تصاعد الأوضاع في غزة: تضاءل الدعم الدولي وتحول الاهتمام العربي … خطوة نحو التصحيح
تحقيق الوحدة والتحرك الجماعي: رسالة الأمة في مواجهة الهولوكوست الصهيوني، ورقتا القوة للمقاومة وصمود غزة كأساس للتغيير الفعّال
تعاني غزة، في ظل الهجمات القاسية والإبادة التي تتجاوز كل الوصف، من واقع يحتاج إلى تحليل صادق وتقدير واقعي. دون اللجوء إلى التزيين أو التبرير. يظهر بوضوح أن إسناد الأمة لشعب فلسطين ووقوفها في وجه الأهوال التي يواجهها أهلنا في هذا القطاع يعاني من ضعف فاحش، يفوق التصور.
إن تقييم هذا “الوضع”، قد يظهر صارمًا في أعين البعض، أو قد يبدو غير متناسب مع تفاصيل كل مواجهة وتحدي. ولكنه يعكس بدقة وبأمانة حقيقة الواقع الراهن. حالة الحراك الضعيفة تتجلى بشكل واضح، وليست مخفية على أعيننا. وتظهر ضمن إطار لا يتناسب مع حجم التحديات والمعارك التي يخوضها شعبنا.
انتفاضة الشجب والصمود: مأساة غزة وتراجع إسناد الأمة
بعد نهاية الهدنة، ومع تجدد الهجمات وتصاعد العدوان على قطاع غزة، يشهد الشعب الفلسطيني أزمة إنسانية تتسارع. حيث يستمر الاستهداف العشوائي والتدمير الشامل. يظهر كيان الاحتلال في أوج وحشيته. مستهدفًا المدنيين، البنية التحتية، وكل مظهر من مظاهر الحياة.
في مواجهة هذا الوضع الصعب، يواصل الشعب الفلسطيني صموده الأسطوري، مقاومًا بشجاعة وعزم. مواجهًا القنابل والهجمات بروح المقاومة القوية. ينقلب الواقع إلى مشهد دامي، حيث يكون الثمن البشري باهظًا. وتتساقط الضحايا بأعداد هائلة، بينهم الأبرياء وخاصة الأطفال والنساء.
في الوقت الذي تزداد فيه وحشية الهجوم، يرتفع نداء غزة المستغيثة، ولكن يبدو أن إسناد الأمة يعاني من تراجع واضح. تظهر مظاهر التضامن والاحتجاج في بعض الدول، لكنها لا تتناسب مع حجم الكارثة. يطغى الهدوء والتخاذل على ردود الأفعال العربية والإسلامية، في حين يستمر الشارع الغربي في التظاهر والاحتجاج. مؤكدًا تصاعد الوعي بحقيقة القضية الفلسطينية.
تشهد الفترة الحالية تقلبات في التفاعل العالمي، حيث يظهر ضغطٌ متزايد من الشارع الغربي. بينما يتراجع الاهتمام والتضامن في العالم العربي والإسلامي. تكمن هذه المفارقة في تراجع الدعم والاحتجاج في المجتمع العربي. ما يفتح بابًا للتفكير في دور الأمة وموقفها في ظل هذا النزيف الإنساني والإبادة الجارية.
تجاوز تناقل البطولات: بين الفرح ومخاوف الرضى الخادع
مع تصاعد الأحداث في أرض فلسطين، وسط المعارك الدامية والتضحيات البطولية لمقاتلي المقاومة. يظهر تأثير بطولاتهم في المشهد الإعلامي والاجتماعي. يعمل الفيديوهات واللقاءات مع قادة المقاومة على نقل جزء من الصورة الحقيقية للمعارك والتحديات التي تواجهها فصائل المقاومة. وتتحول هذه المقاطع إلى جزء لا يتجزأ من الحرب الإعلامية التي تخوضها الفصائل ضد العدو.
لقد لاقت هذه المقاطع استجابة قوية من جمهور الأمة الذي يتابع بألم وحزن ما يجري في فلسطين. أصبحت هذه المقاطع جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس اليومية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل. حيث تعبّر عن الفرح والتضامن مع المقاتلين الشجعان الذين يقدمون تضحياتهم من أجل الدفاع عن أرضهم.
ومع زيادة تفاعل الجمهور مع هذه المشاهد البطولية، يظهر خوف حقيقي ينبعث من فهم جزء من الحقيقة فقط. إذ يحاول البعض تجنب رؤية الصور المروعة للمجازر التي ترتكبها إسرائيل، ويكتفون بتبادل مقاطع البطولات فقط. محاولين إيجاد “مسكن” لأنفسهم يحميهم من رؤية وحشية الإبادة.
هنا يكمن التحدي الحقيقي، حيث ينبغي لنا أن نتوقف عند حقيقة الصورة الكاملة. وأن لا ندفع بأنفسنا نحو مرحلة “الرضى الخادع” عبر الاكتفاء بتناقل البطولات فقط. يتطلب الأمر منا أن نكون حذرين وعاقلين في التعامل مع هذه الصور البطولية. مع التركيز على أدوارنا والعمل الواجب لدعم المقاومة والمساهمة في التغيير الحقيقي.
غزة تواجه العدوان وحدها: بحثًا عن التأثير المؤثر
في وجه المدفع الصهيوني، تظل غزة وحدها تحمل عبء العدوان، حيث تبدو وكأنها قد سُلِّمَت لمجرمي الحرب دون رحمة. يبدو أن هناك “اتفاقًا صامتًا” قد دار بين القوى العالمية، الكبار والصغار على حد سواء. لمنح الاحتلال اللقيط مهلة لتحقيق أهدافه الاستئصالية، في خضم هذا الصمت الدولي.
الدول الغربية، خاصةً الولايات المتحدة، لم تقتصر على تقديم الضوء الأخضر للاحتلال. بل دعمته بشكل عسكري واستخباراتي وسياسي ومالي وإعلامي. ومن جهة أخرى. أظهر المحيط العربي الإسلامي تخاذلاً وضعفًا في التصدي للعدوان. مما يترك غزة معزولة ومحاصرة من كل جهة، ولا يبقى لها إلا صمود أهلها وبطولة مقاومتها ودعم شعبي متفاوت التأثير.
نحن هنا لنلفت الانتباه إلى أن لدينا أوراق قوة يمكن أن تكون لدينا، ولكنها تسقط واحدة تلو الأخرى. قوة الدول العربية وقدرتها على فرض ضغوط سياسية واقتصادية. وقوة دول الطوق التي يمكنها استخدام جغرافيتها لتعقيد المواقف العدوانية. وقوة الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، بالإضافة إلى الدول الكبرى المناهضة للسياسات الأمريكية. لكن كل تلك الأوراق باتت غير فعَّالة تقريباً في مواجهة الحرب على غزة.
معًا لتحقيق الفارق: الأمة أمام مسؤولية تاريخية في مواجهة الهولوكوست الصهيوني
في ظل هذا الواقع المرير، حيث تشهد المناوشات في لبنان واليمن والعراق مقاومة مشرَّفة ومحمودة. يظهر أن هذه المقاومة تحقق إرهاقًا وتشتيتًا للعدو، مما يستنزف جزءًا من قواه. وإذا نظرنا إلى حجم تأثيرها في المسار العام للحرب، نجده “مؤثرًا ثانويًا” وليس “رئيسيًا”. في هذا السياق. يمكننا القول إن القطاع الصامد أمام العدو يملك ورقتي قوة أساسيتين (وفيما للأسف إحداها ذاتية). قوة المقاومة التي تواجه العدو وتكبد له خسائر فادحة. وورقة صمود سكان غزة العزل الذين يتحدون القصف اليومي بثبات وقوة.
هذا المشهد المؤلم يضع الأمة في موقف لا يتحمل التراخي أو التباطؤ، بل يتطلب التحرك السريع والفعّال. إن كل ساعة حرب تُسجِّل خسائر إنسانية فادحة، ولذلك يجب على الأمة أن تستفيق وتتحرك بشكل حازم. لا يمكننا الاكتفاء بالاعتماد على صمود الأفراد وحده. وإنما يتعين علينا أن نتحدث بقوة كإمة ونبدي إرادة الفعل للمشاركة في صناعة التغيير.
تحمل الأمة مسؤولية كبيرة، ولهذا يجب علينا أن نبتكر خطة عمل شاملة ومتنوعة. تقوم على الإسناد الحقيقي والتعاون الشرعي. يتعين علينا أن نكون ورقة قوة فعَّالة تعمل على إنهاء هذا الهولوكوست الصهيوني الإرهابي. يجب أن تشمل جهودنا تنوعًا من الإجراءات. بدءًا من المقاطعة الاقتصادية ووصولاً إلى الاحتجاجات والتظاهرات التي تعبِّر عن سخط الأمة.
الواقع المأساوي الذي يشهده الشعب الفلسطيني يتطلب تحركًا فوريًا وقويًا. لا يمكننا تجاهل هذه التحديات الكبيرة. يتوجب علينا أن نتحد ونعمل بشكل موحد، فكل تحرك نقوم به يمكن أن يكون فارقًا، وكل جهد نبذله يعزز من فعاليتنا. هذه ليست لحظة للتراجع أو الاستسلام، بل هي لحظة لتجديد الإرادة والبدء في مسار يحقق التغيير الحقيقي.
اقرأ كذلك : كيف أثرت الحرب على حياتك؟