إستراتيجية علمية لتقليل أضرار الجلوس: قم بالتحرك كل 45 دقيقة
"دراسة علمية تكشف عن فوائد مغادرة المقعد كل 45 دقيقة وأداء تمارين القرفصاء لتحسين الصحة العامة وتقليل مخاطر الأمراض المزمنة المرتبطة بالجلوس الطويل"
إستراتيجية علمية لتقليل أضرار الجلوس: قم بالتحرك كل 45 دقيقة… (وصفة علمية لتقليل أضرار الجلوس: قم بالتحرك كل 45 دقيقة) إن الجلوس لفترات طويلة أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية بسبب نمط الحياة العصرية التي نعيشها. ورغم أن العديد من الدراسات العلمية قد أثبتت أن الجلوس لفترات طويلة يؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وآلام الظهر والمفاصل، إضافة إلى زيادة الوزن، والسرطان، والخرف، وحتى الموت المبكر، فإن واقع الحياة المعاصرة يفرض على العديد من الأشخاص قضاء أغلب يومهم جالسين.
العديد من الوظائف تتطلب من الأشخاص الجلوس لفترات طويلة أمام شاشات الكمبيوتر أو في المكاتب لأداء مهام مكتبية، إلى جانب أن الكثير من الأنشطة اليومية مثل القراءة أو مشاهدة التلفاز تتم في وضعية الجلوس. بالإضافة إلى ذلك، يقوم البعض بالمشي لمسافات قصيرة للغاية، مثل التنقل من المنزل إلى السيارة أو الحافلة أو المشي بين الأعمال اليومية الأخرى. وهذا يؤدي إلى ما يسمى بـ “الجلوس المستمر”، وهو نمط ضار بالصحة البدنية والعقلية.
إلا أن هناك أخباراً مشجعة قد تقدم حلاً لهذا التحدي. فقد توصلت دراسة حديثة إلى طريقة عملية وفعّالة يمكن من خلالها التقليل من الآثار السلبية المترتبة على الجلوس الطويل، عن طريق التحرك كل 45 دقيقة. في هذه الدراسة، تبين أن مغادرة المقعد لمدة قصيرة وقيام الشخص بأداء تمرين القرفصاء البسيط (السكوات) لمدة 10 عدات كل 45 دقيقة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الصحة.
(تركيز الدراسة على تمرين عضلات الجزء السفلي من الجسم)
أُجريت هذه الدراسة بواسطة فريق من العلماء من جامعة تشجيانغ في الصين وجامعة جنوب شرق فنلندا، وتم نشر نتائجها في أبريل/نيسان الماضي. وقد ركزت الدراسة على كيفية تأثير فترات التحرك القصيرة وتمارين القرفصاء على مستويات السكر في الدم والأمراض المزمنة الأخرى المرتبطة بالجلوس الطويل. شملت الدراسة أربعة أنماط رئيسية لممارسة الجلوس والنشاط البدني، وهي:
- الجلوس المستمر لمدة 8.5 ساعات دون فترات نهوض أو تحرك.
- المشي مرة واحدة لمدة 30 دقيقة بسرعة 4 كم/ساعة.
- الجلوس والمشي بالتبادل، أي الجلوس مع فترات نهوض والمشي لمدة 3 دقائق كل 45 دقيقة.
- الجلوس والقرفصاء بالتبادل، أي الجلوس مع فترات نهوض لأداء تمرين القرفصاء كل 45 دقيقة.
كانت النتائج مثيرة للاهتمام، حيث تبين أن فترات النهوض القصيرة لأداء تمارين القرفصاء كانت أكثر فاعلية في إدارة مستويات السكر في الدم بعد الوجبات مقارنةً بالمشي المستمر لمدة 30 دقيقة. وقد أظهرت الدراسة أن أداء 100 تمرين قرفصاء يومياً، مقسمة إلى 10 مجموعات بمعدل مجموعة كل 45 دقيقة، يمكن أن يساعد بشكل كبير في تحسين قدرة الجسم على تنظيم مستويات السكر في الدم، خاصةً لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.
(تمارين القرفصاء مفيدة للجميع)
أشارت أخصائية التغذية المعتمدة، ميغان كوين، إلى أن الحركات التي تنشط عضلات الجزء السفلي من الجسم تعد فعّالة جداً في خفض مستويات السكر في الدم وحرق السعرات الحرارية. وأضافت كوين، لمجلة “نيوزويك” الأمريكية، أن “عضلات الساقين والأرداف والوركين هي من أكبر وأقوى العضلات في الجسم، وهي بذلك تستهلك مزيداً من الجلوكوز أثناء التمرين وتحرق المزيد من السعرات الحرارية”.
بينما ركزت الدراسة على الرجال الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة، أكدت كوين أن فوائد تمارين القرفصاء لا تقتصر على فئة معينة من الأشخاص، بل تشمل جميع الأفراد من جميع الأعمار والأجسام. كما شددت على أهمية أن تكون هذه التمارين جزءاً من روتيننا اليومي، إذ يمكن أن تفيد أي شخص في تعزيز صحته العامة والوقاية من العديد من الأمراض المرتبطة بنمط الحياة المستقر.
(تمارين القرفصاء مهمة للقوة والتوازن والمرونة)
من الفوائد الأخرى لتمارين القرفصاء هو تأثيرها الكبير في تحسين القوة البدنية، التوازن، والمرونة. الدراسة التي أجريت في فنلندا والصين أكدت على أن التمرين المنتظم للقرفصاء يساعد في تحسين كتلة العضلات في الجزء السفلي من الجسم. وتساهم هذه التمارين في حرق الدهون واستهلاك المزيد من الطاقة، مما يجعل الجسم أكثر قوة وقدرة على أداء الأنشطة اليومية.
أخصائية فسيولوجيا التمرينات، هيذر فليتشر، أكدت على أن هذه التمارين تساعد في بناء القوة العضلية للأرجل والفخذين، وتقوية عضلات المؤخرة، مما يساهم في تحسين القدرة على أداء الأنشطة اليومية مثل المشي والصعود والهبوط على السلالم. كما أنها تساعد في تقوية العضلات المحيطة بالركبة وأسفل الظهر، مما يقلل من خطر الإصابة بإصابات رياضية.
من جانبها، أوضحت مدربة اللياقة البدنية غودين سانت جيرارد أن “القيام بتمارين القرفصاء بشكل صحيح وتكرارها يساعد في تحسين التوازن والمرونة بشكل كبير”. تنشيط العضلات الكبيرة في الجزء السفلي للجسم مثل عضلات الفخذ وعضلات المؤخرة يعزز من القدرة على التنقل بأمان ودون مشاكل في المفاصل أو العضلات.
(كيفية أداء تمرين القرفصاء الأساسي بشكل صحيح)
للحصول على أقصى استفادة من تمرين القرفصاء، من المهم أن يتم تنفيذه بشكل صحيح. يقوم خبير الطب الرياضي ماثيو كامبرت بشرح كيفية أداء التمرين بالشكل المثالي باتباع الخطوات التالية:
- الوقوف مع مباعدة القدمين بمقدار عرض الكتفين.
- توجيه أصابع القدمين قليلاً للخارج.
- دفع الوركين إلى الخلف مع ثني الركبتين كما لو كنت تجلس على كرسي.
- تأكد من أن الركبتين لا تتجهان للداخل أثناء التمرين.
- النزول بالجسم إلى الأسفل حتى يصبح الفخذان موازية للأرض أو أسفل قليلاً، مع الحفاظ على الظهر مستقيماً.
- التأكد من أن الوزن متركز على الكعبين ومنتصف القدمين.
- العودة إلى نقطة البداية بدفع الجسم للأعلى من خلال الكعبين.
يجب أن يتم أخذ شهيق أثناء النزول وزفير أثناء الدفع للأعلى. الحفاظ على التقنية المناسبة سيضمن أن الفائدة ستكون أكبر ويقلل من خطر الإصابات.
(اجعل تمرين القرفصاء أكثر تحدياً)
لمنع التكيف مع الحركة وتحقيق تطور في الأداء، يوصي الخبراء بزيادة تحدي تمرين القرفصاء مع مرور الوقت. تشير الخبيرة هيذر فليتشر إلى أن “إضافة أشكال متنوعة من القرفصاء، مثل القرفصاء العميق أو القرفصاء الحائطي. يمكن أن يستهدف مناطق مختلفة في عضلات الساق”.
عندما تصبح التمرينات سهلة أو يشعر الشخص بسرعة التعافي، يُنصح بزيادة الوزن أو التكرار. المدرب الشخصي تيم براون يوصي باستخدام أدوات إضافية مثل الدمبل أو البار لزيادة التحدي. كما يمكن ممارسة القرفصاء باستخدام وزن الجسم فقط أو باستخدام معدات مختلفة مثل الكاتل بل. الدمبل. أو شرائط المقاومة.
تمارين القرفصاء متنوعة ويمكن ممارستها في أي وقت وفي أي مكان. يمكن للأفراد أن يبدأوا بتمرين القرفصاء الأساسي. ثم ينتقلوا تدريجياً إلى القرفصاء العميق. القرفصاء الحائطي، أو القرفصاء باستخدام الأوزان لإضافة التحدي. كل هذه التمارين تعزز القوة العضلية وتساهم في تحسين اللياقة البدنية بشكل عام.
في الختام، من الواضح أن التمرين المنتظم للقرفصاء يمكن أن يكون حلاً بسيطاً وفعالاً للحد من الآثار السلبية للجلوس المطول. فالتبديل بين الجلوس والنهوض بشكل منتظم كل 45 دقيقة. مع أداء تمرين القرفصاء. يمكن أن يساهم بشكل كبير في تحسين الصحة العامة. مثل تنظيم مستويات السكر في الدم وتعزيز القوة والمرونة. هذا لا يعزز فقط الصحة البدنية بل يساهم في تحسين نوعية الحياة اليومية.
إضافة إلى ذلك. فإن تمارين القرفصاء لا تقتصر فائدتها على الأشخاص الذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن. بل تشمل جميع الأفراد من كافة الأعمار والأجسام. من خلال تنفيذ هذه التمارين البسيطة ولكن الفعّالة. يمكن للجميع الاستمتاع بفوائد صحية متعددة، وتحسين مستوى اللياقة البدنية بشكل مستمر.
اقرأ كذلك :المطبخ السوري: الانتشار العالمي نتيجة الهجرة والصراع