صامدون في المعارك ومترددون في القرارات السياسية
قرار المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي: خطوة رمزية لكسر الحصانة التاريخية وفتح آفاق العدالة للشعب الفلسطيني
قرار المحكمة الجنائية الدولية وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين: أمل في انتصار الحق. قرار المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة رئيس وزراء إسرائيل باعتباره مجرم حرب يعكس بداية مرحلة جديدة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. حيث يحمل هذا القرار بصيص أمل في تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا. إذ يعتبر هذا التحرك الدولي خطوة رمزية. ولكنه يحمل دلالات كبيرة على إمكانية كسر الحصانة التي تمتعت بها إسرائيل منذ نشأتها، عندما فرضت نفسها كيانًا فوق القانون والمساءلة.
القرار في سياق الانتفاضة والردع الإسرائيلي
من أهم نقاط التحول أن هذا القرار لا يستهدف رئيس الوزراء الإسرائيلي وحده. بل يشمل أيضًا وزير الدفاع المقال يوآف غالانت. إضافة إلى قائد عز الدين القسام محمد الضيف. ورغم أن الأخير يُعتقد أنه قُتل في عمليات القصف الأخيرة. فإن إدراجه في قائمة الملاحقة يبرز أهمية انتفاضة “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. هذه الانتفاضة حطمت هيبة إسرائيل وزعزعت قوة الردع التي طالما اعتمد عليها جيش الاحتلال.
كسر الحصانة الإسرائيلية:
- القرار يمثل تحولًا في الرؤية الدولية تجاه إسرائيل كدولة خارجة عن القانون.
- هو بمثابة خطوة رمزية لتفكيك السردية الإسرائيلية التي تعتبر نفسها فوق البشر. كما تروج أساطيرها.
- يحمل القرار قيمة معنوية كبيرة للشعوب المضطهدة. كونه يمثل أملًا في كسر هيمنة القوة العسكرية لصالح العدالة.
تحديات ما بعد القرار
رغم أهمية القرار. إلا أنه يشكل مجرد خطوة أولى في مسار طويل من التحديات التي تواجه الفلسطينيين على مختلف الأصعدة:
- توازن القوى العسكرية:
- إسرائيل ما زالت تتمتع بتفوق عسكري كبير مدعوم من الولايات المتحدة والدول الغربية.
- حسم الصراع عسكريًا لصالح المقاومة يبدو مستبعدًا في الوقت الراهن.
- إدارة الصراع سياسيًا:
- الصراع بات أكثر تعقيدًا مع التدخلات الدولية والإقليمية لصالح إسرائيل.
- هناك ضغوط كبيرة تمارسها القوى الكبرى لإعادة صياغة المشهد بما يخدم مصالح الاحتلال.
- استنزاف الاحتلال:
- المقاومة الفلسطينية تعتمد استراتيجية الاستنزاف عبر تسجيل نقاط متفرقة ضد إسرائيل.
- استمرار المقاومة المسلحة يعزز من قوة الردع الفلسطينية ويحد من قدرة الاحتلال على تحقيق أهدافه.
المقاومة صامدة رغم الدمار
رغم استمرار القصف الإسرائيلي والدمار الذي لحق بقطاع غزة. إلا أن المقاومة الفلسطينية أثبتت أنها قادرة على الصمود ومواصلة القتال.
- نتائج القتال حتى الآن:
- بعد مرور أكثر من 14 شهرًا على المواجهات الضارية. لم تتمكن إسرائيل من تحقيق أهدافها المعلنة. مثل القضاء على حركة حماس أو استعادة الأسرى.
- الاحتلال يواجه أزمة ثقة داخلية نتيجة فشله في كسر إرادة المقاومة.
- الخسائر الإسرائيلية:
- استنزاف الموارد الإسرائيلية بسبب طول مدة الصراع.
- ارتفاع التكاليف السياسية والاقتصادية للحرب. مما يضع ضغوطًا على القيادة الإسرائيلية.
تهدئة في لبنان وخطط جديدة
مع تزايد الضغوط الدولية. اتفقت الأطراف على وقف القتال في لبنان لمدة 60 يومًا. لكن هذه التهدئة لا تعني نهاية الصراع. بل قد تكون خطوة نحو تصويب مسار المعركة.
- تفاصيل الاتفاق:
- تضمن الاتفاق بنودًا سرية في ملحق غير معلن. مما يثير الشكوك حول الأهداف الحقيقية منه.
- يعتقد أن الاتفاق يهدف إلى عزل الفلسطينيين في غزة وإضعاف المقاومة.
- الأهداف الإسرائيلية من التهدئة:
- الاستفراد بالمقاومة الفلسطينية في غزة.
- تقليل التهديدات على الجبهة اللبنانية. وخاصة من حزب الله.
- التفرغ لإعادة ترتيب الأوراق مع إيران. التي تعتبرها إسرائيل التهديد الأكبر.
مخاطر المفاوضات والضغوط الدولية
الانتقال من ميدان المعركة إلى طاولة المفاوضات يمثل تحديًا كبيرًا للمقاومة الفلسطينية.
- الخلل في ميزان القوى:
- المفاوضات تضعف موقف المقاومة. حيث تواجه إسرائيل بدعم دولي واسع.
- الضغوط السياسية التي تمارس لصالح إسرائيل قد تكون أكثر تأثيرًا من الضربات العسكرية.
- مخاوف فلسطينية:
- أن تتحول المفاوضات إلى وسيلة لفرض الإملاءات الإسرائيلية.
- استمرار الانقسام السياسي الفلسطيني يضعف الموقف التفاوضي أمام الاحتلال.
الدعم الدولي والإقليمي لإسرائيل
- الدعم الأميركي:
- الولايات المتحدة تعتبر الحليف الأكبر لإسرائيل. وتوفر لها الغطاء السياسي والدعم العسكري.
- الإدارات الأميركية المتعاقبة. سواء الحالية أو القادمة. تدعم المشاريع الإسرائيلية التوسعية.
- الأطراف الأوروبية:
- القوى اليمينية في أوروبا تدعم إسرائيل لأسباب سياسية واقتصادية.
- النفوذ الفرنسي والبريطاني في المنطقة لا يزال يعمل لصالح تثبيت الاحتلال.
- الموقف العربي:
- الأنظمة العربية منقسمة بين مؤيد لإسرائيل في السر أو العلن. وبين من يتبنى موقفًا محايدًا.
- ضعف الدعم العربي للقضية الفلسطينية يعمق الأزمة ويزيد من عزلة المقاومة.
استراتيجيات المقاومة: صمود أم استسلام؟
رغم كل هذه التحديات. فإن المقاومة الفلسطينية تواصل إثبات قدرتها على المواجهة والتصدي للمخططات الإسرائيلية.
- الخيار العسكري:
- المقاومة تعتمد على استنزاف العدو عبر حرب العصابات والعمليات النوعية.
- هذه الاستراتيجية أثبتت فعاليتها في كسر هيبة الاحتلال وتقويض خططه.
- الصمود الشعبي:
- الشعب الفلسطيني يمثل الحاضنة الأساسية للمقاومة. ويدعم استمرار النضال بكل السبل الممكنة.
- هذا الدعم الشعبي يعزز من صمود المقاومة ويضعف معنويات الاحتلال.
مستقبل القضية الفلسطينية
الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يدخل مرحلة جديدة من التعقيد. حيث تواجه المقاومة تحديات سياسية وعسكرية غير مسبوقة. ورغم التفوق الإسرائيلي المدعوم دوليًا. فإن صمود المقاومة وشجاعة الشعب الفلسطيني يمثلان حجر الزاوية في هذا الصراع.
يبقى السؤال: هل ستتمكن المقاومة من الحفاظ على مكتسباتها وتحقيق أهدافها، أم أن الضغوط الدولية ستفرض واقعًا جديدًا يخدم الاحتلال؟ الإجابة تعتمد على مدى قدرة الفلسطينيين على توحيد صفوفهم. وتعزيز استراتيجياتهم. والاستفادة من التحولات الإقليمية والدولية لتحقيق العدالة المنشودة.
اقرأ كذلك :أنفاق حزب الله الهائلة والمعقدة: هل تشكل عامل الحسم في صراعه مع إسرائيل؟