العالم

هل ترامب شخص صالح أم طالح في وجهة نظر إسرائيل؟

"التحديات والفرص التي يطرحها فوز ترامب على إسرائيل: بين التفاؤل بتعيينات إدارية تدعم الاستيطان ومخاوف من انعكاسات سياسات غير مستقرة على الأمن والمكانة الدولية"

ترامب: صالح أم طالح في نظر إسرائيل؟ ما إن ظهرت أنباء عن احتمال فوز دونالد ترامب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية الأميركية حتى اندفع قادة اليمين الإسرائيلي لتهنئة أنفسهم، معتبرين أن هذا الفوز يمثل نصرا لهم. كان هذا الفوز في نظرهم بمثابة فرصة تاريخية، ستمكنهم من تنفيذ طموحاتهم، خاصة في ضوء التعيينات التي أعلن عنها ترامب في المناصب الرئيسية. بل رأى العديد داخل الكيان الإسرائيلي أن إدارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كانت من بين العوامل التي ساعدت على فوز ترامب وهزيمة المرشحة الديمقراطية. وفي هذا السياق، قال البعض إن نتنياهو أفشل جميع محاولات إدارة الرئيس جو بايدن وأدى إلى عرقلة أي إنجاز سياسي كان من شأنه تسهيل فوز ترامب، رغم كل ما قدمته إدارة بايدن من دعم لإسرائيل.

تعيينات ترامب وتأثيرها على السياسة الإسرائيلية

عندما بدأ ترامب في تشكيل إدارته الجديدة بعد فوزه في الانتخابات، وأعلن عن تعيين عدد من أبرز المؤيدين لإسرائيل في المناصب القيادية، كان قادة اليمين الإسرائيلي يترقبون النتائج بتفاؤل. كان الحديث يدور عن ضم الأراضي الفلسطينية وهزيمة إيران ومحور المقاومة. ومع تعيين شخصيات مثل ماركو روبيو وزيرا للخارجية ومايكل فالتز مستشارا للأمن القومي، بدأ المسؤولون في إسرائيل يعتقدون أن الفرصة قد حانت للحديث عن مهاجمة منشآت النفط والبرنامج النووي الإيراني. هذه التعيينات، التي اعتبرت تدعيمًا للمواقف المؤيدة لإسرائيل، جعلت المسؤولين الإسرائيليين يتحدثون بلهجة أكثر ثقة من أي وقت مضى.

لكن على الرغم من هذا التفاؤل في بعض الأوساط، كانت هناك أصوات أخرى في إسرائيل تعرب عن قلقها من تلك التعيينات. في الواقع، رأى هؤلاء أن إدارة ترامب قد لا تكون في صالح إسرائيل كما يعتقد البعض. فقد اعتبروا أن إسرائيل بحاجة إلى إدارة قادرة على حمايتها من مخاطرها الداخلية والخارجية على حد سواء. في افتتاحية لصحيفة “هآرتس” تحت عنوان: “يا سموتريتش، السفير الأميركي على يمينك”، تم التعبير عن القلق حيال التعيينات في إدارة ترامب. لقد أعربت الصحيفة عن أن التأييد لمشاريع الاستيطان وضم المناطق لا يصب في مصلحة إسرائيل، بل يهدد بتوسيع الدولة إلى حد قد يفقدها طابعها الديمقراطي. هذا القلق يعكس انقسامًا في الرؤى داخل إسرائيل بشأن مستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب.

السياسة الداخلية والخارجية لإسرائيل في ظل ترامب

في هذا السياق، أبرزت الصحيفة التصريحات المثيرة للجدل من قبل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي اعتبر فوز ترامب فرصة لتحقيق حلمه في ضم الأراضي الفلسطينية. وقال سموتريتش إن عام 2025 سيكون عام السيادة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). كما تم تسليط الضوء على تعيينات ترامب في المناصب الرئيسية، مثل مايكل بايتس مستشار الأمن القومي، والسيناتور ماركو روبيو وزيرا للخارجية، والنائبة أليس ستيفانيك سفيرة في الأمم المتحدة، وهؤلاء جميعهم شخصيات تتبنى مواقف مؤيدة للاستيطان في الأراضي الفلسطينية.

في المقابل، أثارت هذه التعيينات قلقا بين بعض المراقبين الإسرائيليين الذين رأوا أن إصرار الإدارة الأميركية على دعم الاستيطان وضم الأراضي سيؤدي إلى تأجيج الصراع في المنطقة. ومن بين هؤلاء كان هناك من أكد أن هذا الدعم الأميركي قد يعزز من سياسات اليمين المتطرف في إسرائيل، مما يهدد بتحويل إسرائيل إلى دولة لا تعترف بحقوق الفلسطينيين في أراضيهم، ويفتح الباب أمام مزيد من التصعيد في العلاقات مع الجيران.

وفي هذا السياق، كان هناك من يرى أن هذه التعيينات قد تثير قلقا على المستوى الدولي. ففي وقت يتزايد فيه الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية. قد تجد إسرائيل نفسها في موقف محرج أمام المجتمع الدولي بسبب سياساتها الاستيطانية. ووفقًا لهذه الرؤية، قد تكون سياسة ترامب في هذا المجال مؤقتة. لكن تبعاتها قد تكون طويلة الأمد. .

إدارة بايدن: مقارنة بالماضي

من جانب آخر. على الرغم من أن إدارة بايدن كانت تقدم دعما كبيرا لإسرائيل في صراعها ضد حماس. فإن علاقاتها مع حكومة نتنياهو كانت متوترة في بعض الأحيان. فإدارة بايدن كانت تسعى إلى تهدئة التوترات في الشرق الأوسط. والتوصل إلى تسوية سلمية مع الفلسطينيين. وهو ما يتناقض مع بعض سياسات حكومة نتنياهو التي تميل إلى الاستمرار في توسيع المستوطنات ورفض التوصل إلى حلول سياسية مع الفلسطينيين. ورغم أن بايدن قدم دعما سياسيا وعسكريا كبيرا لإسرائيل، فقد كانت هناك خلافات بشأن طرق التعامل مع النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي.

وبينما كانت إدارة بايدن توفر دعما غير مشروط لإسرائيل على الساحة الدولية، كانت الحكومة الإسرائيلية تشعر أحيانًا بوجود تباين في المواقف حول القضايا الرئيسية مثل عملية السلام والتسوية الإقليمية. وقد عبر الكاتب شلومو شامير عن هذه الحيرة في تحليل مفصل. حيث أشار إلى أن إدارة بايدن كانت تقدم دعما غير مشروط لإسرائيل. لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن كل السياسات كانت متوافقة مع توجهات الحكومة الإسرائيلية. خاصة فيما يتعلق بالمستوطنات والاحتلال.

الاختلاف بين تعيينات ترامب وبايدن

ورغم أن إدارة بايدن كانت تعد الأكثر تعاطفا مع إسرائيل في التاريخ الرئاسي الأميركي. فإن البعض يعتقد أن إدارة ترامب قد تكون أفضل في تقديم الدعم المادي والتعاون العسكري. وأشار الكاتب شامير إلى أنه لا يمكن مقارنة الإدارة الأميركية الحالية مع إدارة ترامب. إذ إن الأخيرة قد تعزز أكثر المواقف المؤيدة للاستيطان. بل وتهدد بإضفاء شرعية على بعض المشاريع الاستيطانية التي قد تجد إسرائيل نفسها في وقت لاحق مضطرة للتخلي عنها بسبب الضغوط الدولية.

ولكن بعض المراقبين. مثل يائير غولان وتشيك فرايلخ، أشاروا إلى أن عودة ترامب قد لا تكون في مصلحة إسرائيل، حتى بالنسبة لليمين الإسرائيلي. وفقًا لهما. فإن ترامب يمثل شخصية متقلبة وغير مستقرة، وهو ما قد يعرض إسرائيل للعديد من المخاطر السياسية على المدى الطويل. وقد اعتبر البعض أن السياسة التي يتبعها ترامب في الشرق الأوسط قد تكون غير متوقعة وتستند بشكل أكبر إلى مصالح شخصية أو انتقامية، مما يضع إسرائيل في موقف قد يكون أكثر هشاشة مما تتخيله.

الشكوك حول ولاء المسؤولين في إدارة ترامب

ويستذكر بعض المراقبين تجارب ترامب في ولايته الأولى. حيث استقال أو أقيل 19 من كبار المسؤولين بسبب الخلافات مع ترامب. وقد أشار البعض إلى أن ترامب شخصية نرجسية وغير مستقرة، مما يثير القلق من أن تدخلاته قد تؤدي إلى زعزعة استقرار العلاقات داخل إدارته وبين إسرائيل والولايات المتحدة. ومن الأمثلة على ذلك استقالة سفيرة أميركا في الأمم المتحدة، نيكي هيلي. من منصبها بعد عامين. بسبب خلافاتها مع ترامب، مما يعكس بشكل جلي الطبيعة المضطربة للإدارة الأميركية في عهد ترامب.

التوقعات المستقبلية: بين التفاؤل والقلق

عموما، يرى العديد من المحللين أن التعيينات في إدارة ترامب قد لا تحقق دائما الفوائد التي يتوقعها البعض. فهم يعتقدون أن معظم هذه التعيينات تتم بناء على الولاء الشخصي لترامب أكثر من الخبرة أو الكفاءة. مما يثير القلق بشأن قدرة هذه الإدارة على اتخاذ قرارات حكيمة ومستدامة. وتعتبر هذه القضايا أكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل في ظل الأوضاع الإقليمية المتقلبة.

وفي النهاية. يرى البعض أن فوز ترامب لن يكون بالضرورة في مصلحة إسرائيل. وأن التغيرات في السياسة الأميركية قد تؤدي إلى مزيد من العزلة لإسرائيل على الساحة الدولية، مما يضعها في وضع صعب على المدى البعيد.

إذًا، كما يؤكد العديد من المراقبين. فإن ترامب يمثل عنصرًا غير قابل للتوقع في السياسة الدولية. وقد تترتب على عودته إلى البيت الأبيض نتائج يصعب التنبؤ بها. مما يجعل المستوطنين واليمين في إسرائيل أمام خيارات معقدة قد تؤثر في مستقبل البلاد.

اقرأ كذلك :تفاؤل المعارضة السورية بفوز ترامب: ما هي الأسباب؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات