مَن هو الضابط الإسرائيلي هدار غولدن وما أهميته لـ كتائب القسام وإسرائيل؟
تفاصيل أسره وتأثير استعادته على التفاوض والميدان
منذ أكثر من عقد، ما زال اسم هدار غولدن يتردد في أروقة السياسة الإسرائيلية وأحاديث الإعلام والمفاوضات غير المعلنة بين حماس وإسرائيل. لم يكن مجرد جندي سقط في معركة، بل تحوّل إلى رمزٍ لقضية إنسانية وسياسية معقدة تُؤثر في ملفات التهدئة وتبادل الأسرى حتى اليوم.
خلفية عن هدار غولدن
وُلد هدار غولدن في عام 1991 في مدينة كفار سابا شمال تل أبيب، لعائلة يهودية متدينة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة. خدم في وحدة “غفعاتي” القتالية، وهي من أبرز وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي. ومع بداية حرب غزة عام 2014، المعروفة إسرائيليًا باسم “الجرف الصامد”، تم نشره مع وحدته في مناطق جنوب القطاع، تحديدًا في رفح.
في الأول من أغسطس 2014، وبعد إعلان هدنة إنسانية بين الطرفين، اندلعت اشتباكات مفاجئة شرق رفح، وأسفرت عن فقدان الاتصال بغولدن. وبعد ساعات قليلة، أعلنت إسرائيل أن الجندي اختُطف على يد مقاومين فلسطينيين، واتهمت حركة حماس بالمسؤولية الكاملة.
لغز فقدانه: ميت أم أسير؟
منذ اللحظة الأولى، بقيت قضية هدار غولدن غامضة. فبينما تؤكد عائلته أنه ربما ما زال حيًا لدى حماس، تصرّ الحكومة الإسرائيلية على أنه قُتل خلال المعركة، واستندت في ذلك إلى تحليل عينات الحمض النووي التي عُثر عليها في موقع الاشتباك.
لكن حركة حماس لم تؤكد أو تنفِ بشكل مباشر، مكتفية بتصريحات عامة مفادها أن “إسرائيل لن تحصل على جنودها إلا عبر صفقة تبادل مشرفة”. وهكذا، تحوّل غولدن من مجرد جندي مفقود إلى ورقة تفاوض حساسة في صراع معقد يمتد بين السياسة والإنسانية.
رمزية غولدن داخل إسرائيل
داخل إسرائيل، يُنظر إلى غولدن على أنه رمز وطني و”ابن الجميع”. تقود عائلته حملات مستمرة ضد الحكومة الإسرائيلية، متهمةً إياها بالتقصير في إعادته. والدته “ليا غولدن” أصبحت وجهًا إعلاميًا بارزًا، تتحدث في الكنيست والمحافل الدولية، مطالبة بعدم عقد أي هدنة أو تسهيلات لغزة دون عودة ابنها.
وفي كل مرة تُثار فيها مفاوضات حول تبادل الأسرى، يظهر اسم غولدن مجددًا، ليُعيد الجدل حول مدى استعداد إسرائيل لتقديم تنازلات مقابل استعادة جنودها المحتجزين أو المفقودين في غزة.
موقف حماس من ملف الأسرى
أما بالنسبة لحركة حماس، فإن ملف الأسرى يشكّل ورقة قوة استراتيجية. فالحركة ترى في احتفاظها بجنود إسرائيليين – سواء أحياء أو جثامين – وسيلة ضغط فعالة للإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وقد أكدت حماس مرارًا أن أي صفقة جديدة لن تتم إلا بشروط واضحة، على رأسها الإفراج عن الأسرى الذين أعيد اعتقالهم بعد صفقة شاليط عام 2011. هذا الشرط تحديدًا يجعل المفاوضات أكثر تعقيدًا، خاصة في ظل الانقسام الداخلي الإسرائيلي وتبدّل الحكومات.
هدار غولدن وصفقة شاليط الثانية
يرى محللون أن قضية هدار غولدن هي النسخة الجديدة من صفقة جلعاد شاليط، ولكن في ظروف أكثر تعقيدًا. فبينما كان شاليط أسيرًا حيًا ومؤكدًا، يبقى مصير غولدن غامضًا. ومع ذلك، تستثمر حماس هذا الغموض سياسيًا، وتُبقي الملف مفتوحًا كورقة ضغط على إسرائيل في كل مواجهة أو وساطة.
وفي المقابل، تخشى إسرائيل أن تؤدي أي تنازلات كبيرة إلى تشجيع المقاومة على تكرار عمليات الأسر، ما يجعل الحكومة تتعامل بحذر شديد مع أي وساطة مصرية أو قطرية أو أممية.
الأبعاد السياسية والإنسانية
القضية لا تقف عند حدود الحرب فقط، بل تمتد إلى الجوانب الإنسانية والنفسية. فوالدا غولدن يعيشان منذ أكثر من عشر سنوات بين الأمل واليأس، بينما تحاول الحكومة تهدئة الرأي العام الإسرائيلي عبر الوعود واللجان دون نتائج ملموسة.
من جهة أخرى، يستخدم الفلسطينيون القضية لتسليط الضوء على معاناة الأسرى الفلسطينيين الذين يعيشون ظروفًا صعبة داخل السجون الإسرائيلية، معتبرين أن المساواة في المعاناة هي السبيل لتحقيق العدالة في أي صفقة مقبلة.
الوساطات الدولية والمصرية
شهدت السنوات الماضية محاولات عديدة للوساطة بين حماس وإسرائيل، أبرزها عبر مصر وقطر والأمم المتحدة. وفي كل مرة، يعود اسم غولدن إلى الواجهة كأحد الملفات التي تُعرقل أي اتفاق لوقف إطلاق النار أو لتبادل الأسرى.
لكن رغم هذه الجهود، فشلت كل المحاولات حتى الآن في تحقيق اختراق حقيقي، إذ تصر حماس على شروطها، بينما ترفض إسرائيل ربط الملفات الأمنية بالإنسانية.
تختصر قضية هدار غولدن وجع الطرفين:
في إسرائيل، هو رمز الفقد والألم القومي.
وفي غزة، هو رمز المقاومة والورقة الرابحة في وجه الاحتلال.
ورغم مرور أكثر من عقد على اختفائه، لا تزال قضيته تتحكم في توازنات سياسية وإنسانية بين الطرفين، وتشكل مفتاحًا لأي تسوية أو تصعيد قادم في المنطقة.
اقرأ كذلك: إيران تبحث عن مقاتلات أكثر تطورًا استعدادًا للحرب المدمرة القادمة

