“ملك الجنوب”: زعيم المخدرات يتنكر في هيئة لاعب كرة قدم
"كيف استغل سيباستيان مارسيت، زعيم المخدرات في أوروغواي، لعبة كرة القدم كوسيلة لغسل الأموال والتخفّي من السلطات"
ملك الجنوب”: زعيم المخدرات يتنكر في هيئة لاعب كرة قدم منذ عدة سنوات، استخدم أحد أباطرة المخدرات في أوروغواي مهنة لاعب كرة قدم محترف كوسيلة لغسل الأموال الطائلة التي يجنيها من بيع الكوكايين. هذه الظاهرة لم تكن غريبة عن مشهد المخدرات في أمريكا اللاتينية، لكن قصة سيباستيان مارسيت كانت أكثر تعقيدًا وعمقًا.
في تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” بعنوان “حياة مزدوجة”، كشف الصحفي كيفن سيف عن مغامرات تاجر المخدرات، المعروف باسم سيباستيان مارسيت. هذا الرجل كان يتخفى وراء هوية لاعب كرة قدم محترف، وقد تمكن من إخفاء نشاطاته الإجرامية عن الأنظار لفترة طويلة.
من هو سيباستيان مارسيت؟
يعتبر مارسيت أحد أشهر تجار المخدرات في أوروغواي، وهو زعيم شبكة دولية في تهريب المخدرات إلى أوروبا الغربية. تُعرف هذه الشبكة باسم كارتل أوروغواي الأول (Primer Cartel Uruguayo PCU). مارسيت لم يكن مجرد تاجر مخدرات عادي؛ بل كان يتمتع بشخصية متعددة الأبعاد.
بوجوه وهويات متنوعة، تمكن مارسيت الملقب بـ “ملك الجنوب” من التملص من الشرطة في أميركا الجنوبية لعدة سنوات. كان هذا النجاح في التملص مثيرًا للإعجاب، حيث استخدمه كوسيلة لحماية نفسه.
حيلة لاعب كرة القدم
استخدم تاجر المخدرات مكانته وثروته ليس فقط لتمويل فرق كرة القدم المحترفة. بل لعب في صفوفها أيضا. وكانت مسيرته الرياضية إما استراتيجية معقدة لإخفاء هويته، أو محاولة لتحقيق حلم لم يتحقق.
من خلال هذه الحيلة، استطاع مارسيت أن يغسل ملايين الدولارات من عائدات المخدرات. وفقاً للمحققين في الولايات المتحدة وأميركا الجنوبية، تم استخدام فرق كرة القدم كواجهة لنشاطاته الإجرامية.
10 آلاف دولار لحمل القميص رقم 10
بحسب تقارير، دفع “ملك الجنوب” أكثر من 10 آلاف دولار نقدا لارتداء القميص رقم 10 لفريق ديبورتيفو كابياتا. هذا الفريق لعب في الدرجة الثانية وانتهى به المطاف بالهبوط إلى الدرجة الثالثة.ولاحظ البعض أن الحكام لم يجرؤوا على احتساب الأخطاء ضده.
في عام 2022، زعمت صحيفة “الأوبسيرفادور” الأوروغوايانية أن مارسيت عرض يختين ومنزلا على المدرب خورخي نونيز. كان ذلك للضغط على مجلس الإدارة لقبوله كلاعب في الفريق. ومع ذلك، نفى نائب رئيس النادي، أوسكار باريتو، أي صلة له بمارسيت أو حصوله على أموال.
أين سيباستيان مارسيت الآن؟
بعد أن أدرج اسم مارسيت، المتهم “بقتل أعدائه دون ندم”، على قائمة المطلوبين لدى الإنتربول، قرر أن يستقر في بوليفيا. هناك، اشترى نادي لوس ليونز إل تورنو لكرة القدم في عام 2023. هذا الفريق تنافس في دوري الدرجة الأولى (سانتا كروز).
هذه المرة لم يختر مارسيت الذي لعب تحت اسم لويس أموريم الرقم 10، بل اختار الرقم 23 تكريما للاعبه المفضل الإنجليزي ديفيد بيكهام.
وعلى الرغم من أن الشرطة لم تنجح في تعقب تاجر المخدرات واعتقاله، فإنها ألقت القبض على زوجته جيانينا غارسيا تروش في يوليو/تموز 2024 في مدريد.
علاقة تجارة المخدرات بكرة القدم
إن العلاقة بين تجارة المخدرات وكرة القدم تكاد تكون قديمة قدم الحرب الأميركية على المخدرات. تُظهر الأمثلة العديدة أن الأندية الرياضية، وخاصة كرة القدم، تمثل فرصة مثالية لغسل الأموال. وفقاً لخبراء غسيل الأموال، يمكن تزوير عقود اللاعبين ورسوم الانتقال وعائدات التذاكر ومبيعات السلع.
يمكن أن تتحول أموال الكوكايين المستخدمة لتمويل فريق ما بطريقة سحرية إلى أرباح نظيفة في عالم كرة القدم. يشكل هذا الأمر تحدياً كبيراً للسلطات في محاولة ضبط هذه الأنشطة.
التأثير الاجتماعي والاقتصادي
تُعتبر تجارة المخدرات في أمريكا اللاتينية، بما في ذلك أوروغواي، قضية معقدة. فهي تؤثر على المجتمع بطرق متعددة. تتسبب هذه التجارة في ارتفاع معدلات العنف والجريمة، مما يؤثر سلبًا على الأمان الشخصي والمجتمعي.
علاوة على ذلك، يساهم تجار المخدرات في تعزيز الفقر في المجتمعات التي يعملون فيها. الاقتصادية.
في هذا السياق، تبرز الرياضة، وخاصة كرة القدم، كعامل توحيد للمجتمعات. تقدم الأندية الرياضية، مثل تلك التي أسسها مارسيت، فرصًا للشباب. قد توفر لهم بدائل عن الانخراط في أنشطة إجرامية.
نظرة على المستقبل
مع تصاعد الأنشطة الإجرامية في أمريكا اللاتينية، تظل كرة القدم في بؤرة هذا الجدل. تتزايد الحاجة إلى استراتيجيات فعالة لمكافحة غسيل الأموال في الرياضة. يجب على السلطات التفكير في كيفية استخدام البيانات والأدلة لوقف هذه الأنشطة. كما تشير إلى الحاجة الملحة للعمل الجماعي لمواجهة هذه الظاهرة.
تظل كرة القدم رمزاً للتحدي والأمل في المجتمعات. ومع ذلك، يجب أن يكون هناك وعي دائم بأن هذه اللعبة قد تكون في بعض الأحيان ساحة للصراع بين الخير والشر.
إن التحديات التي تواجه السلطات تتطلب تعاونًا دوليًا ووعيًا مجتمعيًا لمكافحة هذه الأنشطة. فالأمل يكمن في بناء مستقبل أفضل للشباب في أمريكا اللاتينية، بعيدًا عن شبح تجارة المخدرات.
لذا، يبقى السؤال: كيف يمكن أن نتأكد من أن كرة القدم تظل وسيلة إيجابية، وليس وسيلة لغسل الأموال والتهرب من العدالة؟ إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب التزامًا جماعيًا وفهمًا عميقًا للتحديات.
في نهاية المطاف، إن قصة “ملك الجنوب” تُسلط الضوء على ما يحدث عندما تلتقي الرياضة بالعالم الإجرامي. وعليه. يجب أن يكون هناك جهد مشترك للتصدي لهذه الظاهرة ومعالجة العوامل الجذرية التي تدفع الناس نحو الانخراط في تجارة المخدرات.
اقرأ كذلك :استراتيجية نتنياهو للاستمرار في المشهد السياسي