مدونات

لماذا احتفل الشعب البنغالي بسقوط الشيخة حسينة؟

في الخامس من أغسطس/آب الجاري، انتشرت مقاطع وصور كثيرة حول احتفالات البنغال بسقوط الشيخة حسينة. خرجت جماهير الشعب إلى الشوارع تعبيرًا عن فرحتها الكبيرة بهروب حسينة وسقوط حكومتها. تُظهر المقاطع كيف دخل الناس إلى مقرها ومسكنها، وكيف أسقطوا تماثيل والدها، الشيخ مجيب الرحمن، ومزّقوا اللوحات في المباني الحكومية. كما أظهرت كيف عبّر الناس عن غضبهم تجاه كل ما يتعلق بحسينة وحزبها وحكومتها. أحرق بعض الأفراد مكاتب حزبها (رابطة عوامي) في العاصمة وفي مختلف أنحاء البلاد. بالإضافة إلى ذلك، هاجم آخرون مساكن أعضاء البرلمان وأحرقوها، وكذلك أحرقوا محطات الشرطة التي كانت من أبرز أدوات حكومة حسينة.

لكن يظل هناك سؤال كبير: أليس عدد كبير من الناس قد رحبوا بحسينة وحكومتها في عام 2009، عندما تولت السلطة في بنغلاديش؟ لماذا انقلبت مشاعر الناس بشكل كبير؟ وما سبب المبالغة في إظهار الفرح والسرور والاحتفال بسقوط رئيسة الوزراء السابقة؟ وكيف أصبح لحسينة فقط عدد قليل من المؤيدين، من أعضاء حزبها؟

لماذا احتفل الشعب البنغالي بسقوط الشيخة حسينة؟

هنا نبرز النقاط الأهم التي توضح الأسباب والعوامل التي نفرت الناس من الشيخة حسينة وحكومتها:

أولاً، وعدت الشيخة حسينه الشعب بمعاقبة المتورطين في جرائم الحرب عام 1971م. عند توليها السلطة، عقدت محكمة جنائية دولية وأصدرت أحكامًا بالإعدام والسجن المؤبد على المتهمين. ومع ذلك، كانت هذه الأحكام تفتقر إلى النزاهة والعدل، كما ظهرت تسريبات عن أحكام مسبقة. تم تنفيذ هذه الأحكام بشكل رئيسي على المعارضين لحسينة وحزبها، مما أدى إلى فقدان الثقة في القضاء. وعليه، نظمت مظاهرات ضخمة ضد حكومتها، لكن الحكومة ردت بوحشية، فاعتقلت المتظاهرين وأطلقت عليهم النار، ما أسفر عن العديد من القتلى.

ثانيًا، لم تقتصر مشاكل حكومة حسينه على القضاء، بل استخدمت “حرب الاستقلال” كأداة سياسية. قسم الشعب إلى مؤيدين ومعارضين لرؤية حرب الاستقلال، واستخدمت هذه الانقسامات لتبرير القمع. وصفت كل من يعارضها بأنه عدو للوطن وعميل لباكستان، وهددت بسحب الجنسية من هؤلاء الأشخاص.

ثالثًا، أثارت سياسة حسينة تجاه الغرب استياءً كبيرًا. إذ وقعت على اتفاقية “سيداو” واتبعت قرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك إدخال مواد تدعم “الشذوذ الجنسي والتحول الجنسي” في المقررات الدراسية الحكومية، مما أثار ردود فعل قوية من الشعب.

رابعًا، كانت حسينه مفرطة في تلبية رغبات الحكومة الهندية، مما أثر على مصالح بنغلاديش. تركزت مصالح الهند على حساب مصالح بنغلاديش في العقود الخارجية والتجارات الثنائية. حصلت حكومة حسينة على تأييد الهند دون أن تقدم شيئًا ملموسًا للبلاد، مما جعل بعض الهندوس يتحدثون عن احتمالية ضم بنغلاديش إلى الهند.

خامسًا، كانت سياسة حسينة معادية للإسلام والتعاليم الدينية. حذفت الكتابات المتعلقة بالإسلام من المقررات الدراسية، وألغت مادة “تعليم الإسلام”. كما عرقلت الأنشطة الدينية والدعوية واعتقلت العلماء والدعاة. استخدمت حكومة حسينه مسرحية “الإرهاب” لوصف المدارس الدينية والعلماء غير الموالين بأنها منبع الإرهاب.

سادسًا، كان حزب حسينة (رابطة عوامي) ملتزمًا بالعلمانية، مما ساعدها على تنفيذ سياساتها القمعية. اعتقلت الحكومة الزعماء السياسيين المعارضين، ولم تميز بين المجرمين والأبرياء. شملت الاعتقالات المدنيين الأبرياء والطلاب والأساتذة، مما عمّق الاستياء من حكمها.

سابعًا، عانى قطاع الحكومة من فساد واسع النطاق. كان الرشوة والمحسوبية سائدين في جميع المجالات. بلغ الفساد ذروته في المشاريع التعميرية، حيث كان أعضاء حزب حسينة يختلسون أموالاً ضخمة. تدهورت قيمة العملة البنغلاديشية وزادت الأسعار بشكل كبير، مما أثر على حياة الناس اليومية.

ثامنًا، دمرت حسينة النظام الديمقراطي في البلاد. كانت الانتخابات البرلمانية مزورة، حيث اعتقلت المعارضين ومنعت الأنشطة الحزبية للأحزاب الأخرى. تكررت حالات التصويت المزور في الانتخابات، ما جعلها مجرد مسرحية سياسية.

هذه هي الأسباب الرئيسية التي دفعت الناس من مختلف الفئات—من الطلاب والمعلمين والعلماء والتجار والموظفين والجنود وطائفة من الشرطة وغيرهم—للاحتفال بسقوط الشيخة حسينة وهروبها من بنغلاديش، وسقوط حكومتها.

اقرأ أيضاً: ما هو معنى التوافق بين الحكومة والمعارضة في تركيا بشأن قضية اللاجئين السوريين؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات