مدونات

تقارير إسرائيلية: حماس تعيد تنظيم صفوفها ولم تستخدم كامل قواتها العسكرية

كيف أعادت حماس بناء قوتها العسكرية ولماذا تقلق إسرائيل من ذلك؟

كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية. عن تقارير أمنية تشير إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أعادت ترتيب قواتها العسكرية في غزة. وفقًا لمسؤولين عسكريين إسرائيليين، فإن كتائب القسام نجحت في تشكيل وحدات قتالية جديدة. مما يثير مخاوف تل أبيب من تجدد الصراع بمستويات غير متوقعة.

وأكدت المصادر الإسرائيلية أن آلاف المقاتلين التابعين للحركة لم ينسحبوا من شمال القطاع. ورغم الضربات العنيفة التي تلقاها شمال غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول وحتى وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني 2025. فإن حماس لم تنهار كما توقعت إسرائيل، بل تمكنت من التكيف وإعادة ترتيب قواتها.

الهجوم الإسرائيلي.. محاولات لإخلاء الشمال وإضعاف المقاومة

شنت إسرائيل حملة عسكرية واسعة النطاق على شمال قطاع غزة، بهدف تنفيذ ما يُعرف بـ”خطة الجنرالات”. والتي تهدف إلى تفريغ المناطق الشمالية من سكانها. كانت الحملة تهدف إلى القضاء على المقاومة المسلحة. إلا أن الأوضاع على الأرض أظهرت أن حماس لم تُهزم، بل استغلت الهدوء النسبي بعد وقف إطلاق النار لإعادة بناء قوتها.

أكدت الصحيفة أن هذه التطورات تعني أن المواجهات المقبلة ستكون أكثر تعقيدًا، إذ أن التشكيلات القتالية الجديدة التي أسستها حماس قد تكون أقل قوة مما كانت عليه قبل الحرب، لكنها تظل قادرة على شن عمليات نوعية ضد الاحتلال.

حماس لم تستخدم كامل قوتها العسكرية بعد

ذكرت “يديعوت أحرونوت” أن حماس لم تزج بجميع مقاتليها خلال الحرب الأخيرة. ورغم امتلاكها ما يقارب 30 ألف مقاتل، فإنها لم تستخدم هذه القوة بشكل كامل. بل فضّلت استخدام تكتيك استنزافي، يعتمد على توزيع القتال على مراحل، وعدم الكشف عن كامل قدراتها العسكرية.

يرى خبراء عسكريون أن هذا الأسلوب مكّن حماس من البقاء في ساحة المواجهة لفترات طويلة، حتى في ظل الحصار العسكري والغارات المكثفة التي شنتها إسرائيل على القطاع.

الاستفادة من الدروس السابقة.. تكتيكات قتالية جديدة

أفادت الصحيفة الإسرائيلية بأن حركة حماس استخلصت دروسًا مهمة من المواجهات البرية السابقة. فقد طورت تكتيكات عسكرية جديدة، مكّنتها من مواجهة الجيش الإسرائيلي بفعالية أكبر.

وفقًا للمصادر العسكرية الإسرائيلية، فإن حماس أعادت ترتيب وحداتها القتالية بطريقة غير مركزية، ما يصعب على الجيش الإسرائيلي استهدافها. كما اعتمدت على الأنفاق بشكل أوسع لتنفيذ عملياتها والانتقال بين مناطق القتال. طورت أساليبها في استخدام الطائرات المسيرة والصواريخ المحلية الصنع. استغلت فترات وقف إطلاق النار لتعزيز مواردها وإعادة التموضع ميدانيًا.

حماس تستعيد السيطرة المدنية داخل غزة

إلى جانب الاستعدادات العسكرية، نجحت حماس في استعادة السيطرة على المؤسسات المدنية داخل غزة. وكشفت تقارير إسرائيلية أن الحركة أعادت تأسيس أنظمة الضرائب لتمويل أنشطتها، كما تمكنت من دفع رواتب عناصرها وإدارة شؤون القطاع، رغم الحصار المشدد.

تشير هذه المعطيات إلى أن حماس لا تعتمد فقط على القوة العسكرية، بل تدير المشهد السياسي والاقتصادي في غزة، مما يعزز من نفوذها على الأرض.

الأسد في غزة.. إسرائيل تعترف بفشل خططها العسكرية

في ظل هذه التطورات، صرّح مسؤولون في الجيش الإسرائيلي أن إعادة توطين مئات الآلاف من سكان غزة خارج القطاع لن يكون كافيًا للإطاحة بحماس. هذا التصريح يعكس إدراك تل أبيب بأن خططها لم تحقق أهدافها، وأن الحركة تمكنت من تجاوز الضغوط العسكرية والاقتصادية.

يرى محللون إسرائيليون أن العروض العسكرية التي نظمتها كتائب القسام خلال عمليات تبادل الأسرى كانت بمثابة رسالة واضحة: “حماس لم تُهزم”. هذه العروض أثبتت أن الحركة لا تزال تحتفظ بقوتها، وأن الادعاءات الإسرائيلية حول تفكيك بنيتها العسكرية ليست سوى جزء من الحرب النفسية.

تحليل فلسطيني: لماذا لم تحقق الحرب أهدافها؟

يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ساري عرابي، في حديثه مع الجزيرة نت، إن الاعتراف الإسرائيلي بإعادة تنظيم حماس لصفوفها يحمل دلالات هامة.

أولًا، الحرب الطويلة التي استمرت لأكثر من 15 شهرًا لم تحقق أهدافها. على الرغم من استخدام إسرائيل لأساليب عسكرية مكثفة، لم تنجح في القضاء على حماس أو تفكيك بنيتها القتالية. ثانيًا، استراتيجية حماس العسكرية كانت فعالة، حيث احتفظت بجزء رئيسي من قواتها بعيدًا عن المواجهات المباشرة، ما مكنها من الاستمرار في القتال رغم غياب خطوط الإمداد.

ثالثًا، استغلت الحركة فترات وقف إطلاق النار لإعادة ترتيب صفوفها عسكريًا وإداريًا. الحرب لم تتوقف بشكل كامل، بل شهدت فقط وقفات مؤقتة، مما يجعل استئناف القتال احتمالًا واردًا في أي وقت.

هل تستخدم إسرائيل هذه التقارير للتحريض ضد غزة؟

يشير ساري عرابي إلى أن مثل هذه التصريحات الإسرائيلية لا تعكس فقط واقع الأحداث، بل تحمل أيضًا بعدًا تحريضيًا. إذ تسعى إسرائيل إلى تصوير غزة على أنها ساحة للإرهاب، بهدف تبرير أي عدوان مستقبلي.

يضيف أن الاحتلال يحاول استغلال قضية إعادة الإعمار كورقة ضغط سياسي، بهدف فرض واقع جديد في غزة وإضعاف دور حماس على المستويين العسكري والإداري.

غياب استراتيجية إسرائيلية واضحة تجاه غزة

تعكس هذه التقارير انقسامات داخل المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية. فبينما يرى بعض القادة العسكريين ضرورة استئناف الحرب، يعتقد آخرون أن الحل يكمن في احتواء حماس بدلاً من محاربتها.

لكن ما يتفق عليه الجميع هو أن استمرار وجود حماس كقوة فاعلة في غزة يعني أن إسرائيل لم تتمكن من تحقيق أهدافها، وأن مستقبل القطاع لا يزال مفتوحًا على كل السيناريوهات.

حماس ورفع سقف المفاوضات.. كيف يؤثر ذلك على إسرائيل؟

يشير محللون إلى أن قدرة حماس على إعادة تنظيم قواتها ستؤثر بشكل مباشر على أي مفاوضات مستقبلية. فكلما ازدادت قوة الحركة، ارتفع سقف مطالبها في أي اتفاق محتمل مع إسرائيل.

من هنا، فإن استعادة حماس لجزء من قوتها العسكرية خلال فترات الهدوء، يضع إسرائيل في موقف صعب، حيث يصبح من الأصعب عليها فرض شروطها.

ما الذي يحمله المستقبل لغزة؟

لا شك أن حماس تمكنت من قلب المعادلة في غزة، رغم كل الضغوط العسكرية والسياسية. وبينما تستمر إسرائيل في البحث عن حلول لإنهاء وجود الحركة، يبدو أن الخيارات أمامها باتت محدودة.

في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم: هل نشهد جولة جديدة من الصراع، أم أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة مفاوضات وصفقات جديدة؟ وحدها الأيام القادمة ستكشف عن الإجابة.

اقرأ كذلك: المفاوضات المباشرة بين أميركا وحماس.. دلالات وتحولات في المشهد السياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات