إسرائيل تتواصل مع نظام الأسد عبر واتساب وتعرض عليه صفقة، بحسب يديعوت أحرونوت
تفاصيل الاتصالات السرية بين إسرائيل ونظام الأسد عبر واتساب: صفقة محتملة لوقف نقل الأسلحة إلى لبنان مقابل رفع العقوبات الدولية

إسرائيل تتواصل مع نظام الأسد عبر واتساب وتعرض عليه صفقة، بحسب يديعوت أحرونوت. كشف تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” في الأيام الماضية عن مفاجآت مثيرة تتعلق بالعلاقات السرية بين إسرائيل ونظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. وفقًا للتقرير. أُجريت اتصالات بين إسرائيل ونظام الأسد خلال السنوات الأخيرة عبر تطبيق واتساب. هذا الاتصال لم يكن مجرد تبادل للرسائل، بل كان يهدف إلى فتح قنوات دبلوماسية سرية، مع عرض صفقة وصفها التقرير بأنها كانت تهدف إلى وقف تدفق الأسلحة إلى لبنان مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري.
هذه التفاصيل تثير العديد من التساؤلات حول طبيعة هذه الاتصالات السرية. وأسبابها، والنتائج المحتملة لها على مجريات الأحداث في المنطقة. في هذا المقال، سنستعرض مختلف جوانب التقرير. وكذلك نناقش السياق التاريخي لهذه العلاقات وتأثيرها على الوضع السوري والإقليمي.
1. خلفية العلاقات الإسرائيلية السورية
العلاقات بين إسرائيل وسوريا شهدت فترات من التوتر والتقارب على مدار العقود الماضية. في البداية، كانت العلاقة بين البلدين معادية تمامًا، حيث شهدت المنطقة صراعات دموية ومعارك عدة، أبرزها حرب 1948 وحرب 1967 وحرب 1973. لكن مع بداية التسعينيات، بدأت تتبلور محاولات لفتح قنوات تواصل بين البلدين.
وفي منتصف التسعينيات، جرت مفاوضات سرية بين إسرائيل وسوريا تحت رعاية أمريكية في مسعى للتوصل إلى اتفاق سلام. لكن هذه المفاوضات انهارت في عام 2000، بعد فشل الطرفين في التوصل إلى تسوية بشأن الجولان السوري المحتل. ومنذ ذلك الحين، شهدت العلاقات بين البلدين تدهورًا مستمرًا، خاصة مع تصاعد الأزمة السورية في عام 2011.
2. تفاصيل الاتصال بين إسرائيل ونظام الأسد عبر واتساب
بحسب تقرير يديعوت أحرونوت، فإن إسرائيل لم تقتصر على محاولات للتواصل عبر القنوات الرسمية في الماضي، بل لجأت إلى طرق سرية ومتقدمة لتوطيد هذه الاتصالات. استخدم جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) شبكة من الرسائل المشفرة عبر تطبيق واتساب، وهو ما يعكس رغبة إسرائيل في الحفاظ على سرية هذه الاتصالات بعيدًا عن الأنظار.
رسائل عبر واتساب أُرسلت إلى أعلى المستويات في دمشق، وكان الهدف منها فتح حوار مباشر مع النظام السوري، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول نية إسرائيل في التواصل مع بشار الأسد بعد سنوات من العداء. من الواضح أن إسرائيل كانت تأمل في إيجاد قناة اتصال يمكن من خلالها التوصل إلى تفاهمات تضمن مصالحها الأمنية في المنطقة.
3. عرض الصفقة: وقف نقل الأسلحة إلى لبنان مقابل رفع العقوبات
أحد الجوانب المثيرة في التقرير كان الحديث عن “الصفقة السرية” التي كانت إسرائيل بصدد عرضها على نظام الأسد. وبحسب التقرير، كانت الصفقة تتضمن التزام الأسد بوقف نقل الأسلحة إلى حزب الله اللبناني. وفي المقابل، كانت إسرائيل مستعدة للتفاوض حول رفع العقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري.
هذه الصفقة تمثل جانبًا آخر من جوانب السياسة الإسرائيلية التي تهدف إلى تعزيز أمنها الإقليمي، خاصة في مواجهة تهديدات حزب الله وإيران في المنطقة. من المعروف أن إسرائيل تعتبر حزب الله في لبنان عدوًا رئيسيًا، وتعتبر أن نقل الأسلحة المتطورة إلى الحزب يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها. لكن في الوقت نفسه، كان من الواضح أن إسرائيل كانت مستعدة للتخفيف من ضغط العقوبات على النظام السوري في حال التزمت دمشق بشروطها.
4. لماذا استخدم الإسرائيليون واتساب؟
يُعد اختيار تطبيق واتساب وسيلة للاتصال بين إسرائيل والنظام السوري خطوة غير تقليدية في إطار الدبلوماسية الدولية. من المعروف أن تطبيق واتساب يتمتع بتشفير قوي للرسائل، ما يجعله وسيلة مثالية للتواصل السري. علاوة على ذلك، فإن استخدام هذا التطبيق يعكس رغبة إسرائيل في تقليل المسارات الرسمية والمحافظة على خصوصية اتصالاتها.
ويعتبر هذا النوع من الاتصالات خطوة غير مألوفة في السياسة الدولية، حيث يمكن أن يتسبب في الكثير من الإشكاليات إذا تم الكشف عن تفاصيله في وقت لاحق. لكن في حال كانت هذه الاتصالات قد أسفرت عن اتفاق فعلي، كان من الممكن أن تساهم في تغيير العديد من المعادلات في المنطقة.
5. تراجع الأسد عن اللقاء مع رئيس الموساد يوسي كوهين
أحد الأحداث الهامة التي تناولها التقرير هو التراجع المفاجئ للرئيس السوري بشار الأسد عن اللقاء المزمع عقده مع رئيس الموساد الإسرائيلي السابق يوسي كوهين في الكرملين بنهاية عام 2019. هذا اللقاء كان يمثل مرحلة جديدة في العلاقات بين إسرائيل والنظام السوري. لكن تراجع الأسد عن اللقاء يثير تساؤلات حول أسباب التراجع في اللحظات الأخيرة، خاصة في ظل وجود اتصالات سرية مسبقة.
تزامن هذا التراجع مع فترة حرجة في التاريخ السياسي لسوريا، حيث كانت البلاد تمر بمرحلة من عدم الاستقرار بسبب الحرب المستمرة. كما أن التراجع يمكن أن يكون ناتجًا عن ضغوط داخلية أو توازنات سياسية داخل النظام السوري، والتي كانت تفضل الابتعاد عن أي تقارب مع إسرائيل.
6. التوترات والرسائل عبر واتساب
كانت الرسائل الموجهة من الاستخبارات الإسرائيلية إلى وزير الدفاع السوري آنذاك علي عباس تحمل في طياتها تحذيرات ورسائل تتعلق بالغارات الإسرائيلية على أهداف قالت إسرائيل إنها “إيرانية أو لحزب الله في سوريا”. هذه الغارات كانت جزءًا من سياسة إسرائيلية طويلة الأمد لاحتواء نفوذ إيران في سوريا ومنع نقل الأسلحة إلى حزب الله.
هذا الأمر يسلط الضوء على استمرار التوتر بين البلدين، رغم محاولات إسرائيل للبحث عن قنوات اتصال غير رسمية. وهذه الغارات، التي استهدفت مواقع إيرانية في سوريا، كانت تؤكد على أن الوضع في سوريا كان لا يزال في حالة من التأزم، وهو ما يزيد من تعقيد محاولات إبرام أي اتفاق دبلوماسي.
7. التغيير في سوريا: سيطرة الفصائل السورية على دمشق
في 8 ديسمبر/كانون الأول، أعلنت الفصائل السورية عن سيطرتها على العاصمة دمشق، وهو ما شكل تحولًا مهمًا في مسار الحرب السورية. قبل ذلك بأيام، كانت هذه الفصائل قد تمكنت من السيطرة على مدن أخرى، لتُنهِي بذلك 61 عامًا من حكم نظام حزب البعث الدموي و53 عامًا من حكم عائلة الأسد.
هذا التغيير في الواقع السياسي في سوريا كان له تأثير كبير على المواقف الدولية. بما في ذلك المواقف الإسرائيلية. فقد أصبحت إسرائيل أمام واقع جديد. حيث كان عليها إعادة تقييم سياستها تجاه سوريا ومستقبل علاقاتها مع النظام السوري.
8. تشكيل الحكومة الجديدة في سوريا
في اليوم التالي لسيطرة الفصائل السورية على دمشق، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة. أحمد الشرع، تكليف محمد البشير برئاسة حكومة جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية في سوريا. هذا الإعلان كان خطوة جديدة نحو تشكيل حكومة تُمثل النظام الجديد في سوريا. ومع ذلك. يبقى من غير الواضح ما إذا كانت هذه الحكومة ستكون قادرة على بناء علاقات جديدة مع القوى الإقليمية والدولية. بما في ذلك إسرائيل.
تمثل الاتصالات السرية بين إسرائيل ونظام الأسد عبر واتساب فصلًا جديدًا في علاقات الشرق الأوسط المعقدة. رغم محاولات إسرائيل للتقارب مع النظام السوري. إلا أن التحديات السياسية والتاريخية تبقى عائقًا رئيسيًا أمام أي تقدم حقيقي في هذه العلاقات. سيظل التساؤل قائمًا حول إمكانية التوصل إلى صفقة أو اتفاق مع الأسد في المستقبل. خاصة في ظل التحولات الكبيرة التي تشهدها سوريا والمنطقة ككل.
اقرأ كذلك :رئيس الاستخبارات السورية: إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية قريباً