مدونات

تعزيز فرص العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية في ظل تشتت المعارضة

تأثير سحب حزب "الجيد" لدعمه على الانتخابات المحلية وآفاق الحزب الحاكم في تركيا

في خبر حديث، أعلن حزب “الجيد” عن قراره بالمشاركة الفردية في الانتخابات المحلية المقبلة في تركيا. وذلك دون التحالف مع حزب الشعب الجمهوري، في تغيير عن الوضع الذي شهدناه في انتخابات عام 2019. جاء هذا الإعلان بعد انعقاد اجتماع اللجنة الإدارية العامة للحزب. حيث تمت مناقشة موضوع التعاون المقترح مع أكبر أحزاب المعارضة. وذلك بعد تقديم طلب رسمي من حزب الشعب الجمهوري للتعاون في الانتخابات المحلية المزمع عقدها في أواخر مارس/آذار المقبل.

القرار الصعب: حزب “الجيد” يخوض الانتخابات المحلية بمفرده في تركيا

بعد الخبر الذي أعلنه حزب “الجيد” بخوضه الانتخابات المحلية المقبلة في تركيا منفردًا. نجد أن هذا القرار جاء على خلفية أسباب متعددة. في البداية. جاء بعد التعاون السابق مع حزب الشعب الجمهوري في انتخابات عام 2019. حين ساهم حزب “الجيد” في فوز المعارضة وتحديدًا حزب الشعب الجمهوري برئاسة بلديات مهمة مثل إسطنبول وأنقرة. وبعد ذلك، جرت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة. والتي شهدت خلافات علنية بين الحزبين وانفضاض التحالف بعد خسارة الانتخابات الرئاسية وعدم الفوز بأغلبية البرلمان.

تغيير في المشهد السياسي

تمثل خسارة كمال كليجدار أوغلو رئاسة حزب الشعب الجمهوري لصالح أوزغور أوزال – ممثل تيار التجديد في الحزب – نقطة تحول مهمة في السياق السياسي. هذا الأمر أعاد إلى الحياة فرصة التعاون بين الحزبين. خصوصًا أن أوزال مقرب من رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو. وكان يُرجى أن يكون مرشحًا توافقيًا للمعارضة في الانتخابات الرئاسية.

المفاوضات والقرار النهائي

بعد فوز أوزال برئاسة الشعب الجمهوري، قام بزيارة حزب “الجيد” وعرض رسميًا فكرة التعاون في الانتخابات المحلية المقبلة. وتركت رئيسة حزب “الجيد”، ميرال أكشينار، القرار النهائي للهيئة الإدارية لحزبها، رغم الموقف السابق برفض التعاون.

وبالرغم من هذا العرض، جاءت نتيجة التصويت في الهيئة لصالح عدم التعاون. حيث وافق على التعاون 14 عضوًا فقط، مقابل معارضة 35 عضوًا.

أهداف حزب “الجيد”

السبب المعلن لقرار حزب “الجيد” هو رغبته في تعزيز هُويته وتفرده لدى الشارع التركي والناخبين من خلال خوض الانتخابات بشكل فردي. يرى الحزب أن التحالفات السابقة، وخصوصًا مع حزب الشعب الجمهوري. أثرت سلبًا على هُويته المستقلة وسياساته الفردية.

بالتالي، يعتبر حزب “الجيد” خوضه الانتخابات المحلية المقبلة بمرشحيه الخاصين فرصة لتعزيز حضوره في الساحة السياسية، بغض النظر عن فرصه في الفوز برئاسة البلديات. يعتبر هذا القرار محطة ووسيلة لتعزيز فرصه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة في عام 2028.

ولا يمكن تجاهل العوامل الأخرى التي أثرت في قرار الحزب. بما في ذلك الخلافات الكبيرة والعلنية مع حزب الشعب الجمهوري وخاصةً كمال كليجدار أوغلو. هذا القرار ليس فقط رداً على الخلافات. وإنما أيضاً رداً وانتقاماً من الهجمات التي تعرض لها الحزب ورئيسته في الوقت السابق من قبل قيادات وكوادر حزب الشعب الجمهوري.

تداعيات قرار حزب “الجيد” بالمشاركة الفردية في الانتخابات المحلية

بناءً على القرار الجريء الذي اتخذته قيادة حزب “الجيد” بالمشاركة الفردية في الانتخابات المحلية المقبلة في جميع المحافظات الـ 81، تبقى هذه الخطوة قرارًا صعب العودة عنه في المستقبل. حتى وإن كانت السياسة تعرف أنها لا تعرف المستحيلات.

هذا القرار يعني بالضرورة أن حزب الشعب الجمهوري سيفقد دعم حزب “الجيد” في محافظات وسط الأناضول. حيث يتسم التيار القومي بقوته، وهذا يمكن أن يكون حاسمًا في بعض المدن الكبرى التي تشهد منافسة شديدة.

على الرغم من أن القاعدة الانتخابية لا تلتزم دائمًا بقرارات الحزب بشكل كامل. إلا أن تأثير القرار يمكن أن يكون كبيرًا نظرًا للتوجه القومي السائد في حزب “الجيد” وتشبثه بالهوية الذاتية في الفترة الأخيرة.

من الجدير بالذكر أن حزب “الجيد” ليس لديه القوة الانتخابية الكافية للفوز ببلديات مهمة. ولن يكون قادرًا على تحقيق أي انتصار في المدن الكبرى، وربما حتى في المحافظات الصغيرة.

لذا يمكن أن يكتفي بالمشاركة في بعض البلديات الفرعية داخل المدن. مما يجعل هذا القرار يبدو أقل تأثيرًا على الساحة الانتخابية. في الانتخابات السابقة عام 2019. فاز برئاسة 19 بلدية فرعية فقط في المحافظات، بالإضافة إلى ست بلدات.

بشكل عام، يمكن أن يكون الأثر الرئيس لقرار حزب “الجيد” في الانتخابات المحلية المقبلة ذات صلة بالمنافسة المحمومة بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الشعب الجمهوري المعارض. يعكس هذا القرار نمط الصراع السياسي في تركيا، حيث يبدو أن حزب “الجيد” يفضل ترسيخ هويته وموقفه الفردي بدلاً من المشاركة في تحالفات مع حزب الشعب الجمهوري.

تداعيات القرار: تأثير حزب “الجيد” على الانتخابات المحلية

القرار الذي اتخذته حزب “الجيد” بالمشاركة الفردية في الانتخابات المحلية سيكون له تأثير ملحوظ في ثلاثة سياقات رئيسية. في السياق الأول، سيؤدي إلى ترجيح كفة حزب “العدالة والتنمية” على حساب حزب الشعب الجمهوري في البلديات التي شهدت منافسة شديدة. ستصبح أصوات حزب “الجيد” المؤثرة في هذه البلديات. حيث دعموا مرشحي الشعب الجمهوري، وهذا سيعزز فرص العدالة والتنمية في الفوز بتلك البلديات. مثلًا جيدًا على ذلك هو بلدية مدينة أنطاليا.

في السياق الثاني، سيؤدي هذا القرار إلى ترجيح كفة حزب “العدالة والتنمية” على حزب الحركة القومية في بلديات وسط الأناضول التي يتنافس فيها الحزبان. من المتوقع أن يتم تكرار نموذج 2019، حيث يقدم الحزبان الدعم المتبادل في المحافظات التي تتيح للمعارضة فرصة كبيرة للفوز. بينما يتنافسان في البلديات التي لا تشهد تنافسًا كبيرًا من قبل المعارضة. هذا القرار يؤكد على استمرار التعاون بين الحزبين في هذا السياق.

في السياق الثالث، يجب أن نولي اهتمامًا خاصًا لبلديتي أنقرة وإسطنبول بسبب أهميتهما الرمزية. حيث خسر حزب “العدالة والتنمية” البلديتين في انتخابات عام 2019 لصالح حزب الشعب الجمهوري. الذي دعمته عدة أحزاب بما في ذلك “الجيد” و”السعادة” و”الديمقراطي” علانيًا. بالإضافة إلى حزب الشعوب الديمقراطي (الكردي) ضمنًا. هذه البلديتين ستكون محور انتباه الجميع نظرًا لأهميتهما السياسية والرمزية.

تأثير سحب دعم حزب “الجيد” على الانتخابات المحلية

مع سحب حزب “الجيد” لدعمه من الانتخابات المحلية، يمكن أن نتوقع تأثيرًا ملموسًا على الساحة السياسية في تركيا. هناك ثلاثة سياقات رئيسية يتعلقون بهذا القرار.

في السياق الأول، يمكن أن يعزز هذا القرار فرص الحزب الحاكم في استعادة البلديتين التي فقدهما في الانتخابات السابقة. الفارق بين المتنافسين في هاتين البلديتين لم يكن واسعًا. وبالتالي فإن سحب دعم حزب “الجيد” يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في تحقيق الفوز لصالح الحزب الحاكم.

في السياق الثاني، يتعين علينا أن نميز بين المدينتين المعنيتين بالانتخابات. يُظهر منصور يافاش فرصًا جيدة للاحتفاظ برئاسة بلدية أنقرة الكبرى، نظرًا لأدائه الجيد في الفترة السابقة وقاعدته الوطنية القوية. من ناحية أخرى، تبدو مهمة رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، أصعب وأكثر تعقيدًا. هذا القرار قد يؤثر على أصوات حزب “الجيد”، وأحزاب المحافظة الصغيرة التي سُحب دعمها للشعب الجمهوري. مما يُخمد فرصه في الفوز.

أخيرًا، يجب أن نؤكد على دور حزب اليسار الأخضر-الشعوب الديمقراطي في مدينة إسطنبول. ومع ذلك، يبدو أن استمرار حزب “الجيد” في تقديم مرشحه الخاص يعني أن مهمة الشعب الجمهوري في الاحتفاظ ببلديتي أنقرة وإسطنبول ستكون صعبة للغاية. فرص الحزب الحاكم في استعادتهما أو الفوز ببلديات أخرى تبدو أعلى بكثير من السابق. وذلك بسبب الأوضاع الراهنة التي يصعب تغييرها بشكل كبير قبل موعد الانتخابات.

اقرأ كذلك : ماذا قدم السلطان عبد الحميد للقدس وفلسطين في مواجهة هرتزل؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات