إطلاق 100 صاروخ في دقائق.. خمسة أسرار تكشف قوة منظومة حزب الله الصاروخية
"التكامل الاستراتيجي للمسيّرات والصواريخ: قوة حزب الله في مواجهة التحديات العسكرية المتعددة"
قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي صباح الـ12 من يونيو/حزيران الحالي إن أكثر من 100 صاروخ أُطلقت من جنوب لبنان باتجاه مدينتي صفد وطبريا ومحيطهما خلال دقائق معدودة. وأفاد جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن دفاعاته اعترضت عددًا من الصواريخ. لكن بعضها سقط في مواقع عدة. مما تسبب في نشوب عدد من الحرائق. وأصدر الجيش توصيات لسكان المدن الإسرائيلية بالتجهز في أي وقت لدخول الملاجئ.
لم تكن تلك إلا حالة واحدة من ضمن ضربات متعددة. فحزب الله يعتبر الصواريخ سلاحًا أساسيًا في إستراتيجيته العسكرية. لذلك. استثمر في تحديثها بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. هذا التحديث يمثل تهديدًا أقلق جنرالات الحرب في تل أبيب.
في الواقع، كانت هناك خمسة أسباب محددة يرى خبراء الحروب أنها دفعت ترسانة حزب الله الصاروخية إلى هذا المستوى. هذه الأسباب تؤهّلها لأن تكون تهديدًا حقيقيًّا لدولة الاحتلال. على الرغم من تفوق جيشها الواضح في العدة والعتاد.
زيادة النطاق والتنوع في ترسانة حزب الله الصاروخية
حاليًّا، يمتلك حزب الله صواريخ يتجاوز مداها 300 كيلومتر. تشمل هذه الصواريخ صاروخ فاتح 110 ونسخه المختلفة. وهي قادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي وضرب أهداف إستراتيجية محددة. يبدأ مدى صواريخ حزب الله من 10 كيلومترات لصواريخ بركان وفلق. ويصل مدى بعض الصواريخ إلى 40 كيلومترًا فأعلى حتى حدود 100 كيلومتر. مثل صواريخ فجر 3 و5 ورعد 2 و3. وأخيرًا، هناك صواريخ مثل خيبر 1 وزلزال 2، التي يزيد مداها على مئة كيلومتر.
امتلاك نسخ متنوعة من الصواريخ يوفر لحزب الله العديد من المزايا التكتيكية. بما في ذلك تنويع الأهداف. الصواريخ القصيرة المدى مفيدة لاستهداف المنشآت العسكرية القريبة والمناطق الحدودية والتهديدات المباشرة. بينما الصواريخ المتوسطة المدى تسمح بضرب المدن الكبرى والبنية التحتية والأهداف العسكرية البعيدة. أما الصواريخ الطويلة المدى، فهي قادرة على ضرب أهداف إستراتيجية في عمق إسرائيل، بما في ذلك المراكز الحضرية الكبرى التي تحتوي على قواعد عسكرية وبنية تحتية حيوية.
استخدام مزيج من أنواع الصواريخ ومداها المختلف في ضربات منسقة يمكن أن يؤثر سلبًا على أنظمة الدفاع الصاروخي لجيش الاحتلال الإسرائيلي. على سبيل المثال، يمكن لوابل من الصواريخ القصيرة المدى أن يشبع الدفاعات. مما يسمح للصواريخ الأطول مدى بأن تخترق التحصينات بسهولة أكبر. القدرة على إطلاق الصواريخ من نطاقات مختلفة تمنح حزب الله القدرة على تكييف تكتيكاته بناءً على تطور الوضع الميداني.
مجموعة الصواريخ المتنوعة المدى تسمح لحزب الله بتوزيع منصات إطلاق الصواريخ على مساحة واسعة. هذا يجعل من الصعب على قوات الخصم تحديد مواقع الإطلاق وتدميرها في وقت واحد. بالإضافة إلى ذلك. امتلاك مدى متنوع من الصواريخ يتيح لحزب الله درجة من السيطرة على سلّم التصعيد. ولهذا أهمية سياسية كبيرة.
تحسين الدقة في ترسانة حزب الله الصاروخية
إلى جانب تحسين وتنويع مدى الصواريخ، عمل حزب الله على امتلاك وتطوير صواريخ موجهة بدقة. يعد ذلك أحد أهم التطورات في ترسانة حزب الله الصاروخية مؤخراً. تشير تقديرات عسكرية إلى أن ترسانة حزب الله. التي تتراوح بين 120 و200 ألف صاروخ، تحتوي على مئات من الصواريخ الدقيقة الموجهة ذات القدرة التدميرية العالية. لذلك. سيضطر جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تكريس جزء كبير من منظومته الدفاعية لمواجهة حزب الله في حال نشوب حرب. وفقاً لما أشار إليه أكثر من خبير عسكري إسرائيلي.
الصواريخ الموجهة بدقة هي أسلحة متقدمة يمكن توجيهها نحو الهدف بعد إطلاقها. يتم التحكم فيها أثناء الرحلة بواسطة أنظمة توجيه مختلفة. بما في ذلك نظام التموضع العالمي (GPS). يتكون نظام الصواريخ الموجهة النموذجي من عدة أجزاء. أهمها: “مكونات الاستهداف”، التي تعمل على تحديد الهدف وضربه بدقة. و”نظام التوجيه” للتحكم في مسار الصاروخ، و”نظام الطيران”، و”المحرك”، و”الرأس الحربي” المتفجر.
كذلك يعمل حزب الله حاليًّا على إضافة أنظمة توجيه إلى الصواريخ غير الموجهة التي يمتلك منها عشرات الآلاف. يهدف ذلك إلى تحويلها إلى صواريخ دقيقة. مما يمثل نقلة كبرى في ترسانته. هذا التطور يعزز كون حزب الله قوة عسكرية تمتلك أساليب قتالية تنتمي إلى نطاق الحرب غير النظامية. وأسلحة دقيقة متقدمة مع هيكلة مركزية، مما يضعه في جانب الحرب النظامية.
منصات إطلاق مرنة في ترسانة حزب الله
أضف إلى ذلك أن جزءًا من قدرة حزب الله على محاربة خصم أقوى يتعلق باستخدام تكتيكات مرنة. مع حملة قصف جوي على منطقة معينة. تتمكن القوات المدافعة من تقليل استخدام نقاط التفتيش وحركات القوات على الأرض. وكذلك استخدام الهواتف المحمولة. يمكن للقوات اتخاذ تشكيلات متعددة في وقت قصير بناءً على المعلومات المتاحة.
في هذا السياق، يصمم حزب الله منصات إطلاق للصواريخ بأربع سمات تشكل نقاط قوتها. أولاً، أنها متنقلة. حيث يمكن تحريكها وإعادة وضعها بسرعة، مما يصعب على الخصم تعقبها واستهدافها. ثانياً، أنها مرنة. ويمكن استخدامها في مختلف التضاريس. ثالثاً، يمكن إخفاؤها وإخفاء مواقع تخزينها. ورابعاً، يسمح تدريب القوات وطبيعة المنصات بالانتشار السريع لإطلاق الصواريخ والقذائف، وهو أمر بالغ الأهمية للهجمات المفاجئة أو الاستجابات السريعة.
يمكن لبعض صواريخ حزب الله الحديثة أن تحمل رؤوسًا حربية كبيرة. مما يزيد من قدرتها التدميرية. نعلم أن نسخًا من صاروخ زلزال (النوعين 1 و2) يمكنها حمل ما يصل إلى 600 كيلوغرام من المواد المتفجرة. كما أن بعض الصواريخ التي يمتلكها حزب الله، مثل سكود (بي وسي ودي)، يمكنها حمل رؤوس حربية متفجرة بوزن أكبر، مما يثير قلق أعدائه بشكل كبير.
مؤخرًا، أعلن حزب الله استخدام صاروخ بركان. وهو صاروخ رخيص الثمن (بضعة مئات من الدولارات) وقصير المدى وبسيط التركيب. لكنه يمكنه حمل رأس حربي ثقيل يصل وزنه إلى 500 كيلوغرام. الميزة الأخرى لصاروخ بركان هي إمكانية تحميل الرأس الحربي بمتفجرات بأوزان مختلفة تبدأ من 60 كيلوغرامًا، مما يسمح بالمرونة حسب الهدف وطبيعة العملية. في الواقع، برأس حربي يزن 100 كيلوغرام، فإن صاروخ بركان قادر على إحداث دمار في نطاق قطره 150 مترًا من مركز الضربة.
كما يمتلك حزب الله صواريخ ذات رؤوس حربية متخصصة لمهام محددة. مثل الرؤوس الحربية الخارقة للدروع. على سبيل المثال. صاروخ كورنيت الموجه المضاد للدبابات يمكنه اختراق الدروع التي يصل سمكها إلى 12 سنتيمترًا. إلى جانب صواريخ أخرى لنفس الغرض. علاوة على ذلك، يمتلك حزب الله نسخًا من الصاروخ الروسي المضاد للسفن “بي-800 أونيكس” الذي يمكنه حمل رأس حربي خارق للدروع يصل وزنه إلى 250 كيلوغرامًا. هذا الصاروخ يشكل تهديدًا كبيرًا للسفن البحرية.
التكامل الفعّال: الجهود المتشابكة في ترسانة حزب الله
تُشير التقديرات العسكرية إلى امتلاك حزب الله أكثر من 2000 طائرة مسيّرة متعددة المهام. وتُعزز هذه المسيّرات مرونتهم العسكرية. حيث يمكن تخصيصها لأنشطة هجومية ودفاعية مُختلفة بأنواع مُختلفة من الحمولات والأجهزة. بما في ذلك الاستشعار والكاميرات والأسلحة.
المسيّرات قادرة على التكامل مع الصواريخ بشكل فعّال، مما يُمكّن استراتيجية حرب الأسلحة المشتركة، وتعزز القدرات القتالية للجيش بشكل تكاملي. يُمكن استخدام المسيّرات في مراحل مبكرة من هجوم شامل لاستهداف الدفاعات الجوية الإسرائيلية قبل تنفيذ ضربات صاروخية، مما يُخلق حالة من التعقيد للدفاعات.
بالإضافة إلى ذلك، يعمل حزب الله على تعزيز قدراته في الحرب الإلكترونية، من خلال استخدام تقنيات التشويش والخداع لحماية أنظمته الصاروخية وتعطيل دفاعات جيش الاحتلال. هذه الجهود تؤثر بقوة في منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، وتعكس أهمية السمات المرونة والتكامل في إدارة المعارك وتحقيق النجاح فيها.
اقرأ كذلك: خواطر تتعلق بنصرة غزة وكيف ندعمها وننصرها ؟