إسرائيل تناقش شراء ميناء في قبرص ..ما ارتباطها بمبادرة بايدن ؟
استراتيجية التهجير القسري عبر البحر: مخاطرها وتأثيرها المحتمل على سكان قطاع غزة وسلامة المجتمع الدولي
بعد يوم واحد فقط من إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن نية الولايات المتحدة إنشاء ميناء بحري في قطاع غزة. خرجت صحيفة يديعوت أحرونوت بتقرير يفيد بنية إسرائيل شراء أحد الموانئ في جزيرة قبرص.
وفي خطوة مفاجئة، أعلنت وزارة النقل الإسرائيلية – مساء السبت الماضي – عن مغادرة وفد إسرائيلي بقيادة عوزي يتسحاقي، رئيس شركة الموانئ الإسرائيلية. إلى قبرص يوم الاثنين القادم، بهدف استكشاف فرص شراء أحد الموانئ على الجزيرة، والتي تُعتبر ثالث أكبر جزر البحر الأبيض المتوسط.
تثير هذه الخطوة الإسرائيلية الكثير من الأسئلة. خاصةً في ظل تشدد تل أبيب في فرض حصار على قطاع غزة ورفضها السماح بدخول المساعدات الإنسانية عبر المعابر البرية. رغم تفاقم الأوضاع الإنسانية والمجاعة المنتشرة في القطاع.
فما هي أهداف هذه الخطوة الإسرائيلية؟ وما علاقتها بالخطط الاستراتيجية لإسرائيل في مرحلة ما بعد الحرب؟ وهل لها صلة بالميناء الذي تعتزم الولايات المتحدة إنشاءه في غزة؟ تلك هي الأسئلة التي تطرح نفسها بقوة في ظل التطورات السياسية والاقتصادية في المنطقة.
تأثير شراء ميناء في قبرص على تفتيش المساعدات الإنسانية ورفع الحصار عن موانئ إسرائيل
تشير يديعوت أحرونوت إلى أن تل أبيب تسعى من خلال شراء ميناء في قبرص إلى تحقيق هدفين رئيسيين.
الأول: استخدام الميناء لتفتيش السفن التي تحمل المساعدات الإنسانية قبل وصولها إلى الميناء الذي تعمل الولايات المتحدة على إنشائه على سواحل غزة.
الثاني: فك الحصار المفروض على موانئ إسرائيل. وأوضحت الصحيفة أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود تل أبيب لإيجاد طرق بحرية لنقل البضائع إلى إسرائيل. استجابة للتحديات الراهنة والمستقبلية للأمن القومي الإسرائيلي في مجال الخدمات اللوجستية البحرية.
لا يُستغرب سعي إسرائيل لبدائل تضمن تدفق البضائع إليها. خاصة في ظل الهجمات الحوثية المتواصلة على السفن المتجهة إلى موانئ إسرائيل. والتي تشير التقارير إلى أنها أثرت سلباً على اقتصادها.
ممر بحري لفرض واقع جديد
يرى الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي أن فكرة شراء ميناء في قبرص من أجل فتح ممر بحري إلى غزة تعتبر خطوة متقدمة للغاية. متفوقة على التفكير الأميركي الحالي بإنشاء رصيف بحري لاستقبال المساعدات الإنسانية في القطاع.
ويوضح في تصريحات للجزيرة نت أن إسرائيل تسعى من خلال هذه الخطوة إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسية.
أولاً، إعادة هندسة قطاع غزة لخلق ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية جديدة. تتماشى مع الرؤى الإسرائيلية والأميركية لمرحلة ما بعد حركة حماس أو نهاية الحرب.
ثانياً، تحقيق السيطرة الكاملة على قطاع غزة أمنياً واقتصادياً. مما يجعل إسرائيل المتحكم الوحيد في حركة البضائع إلى ومن القطاع.
ثالثاً، رفع الحصار عن غزة الذي دام لسنوات، والذي يعتبر أحد أسباب الانفجار الأخير في المنطقة.
رابعاً، تخفيف العبء عن مصر التي تعاني من تكدس المساعدات عند معبر رفح. وتسهيل تدفق المساعدات إلى غزة عبر البحر بدلاً من المعبر.
ويعتقد عرابي أن إسرائيل ترغب أيضاً في توفير تدفق إغاثي لقطاع غزة عبر البحر. مما يمكنها من استمرار الحرب مع تحسين صورتها، وهو ما يتماشى مع الرؤية الأميركية للوضع في القطاع.
استراتيجية سابقة: فكرة فتح ممر بحري إلى غزة عبر قبرص
ومن الملاحظ أن فكرة فتح ممر بحري إلى غزة عبر موانئ قبرص ليست جديدة. فقد تم طرحها من قبل إسرائيل في عام 2018 خلال مفاوضات مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في صفقة تضمنت إعادة جثماني جنديين إسرائيليين كانت تحتجزهما الحركة. هذا وفق تقرير نشرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وعندما طُرحت هذه الفكرة، كانت تل أبيب أكثر وضوحًا بشأن أهدافها. فأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك. أفيغدور ليبرمان، أن الخطة تهدف إلى إنشاء “نظام إشراف إسرائيلي لمنع حماس من استخدام الميناء لتهريب السلاح إلى القطاع” وفقًا لتقرير الصحيفة.
وذكرت قناة “حداشوت” الإسرائيلية في ذلك الوقت أن مسؤولًا في وزارة الدفاع الإسرائيلية وصف بأنه “رفيع” صرح بأن الخطة الإسرائيلية ستُعرض مباشرة على سكان غزة مع تجاوز حماس.
وأضاف المسؤول الإسرائيلي: “سوف نعرض الخطة مباشرة ونوضح لهم: هذا هو الممكن، هذا هو الثمن، اقبلوا أو ارفضوا” وفقًا لما ورد في تقرير صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
تهجير قسري عبر البحر
يثير إحياء الخطة القديمة شبح التهجير القسري لسكان قطاع غزة، وهو ما يدفع مراقبين إلى التعبير عن مخاوفهم بشأن نوايا إسرائيل في المنطقة.
وفي هذا السياق، يرى أستاذ السياسة الدولية والسياسات المقارنة في جامعة النجاح، حسن أيوب، أن الخطوة تحمل مخاطر حقيقية تتعلق بالتهجير القسري لسكان غزة.
ويشير أيوب إلى أن هذه الخطوة تدخل في إطار خطة ممنهجة تتضمن استخدام سلاح التجويع وتدمير البنية التحتية في القطاع، مما يجعله غير صالح للحياة، وبالتالي يمكن تقديم المساعدات الإنسانية على يد إسرائيل، وهو ما يعتبر تجاوزًا للقانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية.
ويوضح أيوب أن هذه الخطة القسرية قد تكون السبب الرئيسي في تعثر المفاوضات الهادفة إلى التوصل إلى هدنة في غزة. كما يؤكد أن رفض إسرائيل عودة السكان إلى شمال القطاع يعكس إصرارها على خطتها لإفراغ غزة من سكانها وتحقيق أهدافها.
اقرأ أيضا: تقديم بايدن لرصيف غزة العائم: ما هي الدوافع وراء هذه الخطوة؟