أسلوب حياة

كيفية حماية صحتك النفسية من تأثير الأخبار السيئة

استراتيجيات فعّالة لحماية صحتك النفسية من تأثير الأخبار السيئة: كيف يمكنك التحكم في تدفق المعلومات السلبية وتقليل تأثيرها على حياتك اليومية

كيفية حماية صحتك النفسية من تأثير الأخبار السيئة في عصرنا الحديث، أصبحت الأخبار تتدفق بشكل مستمر عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مما يجعل من الصعب تجنب التعرض للأحداث السياسية المروعة والصور المزعجة التي تتعلق بالحروب والكوارث. هذه الأخبار غالبًا ما تؤثر على الحالة النفسية للأفراد وتخلق لهم تحديات صحية وعاطفية غير مسبوقة. إن التعرض المستمر لهذا النوع من المحتوى يمكن أن يؤدي إلى حالة من القلق الدائم والاكتئاب، وهذا ما يتطلب من كل شخص أن يتعلم كيف يحد من تأثير الأخبار السيئة على صحته النفسية.

 كيف تؤثر الأخبار السيئة على صحتك النفسية؟

لا شك أن الأخبار السلبية والمحتوى المؤلم يؤثر بشكل مباشر على الحالة النفسية للإنسان. يتأثر العديد من الأشخاص بما يشاهدونه من صور لحروب وصراعات، أو ما يسمعونه عن الأزمات الاقتصادية والطبيعية. وفي كثير من الحالات، قد يتسبب التعرض لهذه الأخبار في تقليل مستوى التفاؤل والرضا عن الحياة، ما يؤدي إلى نتائج سلبية على الصحة النفسية.

في دراسة نشرت في عام 2021، تبين أن الأشخاص الذين يطّلعون على أخبار جائحة كورونا لفترة لا تزيد عن دقيقتين، يختبرون انخفاضًا كبيرًا في مشاعرهم الإيجابية، ويشعرون بتأثير سلبي فوري على صحتهم النفسية. وهذا يظهر لنا مدى التأثير القوي للمحتوى الإخباري على المشاعر الداخلية.

 تأثير الأخبار السيئة على الدماغ والسلوك

من خلال العديد من الدراسات، ثبت أن الدماغ البشري يواجه صعوبة في التكيف مع تدفق الأخبار السلبية المستمر. وفقًا للخبراء النفسيين، فإن التعرض المتكرر للصور والمقاطع التي تحوي معلومات مؤلمة يمكن أن يحفز جهاز الإنذار في الدماغ، مما يؤدي إلى زيادة مشاعر القلق والتوتر. هذا التفاعل النفسي والبيولوجي يعكس جزءًا من آلية البقاء في الإنسان، حيث يكون الدماغ مهيأ للتركيز على التهديدات المحتملة للحفاظ على السلامة.

ومع ذلك، عندما يصبح الشخص غارقًا في الأخبار السيئة بشكل مستمر، فإن هذا يؤدي إلى زيادة في مستويات القلق والاكتئاب. فحتى لو كانت الأخبار لا ترتبط مباشرة بحياة الشخص، فإن الدماغ يعتبرها تهديدًا ويستجيب لها بنفس الطريقة التي يستجيب بها لأي خطر حقيقي. هذه الاستجابة تؤدي إلى زيادة في مستويات التوتر النفسي وتؤثر بشكل سلبي على جودة الحياة اليومية.

 تطور جذور الاهتمام بالأخبار السيئة

من جانب آخر، يشير علماء النفس إلى أن هناك دافعًا تطوريًا وراء الاهتمام الزائد بالأخبار السيئة. تقول نورا فالتر، أستاذة علم النفس في جامعة “إف أو إم” للعلوم التطبيقية للاقتصاد والإدارة، إن البشر مبرمجون على الانجذاب نحو الأخبار التي تحمل تهديدًا أو خطرًا محتملاً. هذا يعود إلى أن البشر في العصور القديمة كانوا بحاجة لمعرفة التهديدات التي قد تصيبهم للبقاء على قيد الحياة.

وتقول فالتر: “نحن نميل إلى النقر على العناوين التي تحتوي على أخبار الكوارث أو الأزمات للبحث عن معلومات قد تساعدنا في تجنب المخاطر”. بينما يشير آخرون إلى أن الأخبار السيئة تثير شعورًا بالقلق والرغبة في المعرفة، مما يجعل الشخص أكثر استعدادًا لمعرفة ما يحدث في العالم من حوله.

ومع ذلك، حذرت فالتر من أن هذا الانجذاب المتزايد نحو الأخبار السلبية قد يكون له عواقب على الصحة النفسية. فإذا كان الشخص يحيط نفسه دائمًا بالأخبار السلبية، فإنه يعرض نفسه لخطر فقدان القدرة على التفكير بشكل إيجابي.

 الرغبة القهرية في متابعة الأخبار

العديد من الدراسات الحديثة أظهرت أن هناك صلة بين الرغبة القهرية في متابعة الأخبار والمشاكل الصحية النفسية. وُجد أن الأشخاص الذين يميلون إلى استهلاك الأخبار السلبية بشكل مستمر، وخاصة الأخبار المثيرة للقلق مثل الأخبار المتعلقة بالكوارث أو الأزمات، يعانون من صعوبة في التوقف عن التفكير في تلك الأحداث حتى بعد مرور وقت طويل عليها.

يشرح براين ماكلفلين، أستاذ في جامعة تكساس تيك، أن متابعة هذه الأخبار يمكن أن تسبب حالة دائمة من التأهب عند بعض الأشخاص. هذه الحالة تجعلهم يشعرون بأنهم بحاجة دائمة للمراقبة، مما يعزز من دوافعهم للاستمرار في متابعة الأخبار بشكل مفرط. وتؤدي هذه الحالة إلى مزيد من الانعزال عن الواقع، حيث يبدو العالم مكانًا مظلمًا وغير آمن.

 التصفح المهلك: كيف يؤثر ذلك على صحتك النفسية؟

عندما يتعرض الشخص بشكل مستمر للأخبار السلبية، فإن ذلك يسبب ما يعرف بـ “التصفح المهلك” أو “إدمان الأخبار السلبية”. هذا السلوك يتمثل في الرغبة القهرية في البحث المستمر عن المزيد من الأخبار السلبية.

على سبيل المثال، عند رؤية منشور يحتوي على صور مروعة من إحدى الحروب أو الأزمات الإنسانية، يشعر الشخص بدافع قوي للبحث عن مزيد من المقالات أو الصور التي قد تؤكد صحة ما رآه. هذه الدائرة من البحث المستمر عن المعلومات السلبية تؤدي إلى الشعور المستمر بالقلق والتوتر، وبالتالي تؤثر بشكل سلبي على الصحة النفسية.

لكن كيف يمكن أن يتعامل الإنسان مع هذه الدوامة من الأخبار السيئة ويحد من تأثيرها عليه؟ هناك العديد من الأساليب التي يمكن أن تساعد في تقليل هذا التأثير السلبي، وفيما يلي بعض النصائح المفيدة.

 حلول لحماية صحتك النفسية من الأخبار السيئة

1. الابتعاد عن مشاهدة الصور ومقاطع الفيديو الصادمة
أول خطوة في حماية صحتك النفسية هي الابتعاد عن مشاهدة الصور ومقاطع الفيديو المؤلمة. تنصح ناتالي كراه، العضو في الرابطة المهنية لعلماء النفس الألمان، بضرورة تجنب متابعة الصور والفيديوهات المزعجة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث إن هذه المحتويات تسبب ألمًا نفسيًا أكبر من المعلومات المكتوبة.

2. التواصل مع المقربين
من المهم أن يتواصل الشخص مع أفراد أسرته وأصدقائه بشكل منتظم. فالتحدث مع الآخرين يساعد في تخفيف العبء النفسي الناتج عن الأخبار السيئة. يتيح هذا التواصل للأفراد أن يشاركوا مشاعرهم، ويتعلموا كيفية التعامل مع الأخبار المزعجة بطريقة أفضل.

3. التساؤل حول دوافع المحتوى
يجب على الشخص أن يسأل نفسه دائمًا عن السبب وراء نشر الصور والمحتوى الذي يراه على الإنترنت. هل هذه المعلومات تم نشرها لمصلحة شخصية أو لخلق حالة من الفوضى؟ وإذا كان الشخص يشك في دوافع النشر، ينبغي له أن يتجنب مشاركة هذه المحتويات.

4. تحديد وقت محدد للاطلاع على الأخبار
أحد الحلول التي تساعد على الحد من تأثير الأخبار السيئة هو تحديد وقت معين يوميًا للاطلاع على الأخبار. يساعد تحديد وقت معين على تقليل التفاعل المستمر مع الأخبار السلبية.

 كيف تتعامل مع مواقف الاختلافات في الرأي؟

في بعض الأحيان، نواجه مواقف في حياتنا الشخصية والعملية قد تكون عنيدة بسبب الاختلافات في الآراء السياسية أو الاجتماعية. مثلًا، في أثناء جائحة كورونا، كان هناك تباين واضح في آراء الناس حول اللقاحات. في الوقت الحالي، يمكن أن يشهد الناس انقسامات بشأن الحرب في أوكرانيا أو الشرق الأوسط. كيف يمكن أن يتعامل الشخص مع هذه المواقف؟

تقترح ناتالي كراه عدة حلول للتعامل مع الاختلافات في الآراء داخل العائلة أو بين الأصدقاء:
1. التوجه نحو المواضيع الأقل انقسامًا: إذا كان الخلاف بشأن قضية سياسية أو اجتماعية كبيرًا، يمكن التوجه إلى مواضيع أخرى لا تثير الجدل.
2. الفحص النقدي للمواقف: عندما يتمكن الشخص من تحليل مواقفه الشخصية بموضوعية، فإنه قد يتمكن من التقارب مع الآخرين.

إن التعامل مع الأخبار السيئة يتطلب وعيًا شخصيًا وتحكمًا في طريقة استهلاك هذه المعلومات. يمكن للإنسان أن يحمي صحته النفسية من خلال الابتعاد عن المحتوى السلبي ومراقبة تأثيره على مشاعره وأفكاره. بتطبيق النصائح المذكورة أعلاه، يمكن للمرء أن يحد من تأثير الأخبار السلبية ويحافظ على صحة عقلية متوازنة.

اقرأ كذلك :“رؤية كيسنجر للقيادة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات