الصيام المتقطع والتمارين الرياضية: هل يجتمعان؟ يسعى عدد كبير من الأشخاص لإنقاص وزنهم من أجل الحفاظ على صحتهم والحصول على جسم مثالي.
ومن ثم ارتبط انتشار هذا الاهتمام بشعبية متزايدة لنمط الصيام المتقطع بين فئات متعددة في المجتمع.
في هذا النمط اختار كثيرون استبدال وجبة الإفطار بمساحيق البروتين أو فنجان قهوة عالية الجودة.
بينما اختار آخرون تخطي الوجبة تماماً والصيام حتى وقت الغداء في بعض الحالات.
وقد أفاد بعضهم بأن الصيام المتقطع حسّن من صفاء ذهنهم وزاد تركيزهم وساعدهم في السيطرة على وزنهم بفعالية أكبر.
وأكدت بعض الدراسات ذلك التأثير الإيجابي.
إلا أن مدى فعالية الصيام المتقطع يعتمد إلى حد كبير على نمط الحياة والوظائف الفسيولوجية ومستويات التوتر.
وعند إضافة التمارين الرياضية والإجهاد الشديد إلى هذا المزيج، قد تصبح الأمور أكثر تعقيداً بل خطورة في بعض الحالات.
في هذا السياق، قالت خبيرة اللياقة البدنية والباحثة في علوم التغذية، ستيسي سيمز، لصحيفة الإندبندنت البريطانية: «الصيام المتقطع مفيد، وينطبق هذا بشكل خاص على عامة الناس الذين لا يمارسون الكثير من النشاط ويعانون من أمراض التمثيل الغذائي».
كما استدركت: «لا نحصل على أي فوائد إضافية من الجمع بين الصيام المتقطع والتمارين الرياضية».
وأضافت: «إذا كنت تمارس الرياضة بالفعل، فلن يكون الصيام المتقطع مفيداً. وإذا كنت امرأة وتضيفين الرياضة إلى الصيام المتقطع، فقد يكون ذلك ضاراً بأدائك وصحتك».
ترهق التمارين عالية الكثافة الجسم، وإذا لم يتغذّ الجسم بما يكفي من السعرات الحرارية لتوفير الطاقة اللازمة للتمرين، فقد تؤثر ذلك على تنظيم الهرمونات وتعافي العضلات.
ما المقصود بصيام متقطع وممارسات التمارين؟
الصيام المتقطع هو نمط غذائي يحدد فترات صيام وفترات أكل ضمن يوم أو أسبوع.
أما التمارين الرياضية فهي أي نشاط بدني منظم هدفه تحسين اللياقة أو القوة أو التحمل أو الصحة بشكل عام.
وعند الجمع بينهما ينشأ السؤال: هل يجتمعان بشكل آمن وفعال؟
فوائد الصيام المتقطع وآثاره على الجسم
أظهرت مراجعة سردية أن الصيام المتقطع يحقق فوائد شبيهة بالفترة الطويلة من تقليل السعرات الحرارية، من حيث التحكم بوزن الجسم وتحسين استقلاب الغلوكوز والدهون والالتهابات.
وبالإضافة إلى ذلك قد يعزز الصيام المتقطع من تحسين حساسية الإنسولين، وخسارة الدهون، وتحسين بعض مؤشرات الصحة القلبية.
لكن، وعلى الرغم من ذلك، ليس كل الأشخاص يستفيدون بنفس الطريقة.
فالعوامل المرتبطة تتضمن حالة البدن، الجنس، مستوى النشاط، نوع التمرين، مدة الصيام، وتوزيع السعرات خلال اليوم.
ماذا تقول الأبحاث عن الجمع بين الصيام والتمارين؟
تشير الأبحاث إلى أن الجمع بين الصيام المتقطع والتمارين قد يؤدي إلى خسارة دهون أكبر في بعض الحالات، مع إمكانية المحافظة على الكتلة العضلية أو تحسينها.
على سبيل المثال، دراسة حديثة أفادت بأن الجمع بين الصيام وتدريب عالي الكثافة «HIIT» قد أعطى نتائج أفضل في تكوين الجسم مقارنة بالتمرين وحده.
غير أن هذه الفائدة لا تعمم، خاصة حين يتعلق الأمر بقدرة الأداء الرياضي أو بناء العضلات أو الصحة الهرمونية.
فعلى سبيل المثال، مراجعة منهجية وجدت أنّ الصيام المتقطع لا يقلل من أداء الرياضيين، لكنه لا يُظهر تفوقاً واضحاً في الأداء أيضاً.
متى قد يكون الجمع آمناً ومتى قد يكون محفوفاً بالمخاطر؟
بشكل عام، يمكن ممارَسة التمارين أثناء الصيام المتقطع بأمان، مع مراعاة الوضع الفردي، الغذاء الكافي، التعافي الجيد.
لكن، الأمر يختلف حين يكون الشخص يمارس نشاطاً عالياً، أو كان امرأة، أو لديه نقص في السعرات أو البروتين أو اضطراب في الهرمونات.
في هذه الحالات قد ينجم عن الجمع بين الصيام والتمرين ضغط إضافي للجسم، مما يؤثر سلباً على التعافي، العضلات، الدورة الهرمونية، وبالتالي النتائج قد تكون عكس المتوقّع.
على سبيل المثال، نقص مخزون الغليكوجين أو السعرات داخل نافذة الصيام قد يجعل الجسم يلجأ إلى تحطيم بروتين العضلات بدلاً من حرق الدهون بكفاءة.
أيضاً بالنسبة للنساء، هناك بيانات تشير إلى أن الصيام المتقطع مع تمارين عالية قد يضع أسئلة حول نشاط هرمون الكيسبيبتين الذي يؤثر في الإنتاج الهرموني والإنجاب.
أنواع التمارين وتأثيرها خلال الصيام
ليست كل التمارين متساوية من حيث الأثر ضمن الصيام المتقطع.
فتمارين التحمل مثل الجري أو ركوب الدراجة قد تُنفّذ أثناء الصيام بنسب نجاح أعلى، لكن تمارين القوة أو بناء العضلات تحتاج طاقة وسعرات وبروتين كافية لتحقيق الأهداف.
على سبيل المثال، اختصاصية العلاج الطبيعي إدوينا جينر ذكرت: «يمكن ممارسة ساعة من تمارين البيلاتس أو اليوغا في حالة صيام، لكن وضعك يختلف إذا كنت تريد الحفاظ على العضلات أو اكتسابها».
لذا، الشخص الذي يمارس تمارين بناء العضلة الثقيلة قد يواجه تحديات أكبر إذا ضمن نمط صيام صارم بدون تغذية ملائمة.
كما أن التمارين العالية الضغط أثناء الصيام قد تزيد من هرمونات التوتر مثل الكورتيزول وتقلل من نشاط الغدة الدرقية، وهذا قد ينعكس على الدورة الشهرية أو يسبب تخزين دهون البطن بدل التخلص منها.
نصائح عملية لمن يجمع بين الصيام المتقطع والتمارين
أولاً، حدّد هدفك بدقة: هل تسعى لفقدان دهون، بناء عضلة، تحسين التحمل، أو مجرد الحفاظ على لياقة؟
ثانياً، اختر نافذة أكل مناسبة: غالباً صيام 14-16 ساعة ثم أكل خلال 8-10 ساعات يناسب معظم الناس، لكن ليس للجميع.
ثالثاً، تأكد من تغذيتك عند الأكل: أحرص على كمية كافية من البروتين، الكربوهيدرات، الدهون الصحية، والفيتامينات والمعادن أثناء نافذة الأكل.
رابعاً، راقب نوع التمرين: أثناء الصيام اختر تمارين معتدلة أو تمارين تحمل، وإذا كنت تبني عضلة فعليك تناول وجبة قبل التمرين أو تعديل الصيام وفقاً لذلك.
خامساً، لا تنسَ التعافي والنوم الجيد: فهما عاملان أساسيان لنجاح الجمع بين الصيام والتمارين.
سادساً، استمع إلى جسدك: إذا شعرت بتعب مفرط، فقدان القوة، ضعف الدورة الشهرية، أو نقص في الأداء، فقد يكون من الحكمة تعديل الصيام أو التمرين.
خلاصة واستنتاجات نهائية
في المجمل، يبدو أن الصيام المتقطع والتمارين الرياضية يمكن أن يُجتمعا بشكل آمن في ظروف مناسبة، مع فوائد محتملة بفقدان الدهون وتحسين تكوين الجسم.
لكن، لا يُمكن القول إن الجمع منهما مفيد دائماً أو للجميع بلا استثناء، خاصة لمن يمارس تدريباً عالي الكثافة أو لديه عوامل هرمونية أو تغذوية معقدة.
ولذا، فإن التقييم الفردي، التخطيط الذكي، التغذية الكافية، وراحة الجسم، تشكل عناصر حاسمة لنجاح هذا المزيج.
إذاً، رغم أن الجمع بين الصيام المتقطع والتمارين قد يكون خياراً جذاباً، لكنه يتطلب وعياً وتنظيماً ولن يكون بديلاً آلياً لكل شخص.
اقرأ كذلك: كيف تعتني بالندبات الحديثة؟ دليل شامل للعناية الفعّالة




