اتفاقية جديدة تمهد الطريق لعودة العراقيين من تركيا
التحديات والفرص: كيف تسهم الاتفاقية الجديدة بين تركيا والعراق في تنظيم عودة العراقيين وتخفيف معاناتهم في الخارج
اتفاقية جديدة تمهد الطريق لعودة العراقيين من تركيا … تحديات العودة والاتفاقية الجديدة أنقرة – يعيش العديد من العراقيين في أحياء مختلفة من المدن التركية. يواجهون تحديات الحياة اليومية من دون وثائق رسمية. يسعى بعضهم لتحسين ظروفهم الاقتصادية. بينما يبحث آخرون عن فرص جديدة. لقد وجدوا في تركيا محطة مؤقتة.
مع ذلك، يقفون الآن أمام مفترق طرق جديد. وقعت الحكومتان التركية والعراقية اتفاقية تهدف إلى تسهيل العودة الطوعية لأولئك الذين يرغبون في الرجوع إلى ديارهم. فهل ستفتح هذه الاتفاقية أبواب الأمل؟ أم ستزيد من تعقيدات حياة العالقين بين وطنين؟
توقيع مذكرة التفاهم
أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، الأربعاء الماضي، عن توقيع مذكرة تفاهم مع الحكومة العراقية. تهدف المذكرة إلى تعزيز التعاون في مجال “الهجرة والعودة الطوعية”. تأتي هذه الاتفاقية كجزء من الجهود المشتركة بين البلدين. تسعى لمعالجة قضية الهجرة غير النظامية. كما توفر آليات آمنة ومستدامة للعراقيين الراغبين في العودة إلى وطنهم.
في منشور على منصة إكس، أكد كايا أن الاتفاقية بين وزارتي الداخلية التركية والهجرة والمهجرين العراقية ستسمح للعراقيين المقيمين في تركيا بالعودة إلى بلادهم طوعياً. أوضح أن هذا التعاون يأتي في إطار الشراكة الفعالة بين البلدين في مجال الهجرة. يهدف إلى إدارة التدفقات غير النظامية. أعرب عن أمله في أن تساهم المذكرة في تعزيز العلاقات الثنائية. كما يأمل أن تحقق الفائدة لكلا الشعبين عبر تسوية أوضاع المهاجرين بشكل إنساني وفعال.
الإحصاءات الأخيرة
كشفت أحدث إحصاءات إدارة الهجرة التركية أن عدد العراقيين غير النظاميين في البلاد انخفض بشكل ملحوظ. وصل إلى 6447 شخصاً بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي. في المقابل، كان العدد 8803 أشخاص بنهاية عام 2023. يعكس هذا التراجع تأثير الجهود المكثفة التي تبذلها السلطات التركية. تهدف هذه الجهود إلى تنظيم الهجرة غير النظامية وضبط تدفقات المهاجرين.
خلال الأشهر الأخيرة، كثفت أنقرة حملاتها الأمنية. تم ترحيل 165 ألفاً و743 شخصاً من جنسيات مختلفة في سبتمبر/أيلول الماضي وحده. تظهر البيانات أن الأفغان تصدروا قائمة الجنسيات. تم توقيف 44 ألفاً و991 شخصاً منهم. في حين حل العراقيون في المرتبة السادسة بـ6447 شخصاً. تعكس هذه الأرقام الضغوط التي يواجهها العراقيون وغيرهم من المهاجرين في تركيا.
الإقامات النظامية
فيما يتعلق بالإقامات النظامية، بلغ عدد العراقيين المقيمين في تركيا بشكل رسمي 77 ألفاً و634 شخصاً بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي. يتصدر العراقيون قائمة الجنسيات الحاصلة على الإقامة السياحية في البلاد. بلغ عددهم 64 ألفاً و995 شخصاً. كما احتلوا المرتبة العاشرة بين الطلاب الأجانب في تركيا. هناك 4292 طالباً عراقياً مسجلاً في الجامعات التركية.
بينما يشير هذا العدد الكبير من العراقيين إلى الاندماج الإيجابي في المجتمع التركي، فإنه يبرز أيضاً التحديات التي يواجهها هؤلاء الطلاب. يحتاج الطلاب العراقيون إلى الدعم الأكاديمي والاجتماعي لضمان نجاحهم الأكاديمي وتأقلمهم مع البيئة الجديدة. تسعى بعض الجامعات التركية إلى توفير برامج خاصة لمساعدة الطلاب الدوليين على التكيف.
بحلول نهاية عام 2023، احتل العراقيون المرتبة الثانية من حيث عدد الحاصلين على بطاقة الحماية الدولية في تركيا. بلغ عددهم 2776 شخصاً. تعكس هذه الإحصاءات أهمية العراق كدولة مصدر للاجئين في المنطقة، مما يسلط الضوء على الأوضاع المعقدة التي يواجهها هؤلاء الأفراد.
أهداف المذكرة
أكدت أيلا دينيز، الأستاذة المساعدة بكلية الحقوق في جامعة أنقرة، أن مذكرة التفاهم تمثل خطوة مهمة. تهدف إلى تنظيم أوضاع العراقيين المقيمين في تركيا. تسعى الاتفاقية إلى تحقيق عدد من الأهداف الأساسية.
أوضحت للجزيرة نت أن الاتفاقية تركز على تسهيل العودة الطوعية للعراقيين. تنظم عمليات العودة وتنسق بين الجانبين التركي والعراقي. تضمن الاتفاقية احترام حقوق العائدين. تساهم أيضاً في إعادة إدماجهم في المجتمع العراقي بشكل سلس وآمن.
حسب الباحثة المتخصصة في دراسات الهجرة، تهدف المذكرة إلى الحد من الهجرة غير النظامية. تعزز التعاون بين البلدين في منع تدفق المهاجرين غير النظاميين. تقول إن تبادل المعلومات والخبرات سيعمل على تحسين إدارة ملف الهجرة. كما يساهم ذلك في خلق بيئة أكثر أماناً وتنظيماً.
تضيف أن الاتفاقية تعزز التعاون الأمني والإداري بين تركيا والعراق. يشمل ذلك تبادل البيانات والخبرات. يسهم هذا في مراقبة وتنظيم أفضل لعمليات الهجرة. يساهم أيضاً في معالجة التحديات الأمنية المرتبطة بهذا المجال. أشارت دينيز إلى أن هذه الجهود تأتي في سياق دولي أوسع. يسعى لمواجهة التحديات الناجمة عن الهجرة غير النظامية. أكدت على أهمية هذه الخطوات في تحقيق توازن بين حماية الحدود واحترام حقوق المهاجرين.
ضوابط العودة
أفاد مكتب الاستعلامات في دائرة الهجرة للجزيرة نت بأن عمليات العودة الطوعية في تركيا تتم وفق المبادئ الدولية. تضمن هذه المبادئ أن تكون العودة طوعية وآمنة وكريمة. أكد المكتب أنه لا يتم إعادة أي شخص قسراً إلى بلاده. سواء كان تحت الحماية المؤقتة أو الدولية. يشير المكتب إلى أن القانون الدولي يلزم بعدم ممارسة أي ضغوط على الأفراد للعودة.
أوضح المكتب أن الحكومة التركية تولي أهمية كبيرة لضمان مستوى معيشي لائق للعائدين. يتناسب ذلك مع الكرامة الإنسانية. كما أن إعادة إدماجهم في مجتمعاتهم تحظى بأولوية. يضمن ذلك استدامة عمليات العودة ونجاحها على المدى البعيد. لفت المكتب إلى أن إجراءات العودة الطوعية تتم تحت إشراف المنظمات الدولية. كما تتابع المنظمات غير الحكومية لضمان مراقبة مستقلة.
التحديات المستقبلية
مع بدء تنفيذ هذه الاتفاقية، يواجه العراقيون في تركيا مجموعة من التحديات. يتعين عليهم التعامل مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي قد تعيق عودتهم. قد يشعر البعض بالقلق حيال الأوضاع في العراق، مما قد يؤثر على قرار العودة. يحتاج الأفراد الذين يخططون للعودة إلى معلومات دقيقة حول الوضع في وطنهم.
علاوة على ذلك، يجب معالجة قضايا مثل الاندماج والتكيف. يحتاج العائدون إلى دعم نفسي واجتماعي أثناء إعادة إدماجهم في المجتمع العراقي. قد يتطلب ذلك جهوداً من الحكومة العراقية ومنظمات المجتمع المدني. يجب أن تكون هناك برامج تستهدف العائدين لمساعدتهم على التكيف مع الحياة في العراق.
التعاون الثنائي
تؤكد هذه الاتفاقية أهمية التعاون الثنائي بين تركيا والعراق. يسعى الجانبان إلى معالجة القضايا المرتبطة بالهجرة بطرق فعالة وآمنة. يتطلب تحقيق ذلك إنشاء آليات فعالة لتبادل المعلومات والتعاون الأمني.
تتضمن هذه الآليات تبادل الخبرات في مجال إدارة الهجرة. من خلال ذلك، يمكن تعزيز الفهم المتبادل للتحديات التي تواجه البلدين. كما أن تعزيز التعاون في مجال التنمية الاقتصادية يعد ضرورياً. يساعد ذلك في خلق بيئات معيشية أفضل للعائدين.
ختاماً، تفتح الاتفاقية الجديدة بين تركيا والعراق أبواب الأمل للعراقيين في تركيا. رغم التحديات القائمة، إلا أن هناك إمكانية لتحسين أوضاعهم. يجب أن تكون هذه الاتفاقية خطوة نحو استعادة الأمل للمواطنين العراقيين. كما أنها تعكس أهمية التعاون الدولي في معالجة قضايا الهجرة. إذا تم تنفيذها بشكل فعال، قد تسهم في تخفيف الضغوط على المجتمع العراقي. تساعد على تحقيق استقرار أكبر لكل من العراقيين في تركيا والعائدين إلى وطنهم.
في النهاية، ستظل هذه القضية تمثل تحدياً كبيراً. تتطلب معالجة دقيقة وتعاوناً مستمراً بين الحكومتين. يجب أن تستمر الجهود لتحقيق بيئة آمنة ومستدامة للعراقيين سواء في تركيا أو في وطنهم.
اقرأ كذلك :وسط اتهامات وتكهنات.. هل يعود صويلو، وزير الداخلية التركي السابق، إلى الحكومة؟