مدونات

نداء غزة .. ففروا نحو الله

التضامن الأخلاقي مع غزة: الاستجابة الروحية والمسؤولية المشتركة في مواجهة التحديات

ما يجري في غزة يعد حدثًا غير مسبوق في تاريخ البشرية. فهل شهد التاريخ من قبل حصارًا مروعًا يستهدف شعبًا معزولًا في منطقة ضيقة، حيث يتحدى العالم بأكمله وينفذ أعمال عنف مروعة بواسطة أحدث التقنيات العسكرية لأشهر طويلة دون توقف؟

إن ما يحدث في غزه هو جريمة لا مثيل لها، وانهيار قيم الأخلاق الغربية بشكل لا يصدق. فالدولة الأمريكية تدعم جرائم الصهاينة بالأسلحة والتغطية السياسية في مجلس الأمن، ثم تتحدث عن معاناة سكان غزة وتطالب بفتح معبر رفح والضغط على مصر لتنفيذ ذلك. إنهم يريدون شراء الوقت حتى يتمكنوا من تحقيق “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” وتهجير سكان غزة المتبقين وإبادتهم تمامًا.

الانهيار الأخلاقي والصمت العربي

كيف يمكن للتاريخ أن يصف ما يحدث في غزة؟ إنه انهيار في المنظومة الأخلاقية العالمية وتواطؤ حكام عرب ومسلمين، وتخاذل آخرين. المعاناة التي يعانيها أهل غزة لو حدثت لأي شعب آخر لكانت صادمة ومروعة. يا غزة، لله درك، صبرك الذي نراه وثبات أهلك الكرام لا يمكن أن يكون لديهم البشرية بأكملها. ستكتب الأجيال المقبلة أن رجال ونساء وأطفال غزة قاموا بالنضال من أجل مقدسات المسلمين وحماية كرامتهم، بينما تخذلهم أمتهم. كيف يمكن لأطفال غزة أن يموتوا جوعًا في حين يتم تأجيل علاج الأشخاص الذين يعانون من السمنة في بلداننا؟ ولماذا تنفق تريليونات الدولارات على جيوشنا العربية والإسلامية وتظل الشعوب في حالة فقر مدقع؟ ما هي مهمة تلك الجيوش إذا كان قادتها يجمعون الشارات التي لا تعكس إلا الثقل في صدورهم، بينما تتخاذل هذه الجيوش عن مواجهة الأعداء وحماية كرامة الأمة ومقدساتها.

ما يحدث في غزه يعد أمرًا مأساويًا وله تأثيرات خطيرة وواسعة النطاق، وقد تبدأ آثارها في الظهور تدريجيًا على مدى عقود أو حتى قرون قادمة. ولكن الأكثر غضبًا وقلقًا هو صمت العرب الذي لا يزالون يتحدثون عن السلام مع جناة الحرب الذين يشنون حملة الإبادة على غزة وأهلها، بما في ذلك الأطفال والنساء والمساجد والمدارس وكل جوانب الحياة فيها. إذا حققت الصهاينة نصرًا، فإن منطق السلام معهم سيكون منطق الاستسلام والاستعباد والتفوق والذل.

الصمت العربي والتحديات الأخلاقية

يرغب الصهاينة وحلفاؤهم في استغلال حرب غزة ومواقف الغرب المتواطئة معهم لفرض واقع جديد يجعل من الشعوب العربية والإسلامية خلوة من القيم والحقوق والكرامة الإنسانية. إنها محاولة لتجاهل قيمنا وتصبح مجرد أرقام في سجلات الحقوق الإنسانية. تلك الفلسفة التي ينادي بها الصهاينة لا تتوافق مع مبادئ الدين الإسلامي ولا مع قيم التعايش الإنساني. ونحن نشهد تطبيق تلك الفلسفة المشوهة في أفعالهم اليومية، بدءًا من انتهاكاتهم المستمرة تجاه المسجد الأقصى وحتى الآن.

من المنظور العالمي، فإن دعمنا لغزة يعني أن نتجنب الذل والعبودية وأن نحمي أنفسنا من الفواتير المؤلمة التي تحملها معاناة أهل غزة. ففي هذا السياق، يجب علينا أن نساند غزة ونقف بجانبها، وذلك لأنها تمثل مقدساتنا ومبادئنا الإنسانية. من المنظور الإسلامي، يجب علينا أن ننصر أهل غزة وأن نقف بجانبهم، فهو واجب ديني وفرض علينا. وبالتالي، يتعين علينا أن نتغير على المستوى الفردي وأن نعيش حياتنا وفقًا للقيم التي ندافع عنها ونسعى لتحقيقها.

لا يمكننا أن نستمر في رؤية صور مؤلمة من غزة وننسى تلك الصور عندما نعود لحياتنا الروتينية وأنشطتنا الترفيهية. علينا أن نشعر بالألم والحزن ونتحرك للقيام بالتغيير. يجب أن نعيش وفقًا لما نعلنه، وأن نتحلى بالتضامن والمساندة والتعاون مع أهل غزة ومع المظلومين في كل مكان. إذا فشلنا في ذلك، فإننا سنكون جزءًا من المشكلة وليس الحل.

غزة: واجبنا الأخلاقي والتحديات التي نواجهها

في مواجهة التحديات الأخلاقية المتعلقة بالأزمة في غزه، يجب علينا أن نتحمل مسؤوليتنا الفردية وأن نساهم في تخفيف معاناة الشعب هناك. فهم يقاتلون باسمنا ونيابة عنا من أجل العدالة والكرامة، وبالتالي يجب أن نقف إلى جانبهم وندعمهم بكل الطرق الممكنة.

يجب علينا أن نلتجأ إلى الله ونتضرع إليه في هذه الأزمة. يجب أن نستغفره وندعوه لنصرة غزة ولتخفيف المعاناة التي يعانيها الشعب هناك. فالله هو القادر على تغيير الأحوال وتحقيق العدالة، ونحن بحاجة إلى رحمته ومغفرته.

في الحديث الشريف، ورد أن الله ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ويستجيب لدعاء المسلمين ويغفر لهم. لذا، يجب أن نستغل هذه الفرصة وندعو الله بصدق وتواضع، نستغفره ونلتجأ إليه بكل قوة وإخلاص، لنصرة غزة ولتحقيق العدل والسلام في العالم.

في النهاية، يجب أن نتذكر أننا مسؤولون عن أفعالنا وأننا قادرون على تحقيق التغيير الإيجابي. يجب علينا أن نتحلى بالتضامن والتعاون وأن نقف إلى جانب غزة والمظلومين في كل مكان. إن التغيير يبدأ منا كأفراد، وعلينا أن نتحرك بحكمة وصبر في سبيل تحقيق العدالة والسلام في العالم.

نتمنى أن يحقق الله نصرًا عظيمًا لغزة وأن يرفع عنهم البلاء والمحنة. ونسأل الله أن يهدينا جميعًا للعمل الصالح والسعي لتحقيق العدالة والسلام في جميع أنحاء العالم، آمين.

اقرأ كذلك: “طوفان الأقصى”.. صراع متباين في المستوى دون اختلاف في الجوهر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات