ليبرمان يهدد مصر ويطالبها بترحيل سكان غزة إلى سيناء
"ليبرمان يطالب مصر بفتح معبر رفح وتوطين سكان غزة في سيناء كحل عملي للأزمة، بينما ترفض مصر التهجير وتؤكد على ضرورة إيجاد تسوية عادلة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون المساس بالحقوق الفلسطينية أو التغيير الديمغرافي للقطاع"

ليبرمان يطالب مصر بفتح معبر رفح وتوطين سكان غزة في سيناء. طالب أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، الحكومة المصرية بفتح معبر رفح بشكل كامل للسماح لسكان قطاع غزة بالعبور إلى مصر. مع دعوته إلى استيعاب أغلب سكان القطاع في سيناء، وتولي مصر مسؤولية السيطرة على القطاع. وفي تصريحاته، اعتبر ليبرمان أن هذا الحل سيكون الأكثر عملية وفعالية في التعامل مع مشكلة غزة. من دون الحاجة إلى الهجرة الكبيرة للملايين من سكان القطاع عبر مسافات طويلة. وهو ما يتناقض مع المقترحات التي قدمها الرئيس الأميركي السابق. دونالد ترامب، حول نقل الفلسطينيين إلى دول مجاورة.
الطريق إلى حل “فعّال” و”عملي”
قال ليبرمان في تصريحاته إن سيناء المصرية تمثل “حلاً عملياً وفعّالاً” لمشكلة قطاع غزة. حيث يمكن أن تستوعب أغلبية سكان القطاع دون الحاجة إلى التنقل لمسافات طويلة أو الاستقرار في مناطق بعيدة. وقال أيضاً: “الادعاء بأن الهجرة الطوعية من غزة غير مقبولة أخلاقياً وسياسياً هو مجرد خداع”. كما أضاف أن هذا الموقف من قبل المعارضين هو “منافق”. محملاً إياهم مسؤولية الجمود في حل الصراع. وبهذا التصريح، جاء ليبرمان ليبرز موقفه الذي يدعم تكثيف الضغط على مصر للقبول بخطة التوطين في سيناء.
التداعيات السياسية للمساعدات الأميركية لمصر
في إطار آخر من تصريحاته، ألمح ليبرمان إلى المساعدات الأميركية لمصر التي تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على النظام المصري، محذراً من أن بقاء هذا النظام قد يكون مشكوكاً فيه في حال توقف هذه المساعدات. وأوضح قائلاً: “مصر تلجأ إلينا عندما تواجه انتقادات ودعوات من الكونغرس الأميركي لتقليص المساعدات بسبب قضايا حقوق الإنسان”. ويعود ذلك إلى الدور الاستراتيجي لمصر في المنطقة. وخصوصاً في ما يتعلق بمحاربة التنظيمات المتطرفة في سيناء. وأضاف ليبرمان أن إسرائيل كانت قد ساعدت مصر في السابق في التغلب على التهديدات الأمنية الكبيرة التي شكلتها الجماعات الإرهابية في سيناء.
هذا التصريح يعكس النظرة الإسرائيلية للعلاقات بين البلدين. حيث يؤكد ليبرمان على أهمية العلاقة الثنائية بين مصر وإسرائيل، مستدلاً على ذلك بالدور الذي لعبته إسرائيل في تعزيز الأمن المصري. ومع ذلك، شدد على ضرورة أن تكون هذه العلاقة متبادلة، حيث يجب على مصر أن تلعب دوراً أكبر في حل أزمة غزة.
الموقف الأميركي وترويج خطة ترامب
منذ يناير/كانون الثاني 2025، بدأ الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في الترويج لمخطط يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن. ومع ذلك، لاقى هذا المقترح رفضاً من مصر، حيث أكد المسؤولون المصريون مراراً رفضهم أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة. وقد انضمت إلى مصر في هذا الرفض دول عربية أخرى، فضلاً عن منظمات إقليمية ودولية. ولم يقتصر الرفض على تلك الجهات، بل أبدت السلطة الفلسطينية نفسها معارضتها الشديدة لهذا الحل. باعتباره يمثل تهديداً لقضية فلسطين وحقوق الفلسطينيين.
وعلى الرغم من رفض هذه الخطط، أشار ترامب في تصريحات سابقة إلى أنه لن يفرض خطته بشأن مستقبل غزة، بل سيعرضها كتوصية فقط، مع التأكيد على أنه لم يتخذ بعد موقفاً بشأن خطة القاهرة التي تدعو إلى إعادة إعمار غزة من دون تهجير الفلسطينيين. وبذلك. بدا ترامب وكأنه يضع الكرة في ملعب الدول المعنية ليقرروا كيف يمكن معالجة الوضع في غزة.
مصر ترفض مقترحات إدارة غزة
في نفس الوقت، كانت مصر قد أكدت رفضها أي أفكار تتعلق بتوليها إدارة قطاع غزة. فقد أثير هذا الموضوع مؤخراً عندما اقترح زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد أن تتولى مصر إدارة القطاع لمدة 15 عاماً في إطار خطة “اليوم التالي” للحرب. وردت مصر على هذه الاقتراحات عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية. تميم خلاف، الذي أكد أن مصر ترفض تماماً هذه الأفكار.
وقال خلاف: “أي أطروحات أو مقترحات تلتف حول الموقف المصري والعربي الثابت، والتي تتعلق بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، هي أفكار مرفوضة وغير مقبولة”. وأضاف أن هذه الأطروحات تمثل “أنصاف حلول” قد تؤدي إلى تجدد الصراع بدلاً من الوصول إلى تسوية دائمة. وشدد على أن “الارتباط العضوي بين قطاع غزة والضفة الغربية. بما فيها القدس الشرقية، لا يمكن تجاهله”، معتبراً أن هذه الأراضي هي جزء من الدولة الفلسطينية المستقلة التي يجب أن تتمتع بالسيادة الكاملة.
الرؤية المصرية: التسوية المستدامة
على الرغم من الضغوط التي تتعرض لها، تواصل مصر العمل على طرح خطة عربية شاملة لإعادة إعمار غزة، بعيداً عن فكرة التهجير أو تغيير التركيبة السكانية للقطاع. وبذلك. تسعى مصر إلى الحفاظ على الوضع الحالي في غزة، مستندة إلى موقفها الثابت في دعم الحقوق الفلسطينية. وفي هذا الإطار. تعمل مصر بالتنسيق مع الدول العربية الأخرى والمنظمات الإقليمية والدولية من أجل إيجاد حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ومع ذلك، يظل الموقف المصري قائماً على رفض أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية من خلال التوطين أو التهجير، مشددة على أن الحل يكمن في العودة إلى المفاوضات الجادة بين الأطراف المعنية. وتؤكد مصر أن أي حل لا يتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية لن يكون حلاً مستداماً.
المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
من جهة أخرى، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة في 25 فبراير 2025. من دون أن تبدأ المفاوضات للمرحلة الثانية، التي كان من المقرر أن تبدأ في الثالث من فبراير 2025، وفقاً للاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير 2025. وقد أثار هذا التأخير في بدء المفاوضات العديد من التساؤلات حول التقدم في تنفيذ الاتفاقات والتوصل إلى حلول نهائية لأزمة غزة.
وعلى الرغم من توقيع الاتفاق. لا تزال التحديات قائمة في ما يتعلق بمستقبل القطاع، بما في ذلك المصير السياسي لسكان غزة، وهو ما يجعل الوضع أكثر تعقيداً على الأرض. ومع تزايد الضغوط الدولية والعربية. يبقى من غير الواضح كيف ستتطور المفاوضات وما إذا كان سيتم التوصل إلى تسوية دائمة أم أن الوضع سيظل عالقاً في حالة من الجمود.
بين المواقف المتباينة والفرص الضائعة
من الواضح أن أزمة قطاع غزة تشهد انقساماً في المواقف بين الأطراف المعنية. سواء كان ذلك على المستوى المحلي الفلسطيني أو الإقليمي أو الدولي. في حين تبدي مصر موقفاً حازماً في رفض أي حلول تؤدي إلى تغيير الواقع السياسي والسكاني للقطاع. يسعى ليبرمان إلى الضغط على مصر لتحقيق رؤيته في إيجاد حل دائم. وفي الوقت نفسه، تبقى خطة ترامب ومقترحات التوطين في سيناء محل جدل كبير. مع تأكيد مصر على موقفها الثابت بأن الحل يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
في الختام، تبقى الأزمة الفلسطينية معقدة. ولا يزال الطريق أمام الوصول إلى حل عادل ودائم طويلاً ومليئاً بالتحديات. ولكن في الوقت نفسه، تظل الفرصة قائمة لإيجاد حلول قائمة على الحوار والتفاوض. بعيداً عن فرض الحلول الجاهزة التي لا تأخذ في اعتبارها تطلعات الشعب الفلسطيني وآماله في العيش بسلام وكرامة.
اقرأ كذلك :حماس ترفض اقتراح ويتكوف بشأن هدنة رمضان