ كذالك:جوجل تطلق تحديثًا جديدًا يمنح الآباء سيطرة كاملة على هواتف أطفالهم