إيران تبحث عن مقاتلات أكثر تطورًا استعدادًا للحرب المدمرة القادمة
تحديث القوة الجوية الإيرانية بين روسيا والصين: أسباب، قدرات، وتداعيات إقليمية
إيران تسعى بوضوح لتقوية سلاحها الجوي. أسباب ذلك متعددة وواضحة. أولًا، الهزات الأمنية الأخيرة أظهرت ثغرات كبيرة. ثانيًا، التجربة الميدانية كشفت قصورًا في الدفاع الجوي. علاوة على ذلك، تسعى طهران لردع أي عدوان محتمل. وبالتالي، باتت الحاجة لتحديث الأسطول أمراً ملحًّا.
خلال الأشهر الماضية، رُصدت تحركات عسكرية وتقنية مهمة. منها وصول طائرات من طراز ميغ-29 إلى قاعدة شيراز. ومنها أيضًا تقارير عن تفاهمات للحصول على سو-35. بالإضافة إلى ذلك، تبرز إشارات حول سعي لإدخال مقاتلات J-10C. والأمر لا يقتصر على الطائرات. فإيران تضاعف استثماراتها في أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة. في السياق نفسه، لا يمكن تجاهل التكوين التاريخي لسلاح الجو الإيراني. الأسطول القديم يعتمد على طائرات تعود لمرحلة قبل 1979.
من أمثلة ذلك:
- إف-14 تومكات.
- إف-4 فانتوم II.
- إف-5 تايجر II.
ومع ذلك، حافظت إيران على هذه الطائرات عبر الهندسة العكسية. وبالنهاية، تواجه طهران فجوة نوعية واضحة مع خصوم إقليميين.
لماذا تسارع إيران الآن؟
الأسباب واقعية واستراتيجية.
أولًا، ضربات جوية أدت إلى تعطيل منصات دفاعية وإضرار بأسطول الطائرات.
ثانيًا، الهيمنة الجوية للعدو في جولات القتال الأخيرة أظهرت هشاشة.
بالإضافة إلى ذلك، تبني إيران استراتيجية الردع الصاروخي بوصفها أولوية. لكن التجربة الأخيرة بينت أن الردع الصاروخي وحده غير كافٍ. لذلك، إدراك الحاجة لقوة جوية متقدمة صار واضحًا للجميع. علاوة على ما سبق، هناك حسابات سياسية ودبلوماسية. فطهران تبحث عن شركاء قادرين على تزويدها بتقنيات معقدة. ومن هنا جاءت محاولات الاقتراب من موسكو وبكين. في المقابل، تواجه هذه المساعي ضغوطًا من الولايات المتحدة وإسرائيل. لذلك، فإن مسار التحديث يمر عبر عقبات سياسية وتقنية.
ما الذي تقدمه كل طائرة وما الذي يفتقده سلاح الجو الإيراني؟
ميغ-29
الميغ-29 طائرة جيل رابع. تتميز بمحركين وقابلية مناورات عالية. هذا يجعلها فعالة في المواجهات القريبة.
إضافة إلى ذلك، تسهل صيانتها في بيئات محدودة الموارد. مع ذلك، إلكترونيات الطيران قديمة نسبيًا.
وبالتالي، فالميغ-29 ترفع الكفاءة لكنها ليست حلًّا نهائيًا.
جى-10 سي (J-10C)
هذه مقاتلة صينية متعددة الأدوار. تتميز برادار مسح إلكتروني نشط طويل المدى. كما يمكنها حمل صواريخ جو-جو طويلة المدى. وهذا يمنحها قدرة قتال خارج مدى الرؤية. بالإضافة إلى ذلك، تصميمها يدعم تحليقات منخفضة السرعة ومناورة جيدة. مع ذلك، تواجه ج-10 قيودًا في التخفي مقارنة ببعض الطائرات الغربية.
سو-35
السو-35 تمثل قفزة نوعية إذا حصلت عليها إيران. إنها طائرة جيل رابع متقدم. تتميز بسرعات عالية ومناورات فائقة. كما تتضمن تقنيات تشويش إلكتروني متطورة. هذا يساعد في تقليل اكتشافها عبر الرادارات. مع ذلك، الوصول إلى سو-35 يواجه عقبات سياسية لوجستية.
هل تكفي الطائرات وحدها لتحقيق تفوق جوي؟
الإجابة المختصرة لا. ففعالية أي طائرة تعتمد على منظومة متكاملة. هذا يعني وجود شبكة رادارات إنذار مبكر متقدمة. كما يتطلب الأمر دفاعات أرضية متماسكة ومتعددة المستويات. وعلاوة على ذلك، لا بد من بنية تحتية لوجستية قوية. من ضمن ذلك، مراكز قيادة وسيطرة واتصالات آمنة. بالإضافة إلى طائرات استطلاع ومراقبة لدعم الوعي الميداني. كما أن تدريب الطيارين عامل أساسي. فالمقاتلات المتقدمة تحتاج طيارين مؤهلين. وهنا تأتي أهمية طائرات التدريب المتطورة. إيران حصلت على ياك-130 كطائرة تدريب عام 2023. وهذي خطوة مهمة لبناء قاعدة بشرية قادرة على تشغيل المقاتلات الحديثة.
تحديات لوجستية وتقنية وسياسية
أولًا، العقوبات تؤثر على صيانة وقطع غيار.
ثانيًا، التبعية لموردين خارجيين تبقي طهران في موقف هش.
ثالثًا، الضغوط الدولية يمكن أن تعرقل الصفقات العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، بناء منظومة متكاملة يكلف موارد مالية كبيرة. وهذا يعني أن تحديث الأسطول سيتطلب سنوات من الاستثمار. ومع ذلك، عملت إيران سابقًا على تطوير الصناعات المحلية. فنجحت في توطين بعض تقنيات الصواريخ والطائرات المسيرة. لكن تصنيع مقاتلة حديثة يتطلب تكنولوجيا أكثر تعقيدًا. لذلك، الاعتماد على الشركاء يظل خيارًا عمليًا في المدى القصير.
تأثير التحديث الإيراني على توازن القوى الإقليمي
أولاً، تقليص الفجوة الجوية يعطي طهران قدرة ردع أكبر.
ثانيًا، يضع توازن القوى في الشرق الأوسط تحت ضغط تغير متزايد.
ثالثًا، يمكن أن يدفع بعض الدول لتعزيز ترساناتها كذلك. علاوة على ذلك، يرفع احتمالات سباق تسلح جوي إقليمي. وفي المقابل، قد يزيد التوترات ويعقّد مسارات التفاوض الدبلوماسي. كما أن دخول تقنيات روسية وصينية إلى المنطقة يوسع نفوذ موسكو وبكين. وهذا يغير بنية التحالفات التقليدية. وبالتالي، فإن ما يحدث في الطائرات والمنصات الجوية ليس مجرد شراء عسكري. إنه تغيير استراتيجي في خيارات الدول وساحات النفوذ.
سيناريوهات محتملة للصراع المقبل
هناك عدة سيناريوهات منطقية.
أولها، تجدد المواجهات بصيغ مشابهة لما سبق.
ثانيها، تصاعد محدود تقوده ضربات متبادلة دون امتداد شامل.
ثالثها، صراع واسع النطاق يجر دولًا إقليمية ودولية. وكل سيناريو يحمل تكلفة بشرية وسياسية واقتصادية عالية. من هنا تسعى إيران لرفع كلفة الحرب على الخصم. فزيادة الدفاعات الجوية والصواريخ ومقاتلات متطورة تعقد حسابات العدو. وبالتالي، قد تزيد فرص التهدئة على المدى الطويل. مع ذلك، تبقى الاحتمالات مفتوحة ومتغيرة بحسب قرارات اللاعبين.
دروس الحرب الأخيرة بالنسبة لإيران
أولى الدروس، لا غنى عن وجود قوة جوية متقدمة.
ثانيًا، الردع الصاروخي وحده لا يكفي في مواجهة هجمات جوية.
ثالثًا، التنسيق بين الجوي والأرضي والبحري ضروري.
رابعًا، الاعتماد على التكنولوجيا الخارجية يفرض دفع ثمن سياسي.
وأخيرًا، الاستثمار في التدريب واللوجستيات يساوي قيمة الطائرات نفسها.
ماذا عن احتمالات تسليح الطائرات؟
التقارير تتحدث عن أسلحة جو-جو طويلة المدى. مثل صواريخ PL-15 الصينية ذات النطاق الواسع. أما بالنسبة للروسية، فهناك أنظمة متطورة قد تدعم سو-35. ومن جهة أخرى، تعد القدرة على حمل صواريخ جو-أرض ميزة مهمة. فذلك يعزز من القدرة على توجيه ضربات دقيقة على أهداف أرضية.
العوامل التي قد تعيق التحديث
- ضغوط دبلوماسية من الولايات المتحدة وإسرائيل.
- قيود مالية ونقص في العملات الصعبة.
- حاجات لوجستية وفنية لا تتوافر محليًا بسهولة.
- مخاطر تعرض السفن أو الطائرات المنقولة للعقوبات أو الضربات.
- الحاجة لوقت طويل لبناء منظومة دفاع جوي متكاملة.
ماذا يعني كل هذا بالنسبة للأمن الإقليمي؟
أولًا، منطقة أكثر توترا وربما سباق تسلح.
ثانيًا، ازدياد خطورة أي مواجهة قادمة.
ثالثًا، تغيير في حسابات الدول حول خيارات الضرب والرد.
رابعًا، تأثيرات على المدنيين والمنشآت الحيوية في حال تجدد الحرب.
وأخيرًا، احتمالات تدخل أوسع إذا ما تعدّت المواجهات حدود اللاعبين المحليين.
خاتمة وتوصيف استراتيجي
يمكن القول إن تعامل إيران مع التحديات الجوية الآن منطقي. فبعد التعرض لضربات ميدانية، من الطبيعي أن تبحث عن حلول سريعة. الميغ-29 خيار عقد متوسط. ج-10 سي خيار رفع قدرة متعددة الأدوار.
أما سو-35 فتمثل هدفًا نوعيًا. ومع ذلك، فإن النجاح يعتمد على منظومة كاملة. ومن دونها، تظل الطائرات أهدافًا معزولة. علاوة على ذلك، فإن السعي الإيراني يقود إلى انعكاسات إقليمية. فالتحديث قد يغير قواعد اللعبة في المدى المتوسط. لكن الطريق صعب وطويل ويحتاج عملًا دوليًا وتقنيًا كبيرًا. وبالتالي، فإن مراقبة هذه العملية ستبقى محوراً مهماً في الشؤون الإقليمية.
اقرأ كذلك: واشنطن تكشف تفاصيل القوة الدولية في غزة. نتنياهو يشترط لقبولها


