أمطار الخريف في شمال تركيا تُنقذ “جنة الطيور” من الجفاف
أمطار الخريف تُعيد الحياة إلى دلتا "قزل إرماق" في شمال تركيا وتُنقذ مئات الأنواع من الطيور المهددة بالجفاف، مما يُسهم في استعادة التوازن البيئي والتنوع البيولوجي في واحدة من أهم المحميات الطبيعية في البلاد
انتعاش محمية دلتا نهر “قزل إرماق” في تركيا: جنة الطيور تعتبر محمية دلتا نهر “قزل إرماق” -المعروفة أيضًا بـ”جنة الطيور”- واحدة من أبرز المحميات الطبيعية في تركيا. تقع هذه المحمية في ولاية سامسون، التي تطل على البحر الأسود في شمال تركيا. تشهد المنطقة حاليًا انتعاشًا ملحوظًا بعد تساقط الأمطار الغزيرة في فصل الخريف. عقب صيف لاهب جعل الحياة البرية في خطر.
الأهمية البيئية لدلتا “قزل إرماق”
تعتبر دلتا “قزل إرماق” مجمعًا كبيرًا للأراضي الرطبة. وقد أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” هذه المنطقة في قائمة التراث العالمي المؤقتة عام 2016. تساهم هذه الدلتا في الحفاظ على التنوع البيولوجي الفريد الذي يشمل العديد من الأنواع المهددة بالانقراض.
تغطي دلتا “قزل إرماق” مساحة تقدر بحوالي 56 ألف هكتار. مما يجعلها واحدة من أكبر الدلتا التركية. تتمتع هذه المنطقة بموقع استراتيجي، حيث تعتبر موطنًا لأعداد كبيرة من الطيور المائية والحيوانات البرية.
التحديات البيئية في الصيف
تعرضت دلتا “قزل إرماق” للجفاف خلال فصل الصيف. حيث شهدت المنطقة ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة. أثر هذا الجفاف سلبًا على الحياة البرية ومستوطنات الطيور المحلية. انخفضت مستويات المياه في 10 بحيرات تشكل جزءًا من الدلتا، مما ساهم في زيادة المخاوف بشأن استمرار الحياة البيئية.
بعض البحيرات، مثل “بالك” و”أوزون” و”غيجي”. عانت من تراجع كبير في مستويات المياه، مما أدي إلى جفافها. تعتبر هذه البحيرات موطنًا لكثير من أنواع الطيور، وكان انخفاض المياه فيها تهديدًا كبيرًا لمستقبل الحياة البرية في المنطقة.
تأثير الأمطار الخريفية
على الرغم من الجفاف الذي استمر لفترة طويلة. هطلت الأمطار الخريفية على المنطقة. واستمرت لأكثر من أسبوع. هذا الأمر ساهم في بدء تعافي الحياة البرية في المحمية. الأمطار كانت كفيلة بتجديد مستويات المياه في البحيرات وتجديد الأمل في مستقبل المنطقة.
أشار المسؤول عن محمية دلتا “قزل إرماق” للطيور. قادر يلماز. إلى أن الأمطار الأخيرة قد ساهمت في إنعاش الحياة البرية بشكل ملحوظ. قال إن المنطقة لم تشهد هطول أمطار خلال الصيف، مما أدى إلى انخفاض مستويات المياه في البحيرات. ومع ذلك. فقد أدت الأمطار الخريفية إلى استعادة المنطقة لعافيتها.
التعافي البيئي
مع هطول الأمطار، امتلأت جميع المناطق الجافة بالماء. بدأ المواطنون والزوار يرون الطيور المائية تحط في مختلف مناطق الدلتا. ووفقًا للبيانات، فإن حوالي ثلث المساحة الرطبة، التي تبلغ 21 ألفًا و780 هكتارًا. قد تعرضت للجفاف خلال الصيف.
عادت البحيرات إلى مستويات المياه الطبيعية. مما سمح للطيور والحيوانات الأخرى باستعادة مستوطناتها الطبيعية. بدأت الحياة تدب في المنطقة من جديد، وأصبح من الواضح أن جهود حماية البيئة كانت فعالة.
التنوع البيولوجي في دلتا “قزل إرماق”
تعتبر دلتا “قزل إرماق” واحدة من أغنى المناطق من حيث التنوع البيولوجي في تركيا. تضم المحمية حوالي 365 نوعًا من الطيور، من أصل 500 نوع موجودة في تركيا. تعيش 165 نوعًا من هذه الطيور في المنطقة على مدار العام. بينما تهاجر الأنواع الأخرى خلال مواسم معينة.
خلال فترة الأمطار، لوحظت زيادة ملحوظة في أعداد الطيور في البحيرات. مع تحسن مستويات المياه، أصبح من الممكن رؤية الطيور المائية تعود إلى المنطقة، مما يعكس تأثير الأمطار على البيئة المحلية. كما أشار يلماز إلى احتمال وصول طيور مهاجرة قادمة من سيبيريا خلال سبتمبر أيلول الحالي.
دور المحمية في حماية الطيور المهددة بالانقراض
تحتوي محمية “قزل إرماق” على أنواع من الطيور المهددة بالانقراض. مثل طير الغاق القزم والنسر الإمبراطوري والغرنوق والعوسق الصغير والإوزة ذات العنق الأحمر. وتعد المحمية نموذجًا يحتذى به في الحفاظ على التنوع البيولوجي.
تساهم هذه الأنواع في تعزيز التوازن البيئي. كما أن وجود 35 نوعًا من الأسماك و42 نوعًا من الثدييات و260. نوعًا من اللافقاريات و13 نوعًا من الزواحف و12 نوعًا من البرمائيات يعكس غنى الحياة البرية في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك. تحتضن “قزل إرماق” 554 صنفًا من النباتات. وفق مركز أبحاث علم الطيور في جامعة “19 مايو” في سامسون.
أهمية المساحات الخضراء والمائية
أكد يلماز على أهمية وجود المساحات الخضراء والمائية لدعم الحياة البرية. تحافظ هذه المساحات على التوازن البيئي وتساهم في توفير موائل طبيعية للعديد من الأنواع. تعد هذه المحميات مكانًا مثاليًا لمراقبة الطيور وممارسة الأنشطة البيئية. تضم المحمية مسارات مخصصة للمشي ووسائل ترفيهية أخرى. يُعتبر تعزيز السياحة البيئية جزءًا أساسيًا من جهود حماية المحمية.
التوعية البيئية والمستقبل
تتطلب حماية محمية دلتا “قزل إرماق” دعمًا مستمرًا من المجتمع المحلي والحكومة. تتضمن جهود الحماية التوعية بأهمية المحافظة على البيئة ودعم البرامج البيئية. تعتبر برامج التعليم البيئي ضرورية لرفع الوعي حول التحديات التي تواجه الحياة البرية.
يمكن أن تلعب هذه المحمية دورًا كبيرًا في الأبحاث العلمية. تُعتبر الدراسات التي تُجرى في المنطقة فرصة لفهم تأثير التغيرات المناخية على التنوع البيولوجي.
تعتبر محمية دلتا نهر “قزل إرماق” مثالاً حيًا على قدرة الطبيعة على التعافي. تعكس الأمطار الخريفية هذا الانتعاش. وتعتبر المحمية نموذجًا مثاليًا للحفاظ على التنوع البيولوجي. يتطلب الأمر جهودًا متواصلة للحفاظ على هذا التنوع وضمان استدامته.
تستمر التحديات البيئية في المنطقة. يُعتبر دعم المجتمع المحلي والجهود الحكومية جزءًا أساسيًا من النجاح في الحفاظ على هذه المحمية الطبيعية. بفضل هذه الجهود، ستظل محمية “قزل إرماق” جنة الطيور في تركيا.
اقرأ كذلك :الروس يتصدرون قائمة السياح إلى تركيا وأنقرة ترفض فرض قيود.