تفشي الفاحشة .. وانتشار الأمراض القاتلة
كلما بعث الله نبياً إلى أمته. كان من واجبه أن يكون دليلاً لهم على ما فيه خيرهم وإرشادهم عن كل ما يمكن أن يؤذيهم. فالأنبياء كانوا أولئك الذين كانوا يسعون بجدية لرعاية مصلحة أمتهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما أرسل الله نبيا إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم. وينهاهم عن شر ما يخافه عليهم، فالأنبياء هم أحرص الناس على خير أممهم.”
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أنصح الناس للناس، وأرحم الناس بالناس، وأرأف رسولٌ بأمةٍ أُرسِل إليها. قد بين لأمته أسباب الضعف وأبواب الوهن وموجبات العقوبة.
في أحد الأحاديث الشريفة التي رواها ابن عمر، وسجلها ابن ماجه وابن عساكر والحاكم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “يا معشر المهاجرين! خمس إذا ابتليتم بهن فاعلموا أن الله قد أراد بهن خيراً لكم. لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا. ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المعيشة وجور السلطان عليهم. و لم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا. ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم.”
هذه الحديث تعبير عن الأهمية الكبيرة لتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم في الحفاظ على مصلحة الأمة والابتعاد عن الشرور التي يمكن أن تضر بها.
في هذا الحديث النبوي الشريف. نجد توجيهات عظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم تتعلق بأسباب البلاء والمشاكل التي يمكن أن تقود إلى عقوبة الله تعالى. فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بشرح خصائص هذه الأمور المؤدية للعقوبة. لكي يتجنب المؤمنون هذه الفواحش والأفعال وبذلك ينجوا من العذاب.
الفواحش ومخاطر انتشارها في المجتمع
النبي صلى الله عليه وسلم أوضح في هذا الحديث أهمية تجنب الفواحش وكيف أنها تعد من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى نزول عقوبات من الله تعالى. يتناول الحديث معانيه وخصائصه، لكي يتفهم المسلمون خطورتها ويبتعدوا عنها لتجنب العقوبة الإلهية.
الفاحشة هي أمور كبيرة من الآثام، تشمل الزنا وأعمال اللواط والسحاق. وهي الأفعال التي تعتبر من الجرائم الكبرى والذنوب العظيمة. يجب على المؤمنين الابتعاد عنها والحذر من الوقوع فيها. وذلك حسب ما جاء في القرآن الكريم “إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم” (النساء: 31). و”الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة” (النجم: 32).
إن انتشار الفواحش في المجتمع يمثل تهديدًا كبيرًا للأمة ويمكن أن يؤدي إلى تدهورها وانهيارها. تزايدت هذه السلوكيات الخاطئة في بعض البلدان الغربية، وللأسف انتقلت إلى العالم الإسلامي. نجد في بعض البلدان تشريعًا للزنا بالتراضي وعدم معاقبة مرتكبيه، بالإضافة إلى ترخيص بيوت الدعارة والملاهي الليلية. هذا التفاقم يجب مواجهته بحزم والعمل على توعية الناس بأخطار الفواحش والحفاظ على القيم والأخلاق السليمة.
بالإضافة إلى ذلك. يجب مراقبة وتنظيم وسائل الإعلام والإنترنت لمنع انتشار هذه المحتويات الفاسدة والمخلة بالآداب والأخلاق. يجب على المجتمعات الإسلامية العمل بجد لمكافحة هذه الفواحش وحماية أفرادها من التأثيرات الضارة لها.
العقوبات والأمراض كنتيجة للفواحش
الفواحش تمثل خطورة كبيرة في الحياة الإنسانية. وقد حذّرنا القرآن الكريم من تلك السلوكيات الفاسدة من خلال ذكر قصة قوم لوط وعقوبتهم. في هذه القصة. تم تدمير مجتمعهم بسبب انتشار الفواحش والمنكرات، وكانت العقوبة الإلهية قاسيةً.
العقوبات التي تلي الفواحش هي عبارة عن عواقب طبيعية تصيب الأفراد والمجتمعات. تظهر الأمراض والأوجاع التي لم تكن معروفة في الأجيال السابقة. وهذا يشمل الأمراض المعديّة مثل الإيدز والهربس والزهري والسيلان وغيرها، والتي يصعب علاجها وتسبب معاناة كبيرة.
إلى جانب ذلك، تنتقل الأمراض بسرعة في المجتمعات التي تعاني من انتشار الفواحش. وهناك حالات من الأوبئة تظهر بسبب هذه الذنوب. كذلك يجب على الناس أن يتعاملوا مع هذه العقوبات القدرية بجدية وأن يعيدوا التفكير في سلوكهم ويعودوا إلى القيم والأخلاق السليمة.
الله سبحانه وتعالى لا يعاقب البشر إلا بسبب ذنوبهم ومعاصيهم. لذا يجب على الناس أن يتوبوا ويعيدوا التوجه نحو الله. وأن يتراجعوا عن المعصية والمنكرات. عندما يقوم المجتمع بمكافحة الفواحش ويتحد في ترسيخ القيم الأخلاقية، يمكن أن يزول اللعنة والعقوبة ويحظى الناس برحمة الله ونعمته.
اقرأ كذلك : توحيد الله “لا إله إلا الله” في الإسلام .. المفتاح لدار السلام والنجاة من النار