مدونات

قرارات مفاجئة تهز المشهد السياسي الفلسطيني: عباس يعيد هيكلة السلطة ومنظمة التحرير

إجراءات غير مسبوقة وإصلاحات داخلية تعيد رسم خارطة القيادة الفلسطينية

في خطوة غير متوقعة، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال القمة العربية الطارئة في القاهرة عن سلسلة قرارات جذرية تهدف إلى إعادة ترتيب المشهد السياسي الفلسطيني. شملت هذه القرارات استحداث منصب نائب لرئيس منظمة التحرير ودولة فلسطين، إلى جانب إصدار عفو عام عن المفصولين من حركة فتح. كما أكد عباس عزمه على إعادة هيكلة الأطر القيادية في السلطة ومنظمة التحرير، وضخ دماء جديدة في الحركة والأجهزة الحكومية.

تطرح هذه الخطوات تساؤلات عدة حول توقيتها ودوافعها، ومدى ارتباطها بالتحولات السياسية الجارية، سواء فيما يتعلق بالحرب على غزة أو بالتحضيرات لمرحلة ما بعد عباس.


من هم المفصولون من حركة فتح؟ وكيف أثرت خلافاتهم على القرارات الأخيرة؟

شهدت حركة فتح خلال السنوات الماضية انقسامات حادة، كان أبرزها الخلاف بين عباس ومحمد دحلان، الذي تفاقم بعد أحداث عام 2006 التي أدت إلى سيطرة حركة حماس على قطاع غزة. اتُّهِم دحلان بالسعي لتعزيز نفوذه داخل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، ما دفع عباس إلى فصله نهائيًا عام 2011.

لاحقًا، شملت قرارات الفصل أسماء بارزة مثل ناصر القدوة، الذي شكل قائمة انتخابية منفصلة عام 2021، ما دفع عباس إلى طرده من الحركة. كما تصاعد الخلاف مع مروان البرغوثي، الأسير لدى الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن دعمت زوجته قائمة انتخابية منافسة لحركة فتح.

هذه الانقسامات الداخلية دفعت عباس إلى اتخاذ قرار العفو العام في محاولة لرأب الصدع داخل الحركة، استعدادًا لما هو قادم في المشهد السياسي الفلسطيني.


عباس تحت ضغط داخلي وخارجي: ما العوامل التي أجبرته على اتخاذ هذه القرارات؟

ضغوط داخلية: انقسامات فتح وضعف الشرعية الشعبية

شهدت حركة فتح تراجعًا كبيرًا في شعبيتها، في ظل المطالب المتزايدة بإصلاحها وإعادة هيكلتها. كما أن ضعف شعبية الرئيس عباس زاد من حدة المطالبات بتغيير القيادة وضخ وجوه جديدة في السلطة.

ضغوط عربية: موقف مصر والإمارات من دحلان والوحدة الفتحاوية

لعبت مصر والإمارات دورًا بارزًا في محاولات المصالحة بين عباس ودحلان، لكن عباس رفض لسنوات إعادة دحلان إلى فتح. هذا الموقف أثّر على علاقة السلطة الفلسطينية مع الدولتين، خاصة مع رؤية هذه الدول أن توحيد حركة فتح أصبح ضرورة سياسية لمواكبة المتغيرات الإقليمية.

ضغوط دولية: المطالب الأميركية والأوروبية بإصلاحات في السلطة

تضغط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على عباس منذ سنوات لإجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية، بهدف تمكينها من حكم قطاع غزة مستقبلاً. وقد صرح وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن في مطلع 2024 بضرورة تنفيذ إصلاحات جوهرية لضمان استمرار الدعم الدولي للسلطة.


عودة دحلان والقدوة والبرغوثي: هل يعيد عباس رسم خارطة القيادة الفلسطينية؟

من المتوقع أن تفتح قرارات عباس الباب أمام عودة شخصيات فتحاوية بارزة إلى المشهد السياسي، مثل محمد دحلان وناصر القدوة، إلى جانب تعزيز دور مروان البرغوثي الذي يُتوقع الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل.

هذه التغيرات قد تعيد تشكيل خارطة النفوذ داخل السلطة ومنظمة التحرير، ما قد يؤدي إلى صراع داخلي بين الشخصيات القديمة والجديدة التي كانت تهيأت لتولي مناصب قيادية.

خلافة عباس: من سيقود السلطة الفلسطينية بعده؟

لماذا استحدث عباس منصب نائب الرئيس الآن؟

مع تقدّم عباس في العمر وغياب خليفة واضح، ازدادت المطالبات الداخلية والدولية بترتيب انتقال سلس للسلطة. وقد أصدرت المحكمة الدستورية عام 2018 قرارًا بحل المجلس التشريعي، ما دفع عباس لاحقًا إلى إصدار إعلان دستوري يمنح رئيس المجلس الوطني الفلسطيني صلاحيات رئاسة السلطة مؤقتًا عند شغور المنصب.

قرار تعيين نائب للرئيس يأتي في هذا السياق، خاصة بعد الإشارات الدولية بضرورة وجود قيادة فلسطينية جديدة قادرة على التعامل مع المتغيرات السياسية القادمة.


عباس ومصير غزة: هل تسعى السلطة للسيطرة على القطاع بعد الحرب؟

السلطة تقدم نفسها كبديل لحكم غزة

تشير التطورات الأخيرة إلى أن السلطة الفلسطينية تسعى لأن تكون البديل المحتمل لحكم قطاع غزة بعد الحرب، في ظل تراجع نفوذ حماس بفعل الضربات الإسرائيلية المتتالية.

عباس يحاول إقناع الدول العربية والولايات المتحدة بأنه الأقدر على إدارة غزة، خصوصًا بعد الانتقادات الواسعة التي وُجّهت للسلطة بشأن الفساد وسوء الإدارة.

هل يكرر عباس سيناريو استحداث منصب رئيس الوزراء كما فعل عرفات؟

القرارات الأخيرة تُذكّر بالضغوط الأميركية على الرئيس الراحل ياسر عرفات عام 2003، عندما أُجبر على استحداث منصب رئيس الوزراء، الذي شغله حينها محمود عباس نفسه، في خطوة أدت إلى تقليص صلاحيات عرفات.

اليوم، يبدو أن عباس وجد نفسه في موقف مشابه، حيث فرضت عليه التغيرات الدولية والعربية قرارات تعكس استجابة لهذه الضغوط، رغم محاولاته الحفاظ على نفوذه داخل السلطة.


كيف استقبلت الدول العربية قرارات عباس؟

غضب عربي من تهميش السلطة

أظهرت القمة العربية الأخيرة مدى استياء بعض القادة العرب من سياسات عباس، خاصة مع عدم دعوته لحضور القمة المصغرة في الرياض التي ناقشت القضية الفلسطينية.

هذه الرسالة دفعت عباس إلى اتخاذ قراراته المفاجئة، في محاولة لاستعادة ثقة الدول العربية والتأكيد على أن السلطة لا تزال لاعبًا أساسيًا في مستقبل فلسطين.

هل تدعم الدول العربية تحولات السلطة الفلسطينية؟

ترى بعض الدول العربية أن الإصلاحات داخل السلطة الفلسطينية ضرورية لمواكبة التطورات الإقليمية، خصوصًا في ظل الحديث عن إعادة ترتيب المشهد الفلسطيني بعد الحرب على غزة.


عباس والمشهد الفلسطيني: بين الضغوط والتغيرات السياسية

تكشف التطورات الأخيرة أن عباس يسابق الزمن لإعادة ترتيب السلطة الفلسطينية قبل أن تفرض الأحداث لاعبًا جديدًا على الساحة. قراراته جاءت كرد فعل على التحديات الداخلية والخارجية التي باتت تهدد بقاءه السياسي.

لكن السؤال الذي يبقى مطروحًا: هل ستكون هذه الإصلاحات كافية لإنقاذ فتح والسلطة الفلسطينية؟ أم أنها مجرد خطوة أخيرة في مرحلة انتقالية تسبق تحولًا جذريًا في القيادة الفلسطينية؟

اقرأ كذلك:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات