ماذا يريد النبي منا حقًا؟
أعلن منشد إسلامي مشهور أنه في صدد تجهيز أنشودة جديدة، قال إنها ستكون في مدح النبي محمد، صلى الله عليه وسلم. هذا الإعلان أثار انتباهي، مما دفعني لكتابة هذه المدونة، لأناقش فيها فكرة من لم يستوعبوا بعد جنون اللحظة. فهؤلاء ما زالوا مطمئنين، وكأن شيئًا لم يحدث بعد.
لأي شخص الحق في التعبير عن حبه للنبي محمد بالطريقة التي يختارها. ولكن يبقى السؤال: هل هذا ما يريده النبي منا؟ خصوصًا ونحن نعيش في زمن أصبحت القيم التي جاء بها في وضعٍ يُخجل أن نقول إننا من يحملها بعده، صلى الله عليه وسلم.
ما الذي يريده النبي منا؟
النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، لم يطلب منا مدحه. بل طلب منا تطبيق الرسالة العظيمة التي جاء بها. وهذا هو الأمر الذي نأينا بأنفسنا عنه ولا نزال حتى الآن. كل واحد في مجاله، يجب أن يطبق الرسالة بالطريقة التي يتقنها. حتى في الأناشيد، يجب أن تكون الرسالة في خدمة الهدف الأساسي.
يريد النبي منا أن ننشد للقيم، للإيمان، وللعمل الجاد. يريدنا أن ندعو للإبداع، لصلاح النفس، لمواجهة الصعاب، للإخلاص والصدق. يريدنا أن نغني للناجح وللذي يحاول، للحزن والألم، وللحب والشوق. كل تلك القيم التي حثنا عليها الإسلام هي ما يسهم في بناء مجتمع قوي ومترابط.
زمن الصورة والصوت
اليوم، تغيرت المعادلات. نحن نعيش في زمن الصورة والإنترنت، حيث يمكن للصوت أن ينتشر في كل مكان في غضون دقائق. صورة قد تشعل ثورة، وصوت قد يبث السكينة والحب. ونداء في تغريدة قد يتحول إلى رأي عام، يعيد الحق لأصحابه.
إن فعلًا صغيرًا لنصرة مظلوم أفضل من ألف قصيدة. فحب النبي فطري، ومقامه خالد، ولكن بتجسيد هذا الحب في الواقع نحقق الكمال. دون ذلك يبقى الحب ناقصًا أو مشوهًا.
التغيير عبر الموهبة
كلٌ منا يمتلك موهبة يمكن أن تحدث فرقًا في هذا العالم. أن تساهم في نشر النُبل، وفي إيقاف الحقد والظلم. خذوا مثلًا ما فعله الكثيرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي لنشر حقيقة ما يحدث في فلسطين، وكيف تغيرت مواقف الكثيرين في الغرب بعد أن وصلت إليهم الصورة الحقيقية.
أمثلة للتأمل
تأملوا معي: لاعب كرة قدم يزيل علبة مشروب كولا ويستبدلها بعلبة ماء. نتيجة لذلك، تخسر الشركة ملايين الدولارات خلال أسبوع. قطة تصعد على كتف إمام أثناء الصلاة، فيتركها تلهو، فيصبح هذا المشهد القصير عالميًا، يثير الإعجاب ويغير الكثير من المفاهيم. مثال آخر: شخص يصور طفلًا غريقًا، فتُحَرك تلك الصورة ضمير العالم.
استغلال الأدوات الحديثة
اليوم، أصبحت المعرفة هي التي تمنح السلطة، لا المكانات الاجتماعية. في هذا الزمن، نحن نملك الأدوات التي تمكننا من إحداث التأثير والتغيير على نطاق واسع. الإنترنت جعل العالم قرية صغيرة، وعلينا استغلال هذا لتقديم رسائل أسمى وأعظم، تعرّف الآخرين بديننا ورسولنا، وتدفعهم نحو الأفضل.
فنانون يدركون لغة العصر
في ميدان الأنشودة والفن القيمي، هناك مبدعون مثل حمزة نمرة، حمود الخضر، وأمين حاميم. هؤلاء يعملون في هذا الخط التجديدي الرائع الذي يهدف إلى معالجة قضايا الواقع بأسلوب فني. كذلك، نجد أن الأتراك يدركون جيدًا لغة اللحظة، فنراهم يندمجون في مختلف الأصعدة، محاولين تغيير الصورة النمطية عن الدين عبر الدراما التاريخية، التي نجحت في الوصول إلى العالم الغربي والشرقي على حد سواء.
اقرأ كذلك: صفات المنافقين وكيف تتقدم الأمة على الرغم من مؤامراتهم؟