وول ستريت: لماذا أخفقت استخبارات إسرائيل مع حماس ونجحت مع حزب الله؟
فشل استخبارات إسرائيل مع حماس ونجاحها مع حزب الله
وول ستريت: لماذا أخفقت استخبارات إسرائيل مع حماس ونجحت مع حزب الله؟ … تقرير صادر عن صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية كشف عن الأسباب الحقيقية وراء فشل الاستخبارات الإسرائيلية في التصدي لعملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة حماس. التقرير أشار إلى أن الموارد والوقت الذي استثمرته إسرائيل على مدى العقدين الماضيين كان موجهًا لمواجهة محتملة مع حزب الله اللبناني، وهو ما جعلها تتجاهل التهديدات الأخرى. لكن المفارقة أن أجهزة التجسس الإسرائيلية استطاعت “إثبات جدارتها” في الهجمات الأخيرة على حزب الله. مما يثير تساؤلات حول أولويات إسرائيل الاستخباراتية وتوزيع مواردها.
أخطاء التقدير الإسرائيلي في مواجهة حماس
الكاتب روري جونز، في تقريره، أشار إلى أن فشل إسرائيل في استباق هجوم حماس يعود إلى أخطاء في تقدير أهداف الحركة. بدلاً من اتخاذ خطوات حاسمة للقضاء على حماس أو إضعافها. تبنّى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سياسة “احتواء” الحركة. هذه السياسة كانت تعتمد على اعتقاد بأن حماس تسعى إلى الحفاظ على الاستقرار النسبي في قطاع غزة بدلاً من التخطيط لشن هجمات كبيرة ضد إسرائيل. هذه القراءة الخاطئة أدت إلى فشل ذريع في تقدير التهديد الذي تمثله حماس.
إهمال حماس والتركيز على حزب الله
كارميت فالنسي، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، أكدت أن إسرائيل ركزت بشكل كبير على الاستعداد لمواجهة حزب الله. وقد جاء هذا التركيز على حساب مراقبة وتقدير التهديدات التي تشكلها حماس في قطاع غزة. تقول فالنسي: “لقد أهملنا حماس والوضع في غزة إلى حد ما”.
هذا الإهمال كان له تأثير مباشر على قدرة إسرائيل على التصدي لعملية “طوفان الأقصى”. بحسب التقرير، كانت هناك إشارات واضحة على أن حماس تخطط لهجوم كبير، بما في ذلك التدريبات العسكرية التي سبقت العملية. لكن الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية قللت من أهمية هذه التدريبات واعتبرتها مجرد استعراض للقوة.
الثقة المفرطة بجدار الفصل
من أبرز الأسباب التي أدت إلى فشل إسرائيل في التصدي للهجوم هو الثقة الزائدة بجدار الفصل الذي أقامته لفصل غزة عن الأراضي الإسرائيلية. وفقًا للتقرير، كانت القيادة العسكرية الإسرائيلية واثقة بأن الجدار سيمنع أي اختراقات من جانب حماس. هذه الثقة المفرطة حالت دون اتخاذ إجراءات احترازية كافية، مما أدى في النهاية إلى مفاجأة الهجوم الذي شنته حماس.
تفوق استخبارات إسرائيل في الهجوم لا الدفاع
المدير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أفنير غولوف، أشار إلى أن إسرائيل نجحت في مواجهة حزب الله بسبب قدرتها الهجومية العالية، مقارنة بفشلها في الدفاع أمام حماس. قال غولوف: “أجهزة الأمن الإسرائيلية أفضل في الهجوم منها في الدفاع”. وأضاف: “العقيدة الأمنية الإسرائيلية تعتمد على نقل الحرب إلى أرض العدو، لكن مع غزة كان الوضع مختلفًا، حيث فوجئنا، ومن ثم فشلنا”.
هذا التصريح يشير إلى أن إسرائيل قد تكون أكثر استعدادًا لشن الهجمات على أعدائها، لكنها تفتقر إلى القدرة الكافية على حماية نفسها عندما تكون في موقف دفاعي، وخاصة أمام هجمات مفاجئة.
التركيز على حزب الله بعد حرب 2006
منذ الحرب التي خاضتها إسرائيل ضد حزب الله في عام 2006، تحول تركيز إسرائيل إلى مواجهة الحزب بشكل مكثف. التقرير أوضح أن الجيش الإسرائيلي شعر بعدم نجاحه في إضعاف حزب الله بما يكفي خلال تلك الحرب. هذا الاعتقاد جعل إسرائيل توجه مواردها الاستخباراتية والعسكرية لمراقبة أنشطة حزب الله في لبنان وخارجه بشكل أكثر دقة.
التحديات الاستخباراتية بعد انسحاب إسرائيل من غزة
الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في عام 2005 جعل جمع المعلومات الاستخباراتية حول حماس أكثر صعوبة. عوزي شايا، المسؤول السابق في الاستخبارات الإسرائيلية. أكد أن عملية جمع المعلومات أصبحت معقدة بشكل كبير بعد انسحاب الجيش من القطاع. وأوضح أن إسرائيل كانت تجد سهولة أكبر في تجنيد العملاء المرتبطين بحزب الله في لبنان أو خارجه. مما منحها قدرة أكبر على مراقبة أنشطة الحزب بالمقارنة مع حركة حماس.
التركيز على إضعاف الدعم الإيراني لحزب الله
إسرائيل لم تكتفِ بمراقبة أنشطة حزب الله، بل عملت أيضًا على إضعاف الدعم المالي والعسكري الذي يتلقاه من إيران. الجيش الإسرائيلي تابع عن كثب تطور ترسانة حزب الله على مدى السنوات الماضية. هذا الاهتمام الكبير بأدق التفاصيل حول قدرات الحزب ساعد إسرائيل على شن عمليات استخباراتية وعسكرية ناجحة ضده في الأسابيع الماضية. بما في ذلك اغتيال عدد من القادة البارزين في الحزب.
أهمية التصعيد ضد حزب الله في الحسابات الإسرائيلية
التصعيد ضد حزب الله لم يكن وليد الصدفة. إسرائيل ترى في الحزب تهديدًا استراتيجيًا طويل الأمد، خاصة مع الدعم العسكري الإيراني الذي يواصل الحزب تلقيه. في هذا السياق، تتضح أهمية العمليات الأخيرة التي استهدفت الحزب. حيث أنها جزء من استراتيجية إسرائيلية طويلة الأمد تهدف إلى إضعافه وتقويض نفوذه في المنطقة.
الدروس المستفادة لإسرائيل من فشلها مع حماس
التجربة المريرة التي عاشتها إسرائيل في مواجهة حماس قد تكون درسًا قاسيًا لأجهزتها الاستخباراتية. التقرير يظهر بوضوح أن الاستراتيجيات التي تعتمد فقط على التحليل التقليدي قد تفشل في فهم الديناميكيات المتغيرة للعدو. حماس أثبتت أنها ليست فقط منظمة تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار في غزة، بل لديها القدرة على التخطيط لعمليات عسكرية معقدة.
إسرائيل تجد نفسها الآن أمام تحدٍ مزدوج. من جهة، تواجه تهديدات حماس التي فشلت في تقديرها بشكل صحيح. ومن جهة أخرى، تستمر في مواجهة حزب الله، الذي كان محور تركيزها العسكري والاستخباراتي على مدى السنوات الماضية. هذا الموقف يفرض على إسرائيل إعادة التفكير في استراتيجياتها الأمنية والاستخباراتية لضمان مواجهة فعّالة لكافة التهديدات، سواء من حماس أو حزب الله.
اقرأ كذلك: طهران تحت المجهر: هل ستتحرك إيران؟