مدونات

ما الذي يجري بالفعل في ولاية تكساس الأمريكية؟

معضلة الهجرة وارتداداتها السياسية والاجتماعية: من التحديات الحزبية إلى ظلال الانقسام التاريخي في الولايات المتحدة

تتفاقم أزمة الهجرة في تكساس، حيث أصبحت نقطة التوتر الحديثة في المجتمع الأمريكي. حتى الآن، لم تظهر محاولات جدية من الأطراف المتنازعة للتوصل إلى تسوية. صحيفة “إزفستيا” الروسية نقلت في تقرير بقلم أندريه كوزماك أن الأزمة تتجه نحو خطورة متزايدة. العنصر المثير للقلق هو حمل الأمريكيين للأسلحة، مما يجعل الأوضاع مفتوحة على كافة الاحتمالات.

في قلب الأزمة، يقف حاكم تكساس، غريغ أبوت، متحدياً قرار المحكمة العليا الأمريكية. القرار يأمر الولاية بالتخلي عن إدارة الحدود للسلطات الفدرالية. استناداً إلى أن هذه الصلاحيات تقع تحت ولاية الحكومة الفدرالية، لا الولايات المنفردة. أبوت، من جانبه، يعلن استعداده لحماية تكساس من ما يصفه بـ”الغزو” من المهاجرين غير الشرعيين، مستعيناً بالحرس الوطني للولاية.

تحدٍ غير مسبوق: تكساس في مواجهة الحكومة الفدرالية الأمريكية

الولايات المتحدة الأمريكية تشهد وضعاً غير مسبوق ومعقداً في ظل السجال بين ولاية تكساس والحكومة الفدرالية. يشير الكاتب إلى أن هذا التوتر الذي يتزامن مع عام الانتخابات يمثل مواجهة مباشرة وخطيرة بين السلطات الولائية والفدرالية.

رفض حاكم تكساس، غريغ أبوت، الامتثال لقرار المحكمة العليا. يبرر أبوت موقفه بتقصير البيت الأبيض في حماية الولايات كما ينص الدستور الأمريكي. يعتبر أبوت وصول 225 ألف مهاجر غير شرعي خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي بمثابة “غزو”، متهماً واشنطن بالفشل في التزام حاسم.

أوضح أبوت أن الحرس الوطني في تكساس، إلى جانب إدارة السلامة العامة ووكالات أخرى بالولاية. يعملون بموجب سلطات الولاية وقوانينها لتأمين حدود تكساس.

يشدد الكاتب على أن تكساس لم تعارض فقط سياسات إدارة الرئيس جو بايدن وامتنعت عن الامتثال لقرار المحكمة العليا بإزالة الحواجز، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك. قام الحرس الوطني في تكساس بتركيب خط ثان من الأسلاك الشائكة على طول الحدود. مما يعكس تصعيداً في التوترات والتحديات بين الولاية والحكومة الفدرالية.

تحالف الولايات الجمهورية في دعم قضية تكساس

تبرز تكساس كنقطة محورية في قضية الهجرة، وقد نالت سريعًا دعمًا من الولايات الجمهورية الأخرى. حاكم فلوريدا. على سبيل المثال، أرسل وحدات من الحرس الوطني لمساندة سكان تكساس. كما تعاونت شرطة أوكلاهوما مع قوات تكساس في مداهمة استمرت خمسة أيام. نتج عنها مقتل 94 شخصًا بتهم تتعلق بقوانين الهجرة.

أيضًا، لقيت تصرفات حاكم تكساس، غريغ أبوت، دعمًا من عدد من أعضاء الكونغرس. الذين أكدوا على حق تكساس في حماية حدودها، خاصة في ظل ما يرونه تقاعسًا من الحكومة الفدرالية.

على الجانب الآخر، جاء رد فعل واشنطن صارمًا. جوناثان ماير، كبير محامي وزارة الأمن الداخلي. حذر في رسالة موجهة إلى المدعي العام لتكساس، كين باكستون، من تداعيات عدم الامتثال لمطالب الإدارة. ماير أوضح أنه في حالة التجاهل، قد تُحيل القضية إلى وزارة العدل وتُضاف “خيارات أخرى” للتعامل مع الوضع. منح البيت الأبيض تكساس مهلة 24 ساعة لاتخاذ قرار. إلا أن باكستون أعلن أن تكساس لن تلتزم بأي مواعيد نهائية مفروضة.

تفاعلات وجدل حول سلطة الحرس الوطني في تكساس

تبرز مسألة سيطرة الحرس الوطني في تكساس كنقطة جدلية في الخطاب السياسي الأمريكي. منسق الاتصالات الإستراتيجية بمجلس الأمن القومي. جون كيربي، أكد أن الرئيس الأمريكي يمتلك السلطة لوضع الحرس الوطني تحت تبعيته مباشرة. وهو مطلب لقي صدى بين بعض أعضاء الحزب الديمقراطي. هذا التحول يجعل الوضع القانوني للحرس الوطني ذا أهمية بالغة.

ديمتري سوسلوف، الخبير الروسي، أشار إلى أن النقاش حول استخدام الحرس الوطني قد يؤدي إلى أزمة دستورية. يرى سوسلوف أن الأحداث الجارية هي جزء من صراع انتخابي، ويتوقع تصاعد الجدل حول محاولة “فدرلة” الحرس الوطني.

مع تسارع الأحداث، برزت القضية كموضوع رئيسي على المستوى الوطني. الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وروبرت كينيدي الابن عبرا عن دعمهما لتصرفات حاكم تكساس. ترامب دعا إلى توحيد الصفوف وطالب حكام الولايات الجمهورية بإرسال المزيد من وحدات الحرس الوطني إلى الجنوب. إيلون ماسك، الذي يقيم في أوستن، عاصمة تكساس، علق على الوضع بقوة، معربًا عن رأيه بأن تكساس محقة في موقفها. متهمًا الإدارة الحالية بانتهاك القانون بتسهيل الهجرة غير الشرعية بشكل غير مسبوق.

الشقاق يتعمق: انقسام حاد حول سياسات الهجرة في الولايات المتحدة

تزايدت حدة الانقسام داخل الولايات المتحدة، حيث أيدت نصف الولايات، بمجموع 25 ولاية. موقف تكساس بخصوص قضية الهجرة غير الشرعية. هذا الانقسام يعكس جدلاً أكبر حول توزيع السلطة بين الحكومة الفدرالية والولايات المكونة للبلاد.

الكاتب يشير إلى تباين الآراء بين الحزبين الرئيسيين حول عدد المهاجرين غير الشرعيين في البلاد. بينما يقدر الديمقراطيون العدد بما بين 9 إلى 12 مليون نسمة، ترتفع تقديرات الجمهوريين إلى 22 مليوناً.

في صفوف الجمهوريين، تكتسب “نظرية الاستبدال الديموغرافي” زخماً. حيث يتهمون الديمقراطيين بفتح الحدود بشكل متعمد لجذب المهاجرين. بهدف تغيير ديموغرافية الناخبين، خاصة في الولايات التي تعرف بلونها الجمهوري “الأحمر”.

ينوه الكاتب إلى أنه، رغم عدم وجود دليل مباشر على هذه النظرية، هناك حقائق تدعم. بشكل غير مباشر، وجهة نظر الجمهوريين. يأخذنا الكاتب إلى عام 2019، في عهد ترامب. حيث كان معدل المواليد الشهري يتجاوز عدد المهاجرين الجدد بـ6.5 مرات. مما يضيف بعداً آخر للمناقشة حول الهجرة وتأثيراتها الديموغرافية.

تصاعد أزمة الهجرة وتأثيرها على السياسة الأمريكية

مع حلول مارس/آذار 2021، في عهد الرئيس جو بايدن، شهدت الولايات المتحدة تضاعفاً ملحوظاً في أعداد المهاجرين. بحلول يوليو/تموز 2023، وصل الأمر إلى ذروته حيث تجاوز عدد الأشخاص العابرين للحدود معدل المواليد الشهري. نتيجة لذلك، ربط الجمهوريون حل أي قضية تناقش في الكونغرس، سواء تعلق الأمر بالميزانية أو بدعم أوكرانيا. بضرورة معالجة مشكلة الهجرة.

يؤكد الكاتب أن التحرك الأخير الذي قامت به تكساس لم يكن عفوياً أو غير متوقع. فعلى الرغم من أنه كان متوقعاً منذ مدة. إلا أنه تم تنفيذه في بداية العام الانتخابي. يُشار إلى أن أول “استيلاء” على جزء من الحدود الأمريكية-المكسيكية من قبل سلطات تكساس حدث في مايو/أيار من العام السابق، وتلاه انتقاد شديد من حكام 24 ولاية لسياسات الهجرة التي تنتهجها واشنطن. في ديسمبر/كانون الأول. بدأت تظهر في وسائل الإعلام الأمريكية تقارير تشير إلى أن الأوضاع على وشك الوصول إلى “نقطة الغليان”.

تظهر استطلاعات الرأي أن قضية الهجرة تحتل الصدارة في قائمة اهتمامات الناخبين الأمريكيين. متقدمة حتى على المشكلات الاقتصادية. تستخدم الأغلبية الجمهورية هذا الواقع كأداة ضغط فعالة ضد الإدارة الحالية. ما يزيد من حدة التوتر السياسي.

تحديات بايدن الداخلية وصدى الانقسام التاريخي

تشهد الساحة السياسية الأمريكية توترات متصاعدة، حيث يدفع الجمهوريون نحو إعادة تفعيل قوانين الهجرة من عهد ترامب. وهو موقف يصطدم مع رؤية الرئيس بايدن. يواجه بايدن أيضًا تحديات داخل حزبه. حيث يتعرض لانتقادات بسبب دعمه لإسرائيل. يتوقع التقرير أن يكون تراجع بايدن في مسألة الهجرة. إن حدث، ضربة موجعة له، قد تفوق في حدتها تداعيات خسارة الدعم في قضية أوكرانيا.

التقرير يلفت الانتباه إلى ظاهرة مثيرة للقلق. حيث تشير الدراسات إلى زيادة في عدد الأشخاص الذين يفكرون في مغادرة الولايات المتحدة. وهي ظاهرة لا تقتصر على تكساس وحدها، بل تمتد إلى ولايات أخرى مثل أوكلاهوما، أريزونا، ونيو مكسيكو.

يُرسم الكاتب أيضًا تشابهًا بين الانقسامات الراهنة وتلك التي أدت إلى الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865). مشيرًا إلى الخلافات العميقة في وجهات النظر الإيديولوجية، الاقتصادية، والسياسية بين الجمهوريين والديمقراطيين اليوم. وهو ما يعكس عمق الشرخ في المجتمع الأمريكي.

اقرأ كذلك: كيف تبدو فرص التوتر بين تكساس وواشنطن حول قضايا أمن الحدود؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات